أستاذة التعليم العالي..نعيمة سعدية لـ”الشعب”:

ضرورة الاستثمار في التكنولوجيا لنشر ثقافة القراءة

أمينة جابالله

 


ترى البروفيسور نعيمة سعدية أستاذة التعليم العالي بجامعة بسكرة، أنّ واقع المقروئية في الجزائر يُعدّ من الموضوعات المهمّة التي تتطلّب البحث والدراسات المعمّقة، لفهم التحدّيات والفرص المرتبطة بها.


أوضحت نعيمة سعدية في تصريح لـ«الشعب” أنّ العديد من الدراسات والإحصاءات تشير إلى أنّ المقروئية في الجزائر، على غرار العديد من الدول العربية، تواجه تحدّيات عدّة، أبرزها انخفاض معدّلات القراءة مقارنة بالمعدّلات العالمية، إلى جانب تراجع الإقبال على المكتبات العامة والاستثمار فيها ونقص الأنشطة التي تشجّع على فعل القراءة (معدّل القراءة السنوي للفرد الجزائري يقدّر بحوالي كتاب واحد سنوياً)، مشيرة بأنّ هذه التحدّيات تعود إلى عوامل اقتصادية واجتماعية وثقافية، منها انتشار الأمية الجزئية ونقص الوعي بأهمية القراءة.
وفي ردّها عن سؤالنا هل يقرأ الجزائري؟ قالت: “سؤال جوهري يصعب الإجابة عنه، وخاصّة إذا ارتبط الأمر بماذا يقرأ الجزائري؟ وكيف يقرأ ليغيّر؟” وأوضحت بأنّ القارئ الجزائري يمارس فعل القراءة كغيره، ولكنّ معدّلات القراءة تختلف حسب الفئات العمرية والتعليمية والاجتماعية.
وأضافت “عادةً ما يكون الإقبال على القراءة في المدن الكبرى أعلى نسبيًا بسبب توفّر المكتبات والفعّاليات الثقافية، كما تُظهر بعض الدراسات أنّ الشباب الجزائري يميل إلى القراءة الرقمية أكثر من الورقية، في ظلّ انتشار الهواتف الذكية والإنترنت، ولما توفّره هذه الأخيرة من مال وجهد، خاصّة ما ارتبط بالكتب العلمية، التي يعتمدها للتعلّم في مراحله الدراسية، ومساهمتها في تنمية وعي الجيل الحالي وتطوير مهاراته في مجال دراسته وبحوثه الأكاديمية، ومواكبة التطوّر العلمي من أجل دعم المسيرة الأكاديمية والمهنية”.
كما أشارت محدّثتنا، إلى الكتب الدينية التي تُعدّ من أكثر الكتب انتشارًا بين فئات مختلفة، وكذلك الكتب الأدبية، تقول “إذ يهتمّ الجزائريون بالأدب العربي والعالمي، وخاصّة الروايات التي تعكس الواقع الاجتماعي والنصوص الشعرية وغيرها..ولا ننسى الصحف والمجلات، التي تستقطب القارئ الجزائري، بين الأخبار السياسية والاجتماعية، على الرغم من أنّ ذلك يواجه تراجعًا في الآونة الأخيرة، مع تحوّل الاهتمام نحو الإنترنت، إذ تشكّل المواد الرقمية مثل المقالات الإلكترونية والمدوّنات، خاصّة المتعلّقة بالتكنولوجيا والعلوم الخفيفة، مجالا خصبا آخر للقارئ الجزائري، إلى جانب المنشورات والمقالات القصيرة على مواقع التواصل الاجتماعي، ناهيك عن المحتوى الترفيهي”.
كما لفتت إلى نوعية الكتب التي يقرأها الشباب في عصرنا، وقالت “إنّنا أمام تعاملات مختلفة للقراء مع الكتب والاتجاهات العالمية، ومنها: الروايات الخيالية والعاطفية، مثل الروايات الفانتازيا التي تلقى رواجًا عالميًا، والتي تغذّي شغفا محدود الأبعاد لدى الشاب المراهق في غالب الأحيان، والكتب التنموية والتحفيزية التي تعنى بتطوير الذّات والنجاح الشخصي، والمواد العلمية الخفيفة، مثل كتب التثقيف العلمي المبسّط والمقالات الإلكترونية، وكتب الكوميك والرسوم المصوّرة، خاصّة مع انتشار محتوى الأنمي والثقافة البصرية، إلى جانب الروايات العالمية، كتب ريادة الأعمال، التكنولوجيا والعلوم وعلم النفس، الكتب السياحية والثقافية والعلمية والكتب الأدبية النقدية في المرتبة الأخيرة”.
وتؤكّد البروفيسور، على أنّه بالرغم من التحدّيات التي تواجه فعل القراءة في الجزائر، إلاّ أنّ هناك العديد من الفرص لتعزيز ثقافة القراءة من خلال مبادرات موجّهة وتطوير بنية تحتية ثقافية ملائمة. حيث ترى المتحدّثة بضرورة تحسين البنية التحتية للمكتبات العامة، بتوفير مكتبات حديثة مجهّزة بالكتب والموارد الإلكترونية، إضافة إلى استثمار التكنولوجيا في نشر ثقافة القراءة، ودعم معارض الكتاب، بالإضافة إلى توفير الكتب بأسعار معقولة، والعمل على تطوير المناهج التعليمية ودعم صناعة النشر المحلية.
كما شدّدت على أهمية التحفيز المجتمعي، وذلك عبر تشجيع الأنشطة المدرسية والمجتمعية، من خلال إنشاء أندية قراءة وبرامج تشجيع المطالعة في المدارس والمراكز الثقافية، تنظيم نوادي للقراءة، تنظيم فعّاليات ثقافية دورية، تشجيع الكتابة والتأليف، إلى جانب الترويج للقراءة عبر مختلف وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي.
ودعت البروفيسور، في الختام، إلى مراجعة السياسات المتبعة على مستوى التعليم والبحث والعمل، وإلى تضافر الجهود لتحقيق نهضة حقيقية وترسيخ فعلي للاجتهاد والجهاد من أجل إعادة المجتمع لفعل القراءة الواعية التي تساعد على التنمية الحقيقية للمجتمع، “فلا خير في أمّة لا تقرأ ما تكتب، ولا تستفيد ممّا تقرأ، ولا خير في أمّة لا تنتج ما تقرأ، من أجل أن تتحكّم في المعرفة التي تحتاجها”.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19628

العدد 19628

الأربعاء 20 نوفمبر 2024
العدد 19627

العدد 19627

الثلاثاء 19 نوفمبر 2024
العدد 19626

العدد 19626

الثلاثاء 19 نوفمبر 2024
العدد 19625

العدد 19625

الإثنين 18 نوفمبر 2024