أكد الخبير الاقتصادي البروفيسور والي عرقوب، في قراءته التحليلية لمخرجات الاجتماع التنسيقي لوزير التجارة الداخلية وضبط السوق لإعادة هيكلة القطاع وتنظيمه، “أن هذه المجهودات المبذولة والتدابير الجديدة تؤكد، مرة أخرى، إرادة الدولة في مواصلة محاربة كل أشكال المضاربة ومكافحة التجارة غير الشرعية والتصدي لظاهرة الندرة في الأسواق، خصوصا بالنسبة للمواد واسعة الاستهلاك حماية للمواطن والقدرة الشرائية”.
اعتبر أستاذ الاقتصاد بجامعة بومرداس البروفيسور والي، “أن وزير التجارة الداخلية وضبط السوق حدد جملة من الآليات المهمة لتنظيم النشاط الاقتصادي وضبط الممارسات التجارية، بما يخدم المواطن ويساهم في ترقية المنتوج الوطني، الذي يتوقف أيضا على ضرورة مرافقة المتعاملين الاقتصاديين والاستماع الى انشغالاتهم للمساهمة في إنجاح هذه الاستراتيجية الجديدة التي اعتمدتها الدولة وفق الرؤية الاستشرافية لرئيس الجمهورية، بما فيها إعادة هيكلة وتنظيم القطاع ودعمه بوزارة جديدة، بالنظر الى أهميته الاقتصادية وحتمية مواكبة التحديات الراهنة وعصرنة مختلف الآليات الفاعلة التي يتوقف عليها نجاح هذه الإصلاحات العميقة”.
وأكد المتحدث في تصريحات لـ “الشعب”، في هذا الخصوص “أن قرار إعادة هيكلة وتنظيم مؤسسة تسيير أسواق الجملة يدخل ضمن هذه الرؤية المتكاملة وهذا بالنظر لما تمثله مثل هذه الفضاءات التجارية من أهمية في تنظيم النشاط والسهر على التموين الدائم للأسواق المحلية لمواجهة ظاهرة الندرة، حيث أصبحت اليوم ضرورية حتى تكون أقرب الى المستهلك وضابط إيقاع بين عملية العرض والطلب لمختلف المواد والمنتجات الاستهلاكية وأيضا المساهمة في الحفاظ على توازنات السوق وضبط الأسعار وبالتالي ستكون بمثابة أداة من أدوات محاربة المضاربة غير المشروعة في السلع التي عانى منها المواطن كثيرا”.
وعن دور وأهمية غرف الصناعة والتجارة بالولايات ضمن هذه التوجهات الجديدة التي أشار إليها وزير التجارة، أجاب الباحث والخبير الاقتصادي والي عرقوب بقوله، “لقد حان الوقت كذلك لإعادة النظر في دور ومكانة غرف الصناعة والتجارة المتواجدة عبر ولايات الوطن وتفعيل حضورها الميداني الى جانب مختلف الهيئات ذات الطابع التجاري والاقتصادي، كمديريات التجارة، حتى تكون آذانا صاغية للناشطين في الميدان من تجار، منتجين ومتعاملين اقتصاديين، أثبتوا مكانتهم ومساهمتهم الكبيرة في ترقية الإنتاج الوطني والمحلي في عدة أنشطة منتجة، بفضل عدد من المؤسسات الرائدة التي دخلت مرحلة التصدير، والسهر على تنظيم التظاهرات والمعارض الوطنية والدولية لخلق فضاءات للاحتكاك بين المؤسسات الجزائرية والأجنبية والتعريف أكثر بفرص الاستثمار وجودة المنتجات الوطنية”.
وتوقف الخبير الاقتصادي أيضا، عند عدد من الآليات الأخرى المساهمة في تنظيم ودعم النشاط الاقتصادي والتجاري التي حظيت بالاهتمام والإثراء من قبل وزير التجارة الداخلية، مشيرا بقوله “إن الوزير شدد كذلك على ضرورة عصرنة وتحيين منظومة عمل مركز السجل التجاري ورقمنة القطاع من اجل ترقية الخدمات وتسهيل مهمة التجار والمتعاملين الاقتصاديين وحاملي المشاريع، والمساهمة في إعداد قاعدة بيانات وإحصاءات دقيقة لعدد التجار الرسميين للتقليل من آفة التهرب الضريبي، ونفس الأمر بالنسبة لمخابر الجودة المطالبة بتكثيف عمليات المراقبة والتحاليل للكشف عن المنتجات المغشوشة الموجهة لإغراق السوق على حساب صحة وسلامة المواطن”.
وختم الباحث تحليله لمخرجات الاجتماع التنسيقي لوزير التجارة الداخلية، بتأكيده على أهمية هذه الآليات التنظيمية لترشيد وعقلنة نفقات الدولة المخصصة لدعم القدرة الشرائية للمواطن، خصوصا الفئات الهشة، والتقليل منها في الميزانية السنوية المقبلة، وقال “إن الدولة خصصت أكبر ميزانية منذ الاستقلال من خلال قانون المالية الجديد الذي وقعه رئيس الجمهورية بأزيد من 126 مليار دولار، منها حوالي 34٪ -أي الثلث- موجهة لدعم المواد الأساسية واسعة الاستهلاك. وعليه، فإن وزارة التجارة الداخلية تسعى من خلال هذه الإجراءات الجديدة لضبط السوق والنشاط التجاري أكثر والعمل على تحريك وتفعيل دور ومهام هذه الهيئات التنظيمية حتى تكون قريبة من التاجر، المتعامل والمستهلك معا”.