ثلاث منصات جديدة لتسيير المعاملات التربوية..وزير التربية:

تجسيد أوامر الرّئيس تبون بترسيخ الشفافية والنزاهة في الإدارة

خالدة بن تركي

التحـــوّل الرقمـي بقطــاع التربيــة..السرعة القصوى       

تأمين فضاء الإنترنت لحماية التلاميذ داخل المدارس وللأستاذة كافة الصلاحيات

أكّد وزير التربية الوطنية، محمد صغير سعداوي، أمس، التزام قطاعه بجعل التحوّل الرقمي في قطاع التربية “شاملا وفعّالا” ضمن ديناميكية تشاركية، تقوم على الحوار وحسن الإصغاء كركيزتين أساسيتين، وأعلن عن مواصلة تطوير هذا التوجّه من خلال إطلاق ثلاث خدمات رقمية جديدة، تهدف إلى عصرنة المدرسة وتسهيل تواصل الإدارة مع المواطنين.

أكّد سعداوي، خلال افتتاحه أشغال الندوة الوطنية حول تقييم التحول الرقمي في القطاع، والمنعقدة بمركز المؤتمرات عبد اللطيف رحال، وبحضور وفد وزاري هام ورؤساء هيئات وطنية ودستورية، “أنّ رئيس الجمهورية يولي اهتماما خاصا ويتابع بصفة شخصية ودورية مسار التحول الرقمي في مختلف القطاعات”.
هذا الاهتمام - بحسب الوزير - شجّع دائرته الوزارية “على المضي قدما في هذا التوجّه”، موضّحا أنّ اللقاء يهدف إلى تقييم ما تم تحقيقه في مجال التحول الرقمي داخل القطاع، ورصد أداء النظام المعلوماتي في السنوات الماضية. وأوضح الوزير بخصوص الخدمات الرقمية الجديدة، التي أعلن عن إطلاقها، أنّ الخدمة الأولى تتعلّق بالنسخة الجديدة للموقع الإلكتروني الرسمي لوزارة التربية الوطنية، بحيث سيصبح محدّثا وسريع الوصول، كونه صُمّم وفق معايير حديثة، تتيح للمستخدمين الاستفادة من خدماته بشكل أفضل وأيسر.
أما الخدمة الثانية، فتتمثل في إطلاق منصة “موعدي” لتوثيق الشهادات، استجابة للطلبات اليومية التي تصل إلى الوزارة بخصوص توثيق الشهادات، حيث تم إنشاء هذه المنصة الرقمية التي تنظم العملية وتسيّرها، أمّا الخدمة الثالثة فتتمثل في إطلاق نظام الاستبيانات واستطلاعات الرأي لقطاع التربية الوطنية، هذه الخدمة تهدف إلى تعزيز المشاركة والتشاور، من خلال استطلاع آراء جميع المعنيّين بالقضايا التربوية.

بنـاء مدرسـة عصريـة

 وأكّد الوزير أنّ هذه الخدمات والمنصات الجديدة تأتي ضمن جهود بناء مدرسة عصرية، وتمكين المواطنين من الاستفادة من خدمات تربوية حديثة، وتقريب الإدارة من المواطن وإشراكه في صناعة القرارات ذات الصلة بالتربية الوطنية، وهي منصّات سهلة الاستخدام متوفرة على أعلى درجات الأمان، بما يجسّد الالتزام الثابت بتقديم حلول رقمية واقعية لخدمة المدرسة الجزائرية والمجتمع.
وأفاد في ذات السياق، أنّ الوزارة تعمل على تقييم مدى انسجام التحوّل الرقمي مع الإستراتيجية الوطنية للتحول الرقمي، ومع متطلبات الربط بين القطاعات، كما تلتزم بالتوجيهات الصادرة عن المحافظة السامية للرقمنة والوكالة الوطنية لأمن الأنظمة المعلوماتية، وبالمقتضيات القانونية الخاصة بحماية المعطيات الشخصية، وهذا لتطوير المنظومة الرقمية والنظام المعلوماتي وفق المحدّدات الإستراتيجية.
كما صرّح مسؤول القطاع أنّ هذه الندوة، تمثل محطة محورية لتقييم مدى التقدّم المحرز، والوقوف عند أبرز التحديات التي ما تزال مطروحة أمام مستخدمي نظام المعلومات القطاعي، سواء كانت ذات طابع تنظيمي، تقني، مادي، بشري أو مرتبطة بجوانب الإعلام والتحسيس، كما تم طرح التصورات وتقديم الاقتراحات لتجاوز مختلف الإشكاليات المطروحة، بما في ذلك المسائل المرتبطة بأمن المعلومات وحماية المعطيات ذات الطابع الشخصي.

