أكّد رئيس جمعية حماية المستهلك (قيد التأسيس) بتيبازة حمزة بلعباس على أنّ السياسة المنتهجة حاليا في مجال الوقاية من حوادث المرور لا يمكنها أن تأتي ثمارها ما دامت لم تشخّص المشاكل الحقيقية التي تتسبب في ذات الحوادث ولم يتم عرض الظاهرة للدراسة على مختصين مع التجسيد الميداني لتوصياتهم .
وفي ذات السياق فقد أشار حمزة بلعباس إلى أنّ جلّ حملات التحسيس والتوعية التي تباشرها مختلف المصالح المعنية بحوادث المرور لم ولن تكون مجدية بحيث أثبت الواقع بأن الحوادث لم تتوقف ولم يتقلص معدلها السنوي، كما أنّ الأضرار المترتبة عنها لم تنخفض هي الأخرى بل أضحت في تزايد مثير ومقلق، ولاسيما حين تتم ذات الحملات في المدارس ومراكز التكوين المهني فهي تبقى بعيدة كل البعد عن الواقع المعيش بالنظر إلى كون الأبناء لا يمكنهم توصيل الرسالة إلى آبائهم خارج أوقات السياقة وهي الأوقات التي يختلي فيها السائق بنفسه أو ربما يكون عادة مع غير الذين شهدوا واستفادوا من حملات تحسيسية وحتى الأخصائيين النفسانيين يؤكّدون في دراساتهم وأعرافهم بأنّه لا يعقل بأن يتقبل الفرد نصائح تتعلق بأشياء يدركها ويعيها جيّدا وبطريقة تقليدية جدا ومن ثمّ فقد إقترح رئيس جمعية حماية المستهلك دراسة معمقة لشخصية الجزائري الذي يعيش كبتا داخليا رهيبا يضطر للكشف عنه عبر الطرقات على شاكلة ما هو قائم بملاعب كرة القدم والأمر يزداد تعقيدا حينما لا يجد السائق موضعا آخر غير الطريق للتعبير عن مهاراته وقدراته الشخصية بحيث تراه يجتهد في أن يظهر في أحسن حال أمام غيره فلا الإجراءات الردعية تخيفه ولا حملات التحسيس والتوعية تؤثر عليه لأنّه يعتبر الأولى تقييدا لحرياته وظلما لشخصه فيما يعتبر الثانية ظاهرة تجاوزها الزمن ولم تعد توافق المستوى المعيشي الذي بلغه .
على صعيد آخر يؤكّد رئيس جمعية حماية المستهلك بأنّ سياسة العقاب الجماعي المنتهجة في الجزائر من خلال نصب المزيد من الممهلات عبر الطرقات زادت الطين بلّة وزادت من عناد السائق الجزائري الذي يضطر حينها للتحدي لاسيما حينما يكتشف بأم عينيه بأنّ معظم الممهلات التي نصبت عبر الطرقات تحولت أطرافها إلى مراكز تجارية نشطة ويكتشف أيضا بأن الخلفية الرئيسية من نصب الممهلات تتعلق بممارسة التجارة وليس بالحد من حوادث المرور مع غض الطرف من طرف الجهات المعنية عن هذه الممارسات غير الشرعية ويستحيل اقناع السائق في هذه الحالة بضبط النفس واحترام القانون الذي يجده مجحفا في حقه في الكثير من الحالات التي يتعلق بعضها بانعدام إشارات المرور في مواضع حساسة وعدم توافق ذات الإشارات مع طبيعة الطرقات أحيانا كما أنّ الحفر الناجمة عن إنجاز مشاريع عمومية أو خاصة أو ربما عن المؤثرات الطبيعية المختلفة عبر مختلف الطرقات لا توليها الجهات المعنية اهتماما وتبقى على طبيعتها لفترات طويلة مما يزيد من تعنت السائق الذي يجد نفسه أمام خصم افتراضي يملأ الطريق بالحواجز والعوائق لحثّه على خفض سرعة مركبته التي خسر عليها أموالا كبيرة
وباهضة، ومهما اجتهدت الجهات المعنية بالترويج لتحسن حال الطرقات عندنا فإنّ الواقع يشهد بأنّ عمليات تحيين المشاريع الانمائية تجعل من مشاريع تهيئة وتعبيد الطرقات بمئات الملايير لاحدث بالنظر الى الحالة المتردية التي تتحول اليها ذات الطرقات الأمر الذي يؤثر سلبا على نفسية السائق ويرغمه على مضاعفة السرعة في مواضع تليق بذلك .
وليست حالة الطرقات المهترئة وتحول أجزاء كبيرة منها لممارسة التجارة غير الشرعية هي الوحيدة التي تؤثر سلبا على نفسية السائق فيزيد من السرعة وإنما يبقى ملف قطع الغيار المغشوشة التي تسوق ببلادنا على أنها من الاختيار الثاني أو الثالث وكذا طبيعة المهام الموكلة لبعض السائقين المعنيين بتوصيل السلع
والمسافرين نقاطا أساسية وجب البحث فيها حسب ما أكّد عليه رئيس الجمعية، بحيث أكّدت الاحصائيات الرسمية والوقائع الميدانية بأنّ القسط الأكبر من الحوادث المميتة يتسبب فيها سائقو حافلات نقل المسافرين والشاحنات وكذا ناقلو السلع إضافة إلى المتهورين الشباب ومعظم هؤلاء لا تعنيهم طبيعة
ونوعية قطع الغيار التي يقتنونها لمركباتهم لأنّ همهم الوحيد هو الربح السريع وكسب المال الوفير في أوقات قياسية ومن ثمّ فلا مجال للتوعية والتحسيس دون تجسيد حلول علمية وتقنية يؤطرها مختصون على أرض الواقع .