يرى الفنان طارق صخراوي بأن الحديث عن فن رقمي في الجزائر، أضحى مقترنا بتيار فني أخذ في التطور ـ حسبه ـ بالرغم من أنه لا يزال في مرحلة النضج مقارنةً ببعض الدول الأخرى، مشيرا إلى أن هناك عدد متزايد من الفنانين الذين انتقلوا من الرسم التقليدي إلى استخدام الأجهزة اللوحية والبرامج المتطورة مثل Photoshop وProcreate وClip Studio Paint لإنشاء لوحاتهم الرقمية، حيث تتيح لهم هذه الأدوات إمكانيات غير محدودة من حيث التعديل والتحكم في التفاصيل والألوان.
أكّد الفنان طارق صخراوي لـ «الشعب» بأن العديد من المعارض والمسابقات بدأت تحتضن الفن الرقمي، بل وحتى بعض المؤسسات الثقافية أصبحت تهتم به كوسيلة جديدة للتعبير الفني، لاسيما مع صعود الأجيال الشابة التي نشأت في بيئة رقمية وتجد نفسها أكثر انسجامًا مع هذا النوع من الفنون.
وتحدث الفنان الكاريكاتوري عن مدى إسهامات التكنولوجيا في خلق أبعاد جمالية جديدة، قائلا «التكنولوجيا لا تكتفي فقط بتقديم أدوات جديدة للرسم، بل إنها تفتح آفاقا واسعة للإبداع، تبرز من خلال المؤثرات الرقمية، والتي على إثرها يمكن للفنان أن يضيف عناصر بصرية لم يكن من الممكن تحقيقها بالطرق التقليدية، مثل اللعب بالإضاءة والشفافية والدمج بين الوسائط المختلفة، كما أن استخدام الذكاء الاصطناعي والتصميم ثلاثي الأبعاد عزز إمكانيات الابتكار، مما يتيح للفنانين إعادة تصور أعمالهم بطرق غير تقليدية».
كما نوّه طارق صخراوي ببرامج الحاسوب وما أحدثته من تغير كبير في الفن التشكيلي، عبر استخدام التطبيقات والبرامج الرقمية، مشيرا إلى أنها أحدثت تغييرًا جذريًا في عالم الفن التشكيلي، سواء من حيث تقنيات الإنتاج أو طرق العرض، كما أن الرسم الذي كان يعتمد على أدوات تقليدية مثل الألوان الزيتية والمائية، أصبح اليوم ـ يقول ـ بالإمكان إنجاز عمل فني بالكامل على شاشة جهاز لوحي دون الحاجة إلى ورق أو ألوان مائية.
هذا التحوّل ـ حسبه ـ لم يكن مجرد استبدال للأدوات، بل هو تغيير في طريقة التفكير الفني، حيث أصبح الفنانون قادرين على تعديل أعمالهم بسهولة، وتجربة تقنيات متعددة دون الحاجة إلى البدء من جديد، مما جعل العملية الإبداعية أكثر مرونة وسرعة.
واعتبر صخراوي الرسم الرقمي بين الكاريكاتير والقصص المصورة من بين المجالات التي استفادت بشكل كبير من التطور الرقمي، مشيرا إلى أن هناك فنانون كاريكاتير بارزون انتقلوا إلى الرسم الرقمي، حيث توفر لهم البرامج الحديثة إمكانيات مذهلة لتحسين جودة رسوماتهم وتقديمها بشكل احترافي، وقال « مثلا الكاريكاتير الرقمي أصبح أكثر انتشارًا، خاصة عبر وسائل التواصل الاجتماعي والمواقع الإلكترونية، حيث بات بالإمكان نشر الأعمال بسرعة والوصول إلى جمهور واسع دون الحاجة إلى الطباعة الورقية».
من جانب آخر، يرى الفنان التشكيلي بأن هناك جمهورا متزايدا للرسم الرقمي، خاصة بين فئة الشباب الذين يستهلكون المحتوى الفني عبر الإنترنت أكثر من المعارض التقليدية، وقال «المواقع الالكترونية أصبحت بمثابة معارض مفتوحة للفنانين، مما يمنحهم فرصًا كبيرة للانتشار والتفاعل مع الجمهور»، وأضاف «منها الجزائر التي بدأ فيها الاهتمام بالرسم الرقمي بشكل متزايد يظهر من خلال الورشات التكوينية والمسابقات والمعارض الافتراضية، إلا أنه لا يزال بحاجة إلى دعم أكبر من المؤسسات الثقافية لتوفير بيئة تحتضن هذا النوع من الفنون».
واختتم الفنان طارق صخراوي حديثه بالقول «إن الفن الرقمي في الجزائر لم يعد مجرد تجربة فردية، بل أصبح واقعًا يفرض نفسه بقوة، خاصة مع تطور الأدوات الرقمية وسهولة الوصول إليها. ومع تزايد الوعي بأهميته، يمكن أن نرى مستقبلًا مشرقًا لهذا الفن، حيث يساهم في إثراء المشهد الثقافي والفني بأساليب تعبير جديدة ومبتكرة».