تحســين الإجــراءات

 وتهدف الندوة - حسب الوزير - إلى تحسين الإجراءات والعمليات التي تتم معالجتها عبر النظام الرقمي المعتمد بالقطاع، تعزيز الثقافة الرقمية في قطاع التربية، الارتقاء بمستوى الوعي الجماعي حول مخاطر الأمن السيبراني بهدف ضمان بيئة رقمية آمنة مستقرة داخل المؤسسات التربوية، تصميم وتطوير نسخة جديدة من النظام المعلوماتي لقطاع التربية تستجيب لمتطلبات التحول الرقمي للبلاد وطلعات الأسرة التربوية وأولياء التلاميذ والمتعاملين في القطاع.
وأكّد سعداوي، أنّ اللقاء سيساهم في تحسين الأداء الرقمي للقطاع وتطوير الخدمات المقدمة لفائدة الجماعة التربوية بمختلف مكوناتها، بما يشمل التلاميذ وأولياء الأمور والأساتذة والموظفين، مع استشراف آفاق جديدة لرقمنة عمليات أخرى أساسية بما يساهم في تعزيز الحكامة الرقمية وتكريس الفعالية المؤسّساتية، وفق الإستراتيجية الوطنية للتحول الرقمي. وقال أيضا، إنّ مسار رقمنة القطاع يتطلب تقييما دوريا مستمرا بانخراط جميع أفراد الجماعة التربوية، لضمان التطوير المستدام وتحقيق الأهداف المنشودة. وقد مكّن النظام المعلوماتي الحالي من تبسيط الإجراءات الإدارية لفائدة التلاميذ والأساتذة، من خلال توفير عدة خدمات رقمية منها، تسجيل التلاميذ وتحويلهم وإعادة إدماجهم واستخراج كشوف علاماتهم الفصلية، استخراج شهادات العمل والخدمات المختلفة لفائدة الموظفين، وتسيير نظام تقييم مكتسبات التعليم الابتدائي.
كما ساهم النظام في تسهيل إجراءات التنقل السنوي ودخول وخروج الموظفين عبر المؤسّسات التعليمية، تسيير عمليات التوظيف عن طريق التعاقد، تسهيل الحصول على السكنات الوظيفية، تسجيل التلاميذ في الامتحانات الرسمية والمسابقات المهنية، توفير خدمات الدفع الإلكتروني لحقوق التسجيلات والإطلاع على نتائج الامتحانات المدرسية.

تصــوّر شامل لتطويـــر نظــام المعلومـــات

 صرّح الوزير أنّ هذه الخدمات الرّقمية خضعت لدراسة وتقييم دقيق على مستوى المقاطعات التفتيشية، ثم على المستويات الولائية والجهوية، وصولا إلى الندوة الوطنية الحالية، التي تهدف إلى جمع الملاحظات والخلاصات لصياغة تصوّر شامل لإستراتيجية تطوير نظام المعلومات، مع الأخذ بعين الاعتبار أحدث التقنيات الرقمية والملاحظات المسجّلة.

