تعليمات صارمــة للمحافظـة عـلى استقـرار السـوق
لم يعد المضاربون يفرضون قبضتهم على السوق ولا منطقهم على المستهلك، وكل تلك الأفعال المستهجنة صارت من الماضي، لأنّ مصالح الرقابة أصبحت تقف بالمرصاد، ساهرة على حماية القدرة الشرائية واستقرار السوق، وبدأت هذه الظاهرة تتلاشى من فضاءات الأسواق والمحلات التجارية، بفضل قوة القانون وصرامة تطبيقه دعما للمواطن، ومنعا لمختلف أشكال الاحتكار والتحايل وحدوث أي خلل.
تخوض الجزائر بإصرار كبير، عملية اجتثاث المضاربة المقيتة، ومحاربة مختلف السلوكات المضرّة بوفرة المواد الاستهلاكية والمتسبّبة في التهابها من دون سبب، لأنّ السماسرة يحاولون تحقيق الربح السريع على حساب القدرة الشرائية للمواطن.
وفي الوقت المناسب تحرّكت مصالح الرّقابة التجارية والضبطية القضائية هذا الأسبوع، وبقوة ضد المتلاعبين بأسعار مادتيّ الموز والقهوة، فحجزت كميات وألقت القبض على أحد المتورطين في المضاربة غير المشروعة. وفي كل مرّة تبرز ظواهر مشينة تعبث باستقرار السوق، تتحرّك الرقابة من أجل تصحيح الوضع، منعا لاختلال السوق ووقوع أي ندرة سواء في المواد الاستهلاكية المدعمة واسعة الاستهلاك أو بخصوص الخضر والفواكه.
وفي السنوات الأخيرة، وخاصة خلال الشهر الفضيل، أصبحت ظاهرة المضاربة غير المشروعة فعلا معزولا من طرف الجميع، بسبب الردع القانوني من قبل الدولة وإدانة المواطنين لها، ما انعكس على استقرار أسعار المواد الغذائية انطلاقا من السوق وبداية من التجار سواء في تجارة الجملة أو التجزئة.
إنّ جهود محاصرة المضاربة والتحايل والغشّ وقطع الطريق في وجه هواة الربح السريع، بقوة وصرامة القانون، أفضت إلى تراجع كبير لهذه الظاهرة الدخيلة والتي ليس لأصحابها أي مبرّرات غير الجشع وانعدام الضمير. وتندرج عملية المحافظة على استقرار السّوق ومنع وقوع أي ندرة في ظل الوفرة الكبيرة، ضمن اهتمامات الدولة حيث تم إعطاء التعليمات اللازمة للمحافظة على استقرار السوق وضمان تموين قوي بالمواد الاستهلاكية، لا سيما الواسعة الاستهلاك والمدعمة، حماية للقدرة الشرائية للمواطن لأنه يحظى بالأولوية.
ومن مظاهر الضرب من حديد وإشهار سيف القانون، نذكر نجاح مصالح الرقابة التجارية في إجهاض العديد من عمليات المضاربة الكبرى، التي كان يرمي أصحابها إلى إلهاب الأسعار في عدة مواد، من بينها القهوة قبل شهر رمضان ومؤخّرا فاكهة الموز المستوردة، والتي كانت عملية ناجحة وجهت فيها أصابع الاتهام للمتورطين، وتم على إثر ذلك حجز كميات معتبرة من الموز، والتي كانت على أساس أن تسوّق بأسعار مبالغ فيها، وتم وقف عملية التحايل حيث يقف من ورائها تجار مزيفين و«بارونات الاحتكار”، الذين لا يحترمون القواعد التجارية، وليس لديهم أي صلة بحرفة التجارة. وتقود مصالح الرقابة معركة مستمرة من دون هوادة ضد الوسطاء والسماسرة المتحايلين الراغبين في فرض منطق الاحتكار، لجعل السوق والأسعار في قبضتهم، يلهبونها كلّما زاد الطلب حتى في ظل الوفرة.
خطوات حمائية
وهناك من يقوم برمي وإتلاف كميات كبيرة من الخضر والفواكه، حتى لا تنخفض أسعارها وتبقى تحافظ على سقف مرتفع من الغلاء الفاحش، وجاء تحديد هوامش ربح القهوة خلال عملية الاستيراد بمثابة ضربة قوية وخطوة مهمة نحو قطع دابر المضاربة غير المشروعة.
هذه الاجراءات لاقت استحسان المواطن الذي رأى فيها خطوة حمائية مهمة من الدولة عبر وزارة التجارة الوصية، والكثير من المتدخلين في ضبط السوق وفرض سلطان القانون على غرار الدرك الوطني، الأمر الذي وضع التجار المزيّفين أمام الأمر الواقع في ظل وجود نص تشريعي يدين أفعال المضاربة والاحتكار واللعب بقوت الجزائريّين، من خلال استهداف الأسواق والتأثير على تذبذب عملية التوزيع عن طريق عملية تخزين كميات معتبرة ومنع تدفقها عبر الأسواق. في وقت تعلو أصوات ومقترحات جمعيات مهنية في القطاع التجاري من أجل تسقيف أسعار الموز، حتى تنتهي ظاهرة المضاربة نهائيا في هذه المادة التي تعرف طلبا معتبرا في السوق.
وكان رئيس الجمهورية القاضي الأول في البلاد، قد أسدى تعليماته وحسم في مسألة قيام الحكومة بالحفاظ على ضمان استقرار ووفرة المواد الغذائية، والقضاء على جميع أشكال المضاربة. وجاء النص التشريعي الخاص بمحاربة المضاربة غير المشروعة لردع السماسرة والمضاربين، ومن أجل حماية القدرة الشرائية للمواطنين، وخصّ القانون أفعال المضاربة المعاقب عليها ويتعلّق الأمر بكل تخزين أو محاولة إخفاء للسلع أو البضائع بهدف إحداث ندرة على مستوى السّوق أو التسبّب في اضطراب في التموين، وتم الرفع من سقف العقوبة وتشديدها، وهذا ما ساهم في تلاشيها بشكل محسوس.