ترى البروفيسور سعاد بسناسي من جامعة وهران وعضو المجلس الأعلى للّغة العربية أنّ الحديث عن فعل القراءة في المجتمعات كلّها، يرتبط بدور النشر، ماذا تنشر؟ وإجراءات وقواعد النشر وشروطه، وبنوعية الكتب من حيث موضوعاتها واهتماماتها ومجالاتها، وبمدى انتشار الكتب والتعريف بها قبل عرضها.
يكون الحديث، في هذا السياق، تقول بسناسي في حديث لـ«الشعب” عن المعارض وصالونات الكتب، والمعرض الدولي للكتاب بالجزائر الذي شهد كغيره من المعارض الدولية في الوطن العربي نقلة نوعية في عدّة اتجاهات من حيث التنظيم، وعدد دور النشر المشاركة، وخاصّة الإقبال المتزايد من الزوار في السنوات الأخيرة، هذا ما يجعلنا نتساءل عن واقع المقروئيّة في الجزائر، وعن ثقافة القراءة واقتناء الكتب من الفرد الجزائري، والأهم من ذلك مدى الإفادة من الكتب المقتناة، سواء من المعارض أم من المكتبات طيلة السنة، وأهم الكتب التي تلقى رواجا وسبب ذلك.
وأكّدت هنا المتحدّثة أنّ الإجابة عن جلّ هذه الانشغالات وغيرها كثير، يتطلّب فهم واقع المجتمع الجزائري، وعقلية الفرد الجزائري في التعامل مع الكتب، وهذا لن يتحقّق إلا إذا أجرينا إحصاءات دقيقة لسنوات ممتدّة بهدف الموازنة والخلوص إلى نتائج قريبة من الواقع على الأقلّ.
وقالت “نرى أنّه بالمقارنة مع ما يتمّ طبعه من كتب مؤخّرا، مازالت نسبة المقروئيّة المنتظرة ضئيلة إلى حدّ ما، ونشير هنا إلى وجوب الفصل بين القراءة في المؤسّسات التّربوية والقراءة خارجها، خاصّة أنّ من بين أسباب تراجع القراءة في مجتمعنا، سيطرة الوسائط المعاصرة ووسائل التواصل الاجتماعي بمختلف أنواعها، ومؤخرا غلاء طبع الكتب ممّا نجم عنه غلاء الكتب وميل الأغلبيّة للكتب الإلكترونية”.
ومع ذلك تضيف “فإنّ الإقبال الكبير الذي عرفه صالون الجزائر الدّوليّ للكتاب يشير إلى وجود تطوّر في نسبة المقروئية واهتمام متواصل بكلّ ما يطبع، قد يكون مؤقّتا ولا يندرج ضمن ثقافة الفرد الجزائريّ بتعويد نفسه على القراءة طيلة السّنة وبشكل متواصل، مع تنويع القراءة لكي تصبح القراءة وسيلة وهدفا قويّا وضروريّا في حياة الأفراد، إلا أنّه مع ذلك يبقى فرصة لتنشيط الفعل القرائي، فبالإضافة إلى ما يحقّقه هذا المعرض سنويا من أعداد مهولة للزوار الراغبين في الاطّلاع على جديد الكتاب وعالم الكتب، يشكّل أيضا هذا المعرض فرصة للباحثين الملتزمين بأبحاث وأطروحات علمية”.
وأشارت، في هذا السّياق، إلى الجهود المبذولة في سبيل ترقية المقروئية لدى الجزائري والتي تتوضّح من خلال كثرة فضاءات المطالعة من مكتبات على المستوى الوطنيّ، وإطلاق مبادرات تحدّي القراءة، معتبرة أنّ هذه المبادرات وإن كانت تبقى محصورة ولا نحسبها ظاهرة اجتماعيّة معمّمة، إلا أنّه من الواجب فهم مدى تشبّع الفرد الجزائري بثقافة القراءة ووعيه المستمرّ بترسيخها كجزء لا يتجزّأ من حياته. مضيفة بأنّ هذا يجعلنا نعيد النّظر في تتبّع دور النّشر الجزائريّة، ماذا تنشر وكيف يتمّ التّرويج للإصدارات المهمّة في مختلف المجالات، وتوعية الأجيال باستمرار بضرورة القراءة واعتبارها مشروع حياة وتفعيل دور المكتبات بشكل متواصل، وغيرها من المقترحات والتّوصيات المهمة لجعل القراءة مشروع مجتمع وأمّة.