تتجه ولاية بومرداس نحو عملية التخصص في مجال الاستثمار لتفعيل القطاع والاستغلال الأمثل للقدرات الكبيرة التي تتمتع بها في ميادين هامة مثل الفلاحة، السياحة والصناعة وبالخصوص الصناعات الغذائية التحويلية والخفيفة، وهي التوجيهات التي ركز عليها والي الولاية في زياراته الماراطونية لبلديات الولاية من أجل إعادة بعث مناطق النشاطات وتهيئتها وتطهيرها من الانتهازيين..
رغم الامتيازات الكبيرة التي حملتها البرامج الاقتصادية والتنموية التي خصصتها الدولة للولاية لدفع القطاع إلى الأمام وإيجاد بدائل استثمارية عن طريق تشجيع أصحاب المبادرات وحاملي المشاريع، إلا أن النتائج في الميدان لم تتبلور بعد، حيث بقي القطاع يخطو خطوة إلى الأمام وأخرى إلى الوراء نتيجة لجملة من الأسباب الموضوعية أبرزها مشكل العقار الصناعي الذي أضحى الإشكال الحقيقي والانشغال الأول أمام المستثمرين الذين كثيرا ما عبروا صراحة عن هذا المشكل وصعوبة الحصول على عقود امتياز.
وقد استفادت الولاية خلال السنوات الماضية من عدة مشاريع خاصة بإنشاء مناطق نشاطات جديدة لجمع المستثمرين وتشجيعهم على تجسيد مشاريعهم في الميدان على غرار منطقة النشاطات لبلدية الاربعطاش وزعاترة بزموري، وأخرى تتعلق بإعادة تهيئة وتجديد المناطق الصناعية المتواجدة عبر البلديات التي تبقى الكثير منها خارج النشاط أو بنسبة ضعيفة وبالخصوص تلك المتواجدة بالبلديات الشرقية التي تأثرت كثيرا بفترة الأزمة الأمنية للتسعينيات بعدما غادر اغلب أصحاب المشاريع لهذه المناطق منها منطقة النشاطات «لدار بوني» ببغلية التي كانت محل معاينة لوالي الولاية قبل فترة، حيث لم يصمد فيها سوى مستثمرين من أصل أزيد من 20 مستثمر استفادوا من عقود امتياز، وأخرى حولت عن نشاطها وظلت بعد ذلك لسنوات دون نشاط ودون تسوية قانونية، وهو ما دفع والي الولاية في الفترة الأخيرة إلى تكثيف خرجاته الميدانية لأغلب البلديات من أجل تحسيس السلطات المحلية أولا بضرورة المبادرة لجلب الاستثمارات وبالتالي توفير مصادر دخل جديدة بعيدا عن ريع البترول وميزانية الدولة، وثانيا محاولة بعث الحياة في مناطق النشاطات عن طريق التسوية القانونية لأصحاب عقود الامتياز الذين هددهم في أكثر من مناسبة «بتجديد النشاط وبعث مشاريعهم أو التنازل عن العقود التي تحصلوا عليها في فترة ما بالدينار الرمزي لتسليمها إلى مستثمرين آخرين ينتظرون إطلاق مشاريعهم الاقتصادية في مختلف الأنشطة، مع تركيزه على فكرة التخصص من بلدية إلى أخرى حسب المقدرات وطبيعة النشاط المحلي..
هذا وتبقى عملية تطهير مدونة الملفات والمستثمرين بولاية بومرداس من فترة «الكالبي» و»الكالبيراف» من أكبر التحديات التي تواجه السلطات الولائية، بالنظر إلى تعقد وضعية القطاع وتداخله مع مسألة الأراضي الفلاحية على اعتبار أن بومرداس تحمل طابعا فلاحيا خالصا، من الصعوبة بمكان توفير جيوب عقارية صناعية حتى توضع تحت تصرف العشرات من أصحاب المشاريع، لكن الظرف الاقتصادي الصعب الذي تمر به الجزائر يحتم إيجاد بدائل والانخراط بقوة في العملية لإنعاش النشاط الاقتصادي المحلي والوطني.