مع قدوم العطلة الصيفية، يتوجه الملايين من الطلاب للاستمتاع بعطلتهم وقضاء العطلة الصيفية بالمخيمات أو المنتجعات، وفي الكثير من الأحيان يدفع الآباء والأمهات أبناءهم إلى اكتساب خبرة العمل من خلال توظيفهم لفترات قصيرة في أنشطة تدريبية خلال موسم الصيف، ولكن أخيرا كشفت دراسة علمية أن أعداد الطلاب العاملين أثناء العطلة الصيفية انخفضت بنسبة كبيرة.
جاء في دراسة حديثة صدرت عن البرنامج التدريبي الشهير «سبرينغ ويك» أن الآباء والأمهات في الغرب أدركوا أنه لاحتلال أبنائهم أماكن مرموقة في الجامعات ومن ثم في مستقبل سوق العمل، سيكون عليهم إدماجهم في سوق العمل الصيفي بهدف كسب الخبرات ودعم السيرة الذاتية الخاصة بهم.
ورغم تفهم الأسر لقيمة عمل أبنائهم، إلا أن الدراسة حذرت من تراجع أعداد الشباب المنضم إلى سوق الشغل الصيفي وتأثيره على مستقبلهم.
وأشارت إلى أنه «مع تراجع أعداد الملتحقين بسوق العمل تقل الخبرات مما يقلل من إمكانات ومهارات الأجيال القادمة ويثقل كاهل أرباب العمل بتدريبات أكثر لموظفيهم»، مشيرة إلى أن تلك المشكلة تخل بميزان العدالة بين طبقات المجتمع خاصة أنه مع تساوي مستويات الشباب المتخرج يصبح حسم الوظائف «عائدا لوساطة وعلاقات الأسر ومكانتها الاجتماعية».
وأكدت دراسات حديثة أن نسبة عمل الطلاب العرب في العطلة الصيفية مازالت متدنية، كما أن الأعمال التي تتوفر في هذه الفترة جزئية وطارئة ولا تشكل موطن عمل من شأنه أن يجعل الشباب يستثمر وقته فيه بالطريقة المثلى. وقالت إن أغلب الطلاب لا يفكرون في العمل خلال الإجازات، لأنهم تربوا على الاتكال المطلق على الأبوين، خصوصا خلال فترة التعليم. وطالب علماء الاجتماع الأسر ومؤسسات المجتمع المدني بتشجيع الشباب على الانخراط في سوق العمل لاستغلال أوقات الفراغ، نظرا لأهمية العمل بالنسبة إليهم من الناحية المادية والعملية والمعرفية.
إلا أن بعض أولياء الأمور يرفضون انخراط أبنائهم في موجة العمل الصيفي خاصة إذا كان لا يتطابق مع اختصاصهم الدراسي خوفا من استغلالهم، أو أن يكون سببا في انقطاع الطالب عن مواصلة دراسته الجامعية بعد أن يصبح مستقلا ماديا.
وأوضح البحث أن «الأطفال من الأسر الأفضل حالا قادرون فعلياً على الحصول على أفضل فرص العمل»، ويظل الأطفال حبيسي دائرة الامتيازات التي يتلقونها، مثلما أثارت أم مالك هذه النقطة في مجلة «نيويوركر» وصرّحت عن ضيقها من التمييز العنصري الذي تمارسه طبقات المجتمع، ولكنها تعتقد أيضاً أن التمييز بين طبقات المجتمع الذي يمارسه العالم الواقعي ربما يكون أكثر إشكالية.
وأرجع البحث أن يكون انتشار التكنولوجيا الحديثة من ضمن أحد الأسباب التي قد تفسر هذا الانخفاض بعد أن ألغت العديد من الوظائف، فمثلا أصبح من السهل الآن عن طريق هاتفك الذكي أن تسجل مجاناً للحصول على أخبار الصباح يوميا بدلا من استلام الجريدة الورقية في صندوق البريد المنزلي الخاص بك.
ويرى خبراء أن العلاج السريع للانخفاض هو تشجيع الطلاب على العمل من خلال توفير فرص عمل بعيدة عن العمل المكتبي الرتيب والبحث على وظائف تناسب حماس وطاقة الشباب.
وأكد مختصون في قيم العمل أن أنماط التنشئة التي يتشربها الأبناء بخصوص العمل داخل نطاق الأسرة قاصرة عن إكسابهم مهارات التدرج في العمل، وأشاروا إلى أن تربية الأسرة تجاه العمل تقوم على طول مدة الإعالة بالنسبة إلى الأبناء.
وأوضحوا أن العمل في سن مبكرة يعتبر بداية تبلور هوية الشاب والاحتكاك المباشر مع سوق العمل ولو بشكل يسير، والإحساس بالقدرة على الإنتاج رغم العناية الفائقة التي يحرص الأبوان على تحقيقها لأبنائهم في أغلب الأحيان.
وحذروا من زجّ الأبناء بصورة فجائية في سوق العمل، نظرا إلى غياب الخبرة السابقة التي يفتقدها الشاب أو الفتاة في البيت والتي يفترض أن يكتسبها عن طريق تقسيم العمل وتحمل المسؤوليات، كي يكون قادرا على ولوج السوق والاندماج في المجتمع.
ويرى الخبراء أنه من الطبيعي أن يتوجّه الطلاب في العطلة الصيفية إلى العمل من أجل توفير النفقات المالية لتمويل دراستهم الجامعية والتخفيف عن أسرهم، كما أن خوض تجربة العمل في العطلة الصيفية هام بالنسبة إلى مستقبل الطلاب الوظيفي.