يرى المنشد الجزائري عبد الجليل أخروف، أن الإنشاد الديني في الجزائر لطالما كان جزءًا لا يتجزأ من الهوية الثقافية الجزائرية، لارتباطه تاريخيا بمختلف المناسبات الدينية والوطنية، قائلا إنه بالرغم من تباين في تسميات هذا الفن من منطقة إلى أخرى في الجزائر، منها القصيد، المشايخ، لخوان وغيرها، إلا أنها تصب في نفس الوعاء الانشادي الذي تغنى به الشعراء في مضامين متعلقة بالقيم الانسانية وبالوطن والدين.
أكّد المنشد عبد الجليل أخروف في تصريح لـ “الشعب”، بأن الإنشاد في الجزائر تم حصره في المناسبات الدينية والوطنية فقط، بالرغم من معالجته العديد من المواضيع الاجتماعية والانسانية، مستشهدا ببعض القاعات التابعة لدور الثقافة والاعلام، التي لم تعرف برمجة جلسات إنشادية منذ سنوات بقسنطينة، في حين أن بعض الأغاني المرتبطة بالطبوع الموسيقية الأخرى، يتم برمجتها في كل مناسبة وهو ما يجعلنا ـ يقول ـ نطرح العديد من التساؤلات حول مستقبل هذا اللون الفني الجميل.
وأضاف أنه بالرغم من الجهود التي تبذلها وزارة الثقافة، عبر برامجها من خلال تنظيم مهرجانات دولية للإنشاد، إلا أن هذه المبادرات تبقى غير كافية، لارتباطها ـ بحسب المنشد ـ بالمناسبات الدينية والوطنية فقط، ما جعل الإنشاد بشكل عام في الجزائر يترنح تحت وقع التهميش مقارنة مع باقي الطبوع والألوان الغنائية الجزائرية الأخرى، كالشعبي، المالوف، والاندلسي والقسنطيني وغيرها، بالرغم من سمو أهداف هذا اللون الفني العريق الذي يعالج في الكثير من مواضيعه، مضامين اجتماعية وانسانية، تربوية يكون لها الأثر البالغ في ترسيخ القيم وبناء المجتمع.
فالإنشاد يقول “ليس مجرد فن أو كلمات يعبر من خلالها المنشد عن مشاعر، بل هو فن ورسالة تربوية روحية تهدف إلى معالجة ظواهر اجتماعية واستبدالها بقيم إنسانية، وسط الشباب والنشء، لاسيما تلك المرتبطة بالشباب”.
ودعا الفنان والمنشد أخروف في الأخير، إلى ضرورة إعطاء الإنشاد حقه في الأنشطة والبرامج الثقافية التي تخدم المنشدين، من خلال فسح المجال أمام الطاقات الشبانية الجديدة في هذا المجال، وعدم حصر الإنشاد في المناسبات الدينية والأعياد فقط، كما شدّد على أهمية إشراك الإنشاد في جميع الحفلات التي تنظمها وزارة الثقافة لمختلف الطبوع الغنائية في الجزائر، مؤكداً أن الإنشاد جزء لا يتجزأ من الهوية الثقافية الجزائرية، ويستحق أن يحظى بالاهتمام اللائق، وجعله أداة فعالة تُسهم في بناء جيل واعٍ ومثقف، قادر على مواجهة التحديات لبناء مجتمع أفضل، وهو ما يدعو ـ يضيف ـ إلى التفكير في سبل إنقاذ هذا الفن العريق وتفعيل دوره في المجتمع، من خلال تجاوز التهميش وإعادة الاعتبار له، لتقديم فن أصيل يعكس الهوية الثقافية الجزائرية بكل أبعادها، ويسهم في تعزيز قيمنا الثقافية والروحية.