حقّقت الصادرات الجزائرية خارج المحروقات خلال السنوات الأخيرة قفزة نوعية، وسجّلت قيمتها ضعف ما كانت عليه سنة 2020، حيث تقدّر حاليا بـ 7 مليار دولار، مقابل 3.8 مليار دولار في الفترة المذكورة.
ترمي استراتيجية رئيس الجمهورية إلى بلوغ 29 مليار دولار من الصادرات غير النفطية بحلول 2030، وهذا ما يسمح إضافة إلى رفع مداخيل الخزينة العمومية، بتنويع الاقتصاد وتوفير فرص عمل أكثر، ومنه خفض نسبة البطالة إلى حدود أدنى.
أولت إستراتيجية رئيس للجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، أهمية لقطاع التجارة، التي أصبحت مقسّمة الى تجارة داخلية وأخرى للتجارة الخارجية وترقية الصادرات من أجل تركيز العمل لكل منهما على حدة، ويدخل هذا في إطار إعادة تنظيم التجارة خاصة الصادرات خارج المحروقات، مع ضمان توفر المواد الاستهلاكية ووفرتها على الصعيد الداخلي.
وشدّد الرئيس تبون في مناسبات عديدة على ضرورة الخروج من التبعية للمحروقات، التي تتأثر بالتغيرات الجيوسياسية، والتي تؤثر بدورها على مداخيل الخزينة وترهن بالتالي عجلة التنمية. لكن وفي الوقت نفسه حرص على توفير كل السلع في السوق الداخلية، وأمر في وقت سابق بتنظيم التجارة وضبط الصادرات خارج المحروقات حتى لا تتحول إلى نقمة، وتتسبّب في ندرة المنتجات، ولتفادي ذلك تقرّر إنشاء 20 ألف مؤسسة من شأنها تعزيز الإنتاج وتصدير الفائض منه.
تدابـــــــــــــــــــــير تحفيزيــــــــــــــــــة
ولتشجيع الصادرات خارج المحروقات وضعت الجزائر إستراتيجية لتشجيع الاستثمار المحلي، وجلب الاستثمارات الخارجية لزيادة الإنتاج المحلي تحقيقا للاكتفاء الذاتي ومنه الذهاب الى التصدير، وهذا يساهم في تقليص فاتورة الاستيراد وخفض الأسعار داخليا تدريجيا مع توفر المنتجات. وقد اتّخذت في سبيل ذلك إجراءات تشجيعية منها تحفيزات مالية وضريبة، ومراجعة قانون الاستثمار لتحسين المناخ والعقار الصناعي، بما في ذلك عقد شراكات مع دول أخرى، وهو ما شرعت فيه على غرار الشراكة مع إيطاليا لإنجاز مشروع ضخم بولاية تيميمون لإنتاج الحبوب والصناعات الغذائية، الشراكة مع قطر لإقامة مشروع لتربية الأبقار وإنتاج الحليب المجفف ومشتقاته في ولاية أدرار بقيمة 3.5 مليار دولار، ومن المقرر أن يدخل حيز الإنتاج بداية 2026، وغيرها من الشراكات التي ينتظر أن تدخل الإنتاج قبل انقضاء العهدة الثانية للرئيس السيد عبد المجيد تبون.
استغـــــــــــــلال أمثــــــــــــــــل
وفي إطار استغلال الموارد خارج المحروقات، توجّهت الجزائر لتصدير الطاقات النظيفة والمتجددة، على غرار تصدير الكهرباء والهيدروجين الأخضر، إذ تنتج ما مجموعه 25 جيغاوات من الكهرباء بتحويل الغاز، ما يعني أنها تصدر الفائض في الإنتاج والمقدر بـ 7 جيغاوات، ومع ما تمثله الكهرباء من أهمية في الصناعة والاقتصاد، والموثوقية التي تتمتع بها الجزائر في محال التزويد بالطاقة سواء الأحفورية أو المتحددة، فإنّ ذلك يجعلها لاعبا أساسيا في خارطة الطاقة الدولية، ويدر مداخيل هامة للخزينة العمومية.
وفي السياق نفسه، تطمح الجزائر لتصبح قطبا إقليميا وعالميا في إنتاج الهيدروجين الأخضر، لما تتوفر عليه من إمكانيات تؤهلها لذلك، منها توفّر الموارد والموقع الجغرافي القريب من أوروبا، والتوجه العالمي المتزايد للطاقات النظيفة، كلها تجعل من الاستثمار في المجال فرصة لتنويع الاقتصاد الوطن، وزيادة مداخيل الخزينة والتحرر من التبعية للنفط.
وتتطلّع الجزائر لإنتاج نحو مليوني طن من الهيدروجين الأخضر في الفترة بين 2030 و2040، بقيمة تتراوح بين 25 و30 مليار دولار بحسب تقديرات وزارة الطاقة والمناجم. وفي السياق طرحت مناقصات دولية لإنتاج 15 ألف ميغاوات من الكهرباء المنتجة من الطاقات النظيفة، وذلك في إطار الخيارات الإستراتيجية للدولة الجزائرية باستغلال الهيدروجين الأخضر وإنتاجه في الجنوب الكبير ثم تصديره إلى أوروبا عبر ممر “كوريدور اش 2”، الذي يمر عبر إيطاليا ثم النمسا فألمانيا، وهو ما يضمن لها نسبة من السوق الأوروبية لا تقل عن 10 بالمائة إنتاجا وتصديرا.
يذكر أنّ رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، كان ترأّس اجتماعا خصّص للصادرات، وقال وزير التجارة الخارجية وترقية الصادرات، محمد بوخاري، إنه تم التأكيد على ضرورة تضافر جميع الفاعلين والفعالية في الأداء لتحقيق الأهداف المسطرة في مجال رفع الصادرات خارج المحروقات، من خلال استراتيجية تقوم على تنويع الصادرات، وتضافر جهود جميع الفاعلين دون استثناء، وضمان الفعالية في الأداء، إضافة إلى التطبيق الصارم للقرارات.