التّعليـم عــن بُعـد

 وأفاد في السياق، أنّ قطاع التربية الوطنية قطع أشواطا معتبرة في مجال التعليم عن بعد، حيث وفّرت الوزارة منصات رقمية تحتوي على محتويات بيداغوجية وفروض إلكترونية لفائدة المتعلمين المنتسبين للديوان الوطني للتعليم والتكوين عن بعد، كما تم تجهيز العديد من المدارس الابتدائية بلوحات إلكترونية رقمية وتطبيقات خاصة لإدارة الكتب المدرسية الرقمية، لفائدة تلاميذ السنوات الثالثة والرابعة والخامسة ابتدائي.
وتأتي هذه الإنجازات تجسيدا لتعليمات رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، الرامية إلى تحقيق الشفافية والنزاهة والقضاء على الضبابية في التسيير الإداري، ممّا يساهم في تحسين إدارة الموارد وتقليل التكاليف والإجابة الزمنية، عبر لامادية الإجراءات الإدارية.
وتحرص الوزارة بجدية على السعي لتوظيف أحدث التقنيات الحديثة، مثل الواقع الافتراضي، والواقع المعزّز، والتعلّم الآلي، بالإضافة إلى الاستفادة من الذكاء الاصطناعي، بما يتماشى مع واقع ومستقبل التربية الوطنية، وتسعى الوزارة من خلال هذه الجهود إلى تعزيز بيئات التعلّم التفاعلية، وتقديم محتوى تعليمي مبتكر يلبّي احتياجات الطلاب المختلفة، ويرفع من مستوى جودة التعليم.
وأبدى حرصه على تنفيذ ذلك بالتنسيق مع الشركاء المؤسّساتيّين، وعلى رأسهم المحافظة السامية للأمن السيبيراني، التي تتولى تصميم وتسيير الإستراتيجية الوطنية للأمن السيبراني، وكذا الوكالة الوطنية للأمن السيبراني والوكالة الوطنية لحماية البيانات ذات الطابع الشّخصي، مع مواصلة التعاون مع مختلف القطاعات المعنية الأخرى.
وأكّد وزير التربية أنّ الرقمنة ليست خيارا تقنيا فحسب، بل هي مسؤولية جماعية، ومكسب سيادي واستراتيجي يساهم فيه جميع الكفاءات، كما أشار في ذات السياق إلى المساهمة الفعالة لموظفي القطاع والتزامهم الكبير في إنجاح هذه العملية الوطنية الشاملة، بالإضافة إلى جميع المشاركين والمساهمين من خارج القطاع، لما قدموه من إسهامات قيمة، والتي ستساعد في الوصول إلى نسخة مطورة من نظام المعلومات القطاعي للتربية الوطنية.
وقدّم سعداوي التماسا رسميا لوكالة أمن الأنظمة المعلوماتية، لتأمين فضاء الإنترنت الذي يبحر فيه التلاميذ، مشيرا إلى أنّ مصالحه تعمل على مراقبة الخدمات المقدمة داخل الأقسام من خلال أنظمة الأمان المتاحة، لكنها غير مسؤولة عن عمليات إبحار المتمدرسين، بهواتفهم النقالة خارج أسوار المدارس.
وأكّد الوزير في الختام، أنّ للأستاذ كافة الصلاحيات لتسيير ومراقبة الأجهزة المستعملة داخل الأقسام، والتحكّم فيها داخل وخارج قاعة التدريس، كما أنّ مراقبة أجهزة المتمدرسين داخل المؤسّسات التربوية من مسؤولية وزارة التربية، لكن خارج المدارس التلاميذ يبحرون بهواتفهم النقالة ومختلف الأجهزة المتطورة بعيدا عن الرقابة، ما يعرضهم لخطر الهجمات الفيروسية، ممّا دفعه لتقديم طلب رسمي لمدير الوكالة الوطنية لأمن الأنظمة المعلوماتية بتأمين فضاء الإنترنت الذي يبحر فيه المتمدرسون، خارج المؤسّسات التربوية.

ثــورة رقميـة

 من جهته مدير الأنظمة المعلوماتية بوزارة التربية الوطنية غانم عمارة، قال في مداخلة له، إنّ الجزائر تعيش ثورة رقمية حقيقية بفضل التوجهات الحكيمة لرئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، وتقودها الإستراتيجية الوطنية للتحول الرقمي، التي تم إعدادها من طرف المصالح المختصة وعلى رأسها وزارة المحافظة السامية للرقمنة.
وأضاف أنّ هذه الإستراتيجية تسعى إلى توفير بيئة رقمية آمنة، تضمن حماية حقوق وحريات الأفراد، وتحترم خصوصياتهم، عبر أطر تنظيمية وتشريعية مناسبة، وقد انخرطت جميع القطاعات في هذه الثورة الرقمية، ولم يكن قطاع التربية الوطنية بمعزل عن هذا التحول، بل كان من أوائل القطاعات السباقة إلى تبني الرقمنة، سواء من خلال برمجياته أو خدماته أو تسيير مؤسّساته.
ولفت المتحدث إلى الجهود والمبادرات الميدانية التي تم إنجازها، مؤكّدا أنّ أي تقييم موضوعي لا بد أن يستند إلى معطيات واقعية ونتائج ملموسة، وأضاف أنّ هذه الجهود شملت عدة محاور إستراتيجية، بدءا من التحركات الميدانية، مرورا إلى إطلاق مشاريع رقمية تهدف إلى تحسين العمليات التربوية.
وأكّد الندوة الوطنية حول التحوّل الرقمي في قطاع التربية، على أهمية مواصلة العمل لبناء مدرسة عصرية تعتمد على التكنولوجيا الحديثة، وتم إطلاق خدمات ومنصات رقمية جديدة لتسهيل المعاملات وتحسين التواصل مع المواطنين، كما شدّد المشاركون على ضرورة حماية التلاميذ أثناء تصفّح الإنترنت، والعمل المشترك لتحقيق تحول رقمي شامل يخدم المدرسة والمجتمع.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19757

العدد 19757

السبت 26 أفريل 2025
العدد 19756

العدد 19756

الخميس 24 أفريل 2025
العدد 19755

العدد 19755

الأربعاء 23 أفريل 2025
العدد 19754

العدد 19754

الثلاثاء 22 أفريل 2025