آخر من يحق لهم الدّفاع عن حقوق المهاجرين

الكولون- المخـزن..عندما يرافع الفُجّار عن الشّرف!

علي مجالدي

 تاريــخ مشـترك مشـين فـي توظيـف الملـف للمساومــة والابتــزاز

 اخرســوا..الجزائــر نمـوذج فـي  رعايـــة المهاجريـن إنسانيــا بشهـــادة منظّمـــات دولية

 مع تصاعد حملات التضليل الإعلامي الممنهجة ضد الجزائر، شنّت عدة وسائل إعلام فرنسية ومغربية، خلال اليومين الأخيرين، هجومًا منسّقًا في محاولة فاشلة لترويج صورة مشوّهة عن كيفية تعامل الجزائر مع المهاجرين الأفارقة القادمين من منطقة الساحل. وقد تعمّدت هذه المنابر تجاهل الحقائق الثابتة، مروّجة لسرديات مفبركة تتنافى مع الواقع ومع السياسات التي تطبّقها الجزائر منذ سنوات، في إطار التزامها بالاتفاقيات الدولية والمبادئ الإنسانية المتعلقة بتنقل الأشخاص وحماية اللاجئين والمهاجرين.


 وبينما تُتّهم الجزائر زورًا بترحيل مهاجرين أفارقة بشكل قسري، تبرز المفارقة الصارخة عندما نُمعن النظر في واقع الدول التي تُطلق هذه الأكاذيب، فرنسا، التي يتحكّم في مصيرها اليوم تيار يميني عنصري متطرف، تُمارس علنًا سياسة الترحيل القسري بحق المهاجرين بشكل ممنهج، بمن فيهم من يمتلكون وضعيات قانونية سليمة منذ سنوات طويلة.
فمشروع قانون الهجرة الذي دافع عنه اليمين المتطرف، ينص بوضوح على تسريع إجراءات الطرد، وإلغاء الضّمانات القانونية التي يتمتع بها بعض الفئات، في تجاهل سافر للمواثيق الدولية لحقوق الإنسان.
علاوة على ذلك، لا تخفي التصريحات اليمينية النظرة النمطية السلبية تجاه المهاجرين، حيث يُصوّرونهم كتهديد أمني وثقافي، لا كأفراد ساهموا بشكل فعّال في بناء دولهم، فالأمر لا يتوقف عند استعداء المهاجرين أو إدانتهم معنويا بل امتد إلى المساس بمعتقداتهم وحريتهم الدينية.
إذ لا تتقبّل التيارات اليمينية الخاضعة للكراهية، مجرد ارتداء النساء للحجاب في الأماكن العامة أو أثناء ممارسة الرياضة، وقد شارك وزير الداخلية الحاقد قبل أسابيع قليلة، في مهرجان ضخم نظّمته شبكة داعمة للكيان الصهيوني خصيصا للتنديد بالحجاب.
بالإضافة إلى هذه السياسة الداخلية الإقصائية بشكل واضح، لم تتوقف فرنسا في السنوات الماضية عن محاولة إقناع دول جنوب المتوسط، بلعب دور “حاجز بشري” لمنع تدفقات المهاجرين نحو أوروبا.
غير أنّ الجزائر، المتمسّكة بمبادئها السيادية، رفضت بكل وضوح هذا الطرح المهين الذي يتعارض مع قيمها ومع قواعد القانون الدولي، ورفضت أن تتحوّل إلى معسكر احتجاز للمهاجرين الأفارقة الساعين لحياة أفضل.
في سياق متصل، يظهر النّفاق السياسي الفرنسي عندما تتجاهل وسائل إعلامها واقع أن الجزائر تعاملت مع المهاجرين الأفارقة الموجودين على أراضيها، بشكل طوعي وإنساني، مقدمة لهم الرعاية الصحية، والمساعدات الاجتماعية، ومساحات واسعة للاندماج المؤقت، إلى أن يقرّروا طواعية العودة إلى بلدانهم الأصلية. وقد تم في هذا السياق تنظيم رحلات عودة بالتنسيق مع بلدانهم الأصلية، وفق اتفاقيات ثنائية تضمن كرامتهم وحقوقهم.
المغرب..يد ملطّخة بدماء الأفارقة
 كذلك، لا يقل سلوك النظام المغربي فظاعة في التعامل مع ملف الهجرة. فرغم محاولاته العبثية تلميع صورته كشريك موثوق لأوروبا، لا يتورع عن استخدام المهاجرين الأفارقة وحتى المغاربة منهم والقصر كورقة ضغط سياسي، بل وذهب إلى حد ارتكاب مجازر موثقة ضدهم. فالعالم لم ينس مشاهد المجزرة الرهيبة في مليلية في أوت 2022، حيث قُتل ما لا يقل عن 23 مهاجرًا إفريقيًا بطريقة وحشية على يد الشرطة المغربية أثناء محاولتهم عبور الحدود نحو جيب مليلية الإسباني، في ما وصفه خبراء أمميون بجريمة كشفت “التحيزات العنصرية العميقة” في سياسات مراقبة الحدود. علاوة على ذلك، أكّدت تقارير الأمم المتحدة أن الضحايا لم يُعاملوا مع الحد الأدنى من معايير الإنسانية، بل تم تجاهل أوضاعهم الصحية والمعيشية بطريقة ممنهجة.
بالإضافة إلى هذه الوقائع، يستغل النظام المغربي المهاجرين كورقة ابتزاز تجاه الاتحاد الأوروبي للحصول على مزيد من التمويلات والمزايا السياسية، متناسيًا أن معاملة المهاجرين كأدوات ضغط يتعارض مع أبسط مبادئ الكرامة الإنسانية، ومع روح القوانين الدولية التي تحكم حماية اللاجئين والأشخاص النازحين.
وفي سياق متصل، يؤكّد الواقع أنّ الجزائر تبني علاقتها مع المهاجرين الأفارقة انطلاقًا من تاريخها التحرري، وانتمائها الإفريقي، وفهمها العميق للعوامل البنيوية التي تدفع هؤلاء للهجرة، مثل الفقر والنزاعات وتغير المناخ. ولهذا، فإنّها تعاملهم كبشر لهم حقوق، وليس كأدوات تفاوضية. كما أنّ الشعب الجزائري ذاته أظهر عبر مئات المبادرات التضامنية مع المهاجرين مواقف إنسانية نبيلة، عزّزت صورة الجزائر كملاذ كريم، لا كأرض طرد وإذلال.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19757

العدد 19757

السبت 26 أفريل 2025
العدد 19756

العدد 19756

الخميس 24 أفريل 2025
العدد 19755

العدد 19755

الأربعاء 23 أفريل 2025
العدد 19754

العدد 19754

الثلاثاء 22 أفريل 2025