تشكّل أولوية تجسيد المشاريع الثقافية المسجلة بولاية بومرداس ومنها المكتبات البلدية وقاعات المطالعة تحدّ آخر للمجالس الشعبية المنتخبة المنبثقة عن الانتخابات المحلية والولائية الأخيرة، بالنظر إلى أهميتها في تفعيل المشهد الثقافي والفكري المحلي وإعادة تحبيب مفهوم القراءة لدى الناشئة وتلاميذ المؤسسات التعليمية وهذا بخلق فضاءات للعلم تكون مقصدا لهم في أوقات الفراغ وأثناء الحاجة إلى المعرفة ونقطة ارتكاز في الانطلاقة المستقبلية لأجيال الغد..
لقد تابعنا لأيام أطوار الحملة الانتخابية وتدخلات المترشحين على مدى ثلاثة أسابيع عبر مختلف اللقاءات الجوارية والتجمعات الشعبية علنا نسمع نصيب قطاع الثقافة في البرامج الانتخابية، لكننا وللأسف لم نسمع شيئا وكل التركيز كان منصبا على مشاريع التنمية الحضرية والسكن وبعض الانشغالات الأخرى التي قد تثير الناخب وتجلب الأصوات لحسم معركة الصندوق الانتخابي على الرغم من أهمية الموضوع إلى جانب مشاريع الثقافة الأخرى ومراكز الشباب والرياضة، خاصة وأن ولاية بومرداس تدعمت بمشروع هام لإنجاز 33 مكتبة ما بين قطاعية وأخرى تابعة للجماعات المحلية أو ما يعرف بالمكتبات البلدية وقاعات المطالعة الريفية لتأطير شباب القرى وتحصينه من تفاعلات وسلبيات بعض الظواهر الاجتماعية الفتاكة على غرار آفة المخدرات..
كما تشير المعطيات الميدانية أن أغلب المكتبات البلديات وقاعات المطالعة المقدر عددها بـ21 مكتبة من أصل 27 مشروعا ببومرداس غير فعّالة، خاصة المُسَلّمة منها من حيث النشاطات بسبب نقص التأطير والتجهيزات الضرورية وأخرى قيد الانجاز أو لم تنطلق بعد وهو ما يطرح الكثير من التساؤلات حول إمكانية إنجاح سياسة الدولة في مجال تشجيع المطالعة وتوفير الكتاب وهي غايات تبقى مؤجلة إلى غاية الانتهاء من إنجاز وتجهيز المكتبة الرئيسية للقراءة العمومية بعاصمة الولاية التي تشكل المظلة القانونية للمكتبات البلدية من حيث التأطير والتجهيز والتسيير المشترك مع الجماعات المحلية.
عن الموضوع وأهميته دعا جمال فوغالي مدير الثقافة السابق للولاية ومدير مركزي حاليا على مستوى مديرية الكتاب والمطالعة العمومية بالوزارة الوصية «الجمعيات الثقافية إلى الانخراط في سياسة تشجيع المطالعة ومؤازرة القطاع لتنشيط المكتبات القطاعية الثلاثة التي تمّ تسليمها حاليا، إضافة إلى المكتبات البلدية وقاعات المطالعة العمومية»، مشيرا في هذا الصدد «أن مديرية الثقافة أبرمت اتفاقية مع مديرية التربية حتى تكون المؤسسات التعليمية حاضرة بقوة في برنامج هذه الفضاءات بفتحها أمام التلاميذ، وهذا كله يدخل في إطار السياسة الوطنية الشاملة لتفعيل مفهوم القراءة وتقريب الكتاب من القارئ استجابة للاتفاقية المبرمة بين وزارة الثقافة ووزارة الداخلية والجماعات المحلية التي سمحت بتنسيق الجهود فيما يخصّ إنجاح هذا المشروع الحضري وتسيير وإدارة هذه المرافق العمومية وتزويدها بعشرات العناوين وبالخصوص تلك الصادرة مابين 2007 وسنة 2015، بمناسبة تظاهرة قسنطينة عاصمة الثقافة العربية وما قبلها بمناسبة تظاهرة تلمسان عاصمة للثقافة الإسلامية..
ولدى رده على سؤال حول رزنامة النشاطات ومواقيت العمل المتبعة من قبل إدارة مكتبات المطالعة العمومية، حثّ جمال فوغالي «على ضرورة تكييف مواقيت العمل في المكتبات وقاعات المطالعة بما يتماشى ومتطلبات جمهور القراء من الطلبة والتلاميذ وعدم التقيد بالتوقيت الإداري والعمل على تمديد ساعات العمل إلى المساء وهذا بناء على تعليمات الوزير الأول في هذا الشأن من أجل الاستغلال الأمثل لهذه المرافق والتفكير في مسألة التأطير البشري والتمويل المادي بالتعاون مع البلديات وصندوق دعم الجماعات المحلية..