وزنها غيّر الموازين.. الخبير سليماني لـ «الشعب»:

الجزائر الجديدة تريد شراكــة متوازنـة مع الاتحـاد الأوروبي

آسيا قبلي

 صعود الاقتصاد الجزائري يفرض مراجعة اتفاق الشراكــة

 التفاوض من مركز قوة بفضل النهضة الاقتصادية المشهـــــودة

أكد الخبير الاقتصادي عبد القادر سليماني، في تصريح لجريدة «الشعب»، أمس، أن الجزائر تسعى إلى الارتقاء باتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي بما يضمن توازن المصالح الاقتصادية بين الطرفين، ويعزز في الوقت ذاته علاقات سياسية ودبلوماسية أكثر توازناً مع بروكسل. وأوضح، أن هذا التوجه يندرج ضمن رغبة الجزائر في إعادة تقييم وتكييف بنود الاتفاق، بما يتماشى مع التحولات العميقة التي عرفتها البلاد، مشيراً إلى أن «جزائر 2025» تختلف جذرياً عن «جزائر 2002»، سواء من حيث الشروط الاقتصادية أو السياقات الجيوسياسية التي تحكم العلاقة بين الجانبين.

أشار الخبير الاقتصادي عبد القادر سليماني، إلى أن الجزائر أصبحت اليوم واحدة من أكبر الاقتصاديات في إفريقيا، بفضل ما تمتلكه من عناصر قوة في مجالات الطاقة، الطاقات المتجددة، الأمن المائي والغذائي، إلى جانب تحقيقها معدلات نمو تفوق 4%، وسعيها لبلوغ ناتج محلي داخلي يفوق أربعة آلاف مليار دينار. وأضاف، أن هذا النمو الاقتصادي ترافقه مكانة سياسية ودبلوماسية متقدمة، تعكسها أدوار الجزائر الإقليمية داخل الاتحاد الإفريقي، وفي الفضاء المتوسطي، ومحور دول الجنوب- جنوب، بالإضافة إلى حضورها المتزايد على الساحة الدولية.
أكد المتحدث، أن الاتحاد الأوروبي يعد أكبر شريك تجاري للجزائر، فنحن نتكلم عن 50% من المبادلات التجارية الخارجية الجزائر تتم مع الاتحاد الأوروبي ومع إيطاليا وحدها تقدر المبادلات التجارية 20 مليار دولار.
كما أن نقاط القوة التي تمتلكها الجزائر اليوم، تمكنها من التفاوض من موقع قوة، وهي علاوة على ما تم ذكره الضامن الأكبر للأمن الطاقوي لأوروبا، فيما يخص الطاقات النظيفة والجديدة والمتجددة ويرتقب أن توفر 10% من احتياجيات الاتحاد الأوروبي من الهيدروجين الأخضر، وهذا لا يتأتى إلا باتفاقية جديدة وتقييم جيد وتوازن منصف لتكون شراكة مستدامة حقيقية إستراتيجية بين الجزائر والاتحاد الأوروبي. وعليه، أوضح المتحدث أن كل تلك المؤشرات الجديدة تفرض واقعا جديدا في الشراكة بين الطرفين تحفظ مصالح كل منهما.
يضاف إلى ذلك يقول الخبير سليماني، فإن الجزائر طورت علاقاتها مع العديد من الدول الأوروبية، على غرار سلوفينيا والمجر وألمانيا وإسبانيا والبرتغال وإيطاليا، وتريد أن ينعكس هذا التطور وهذه الشراكة بينها وبين دول الاتحاد الأوروبي في مستوى شراكة مستدامة لحفظ التنمية المستدامة ونقل التكنولوجيا والمعرفة، ويكون فيها توازن لحفظ المصالح وتفتح الأسواق أمام المنتجات الجزائرية، فلا يعقل أن يكون هناك صد وغلق أمام هذه المنتجات والسلع، في وقت تريد الجزائر أن يكون توازن أكبر بينها وبين بروكسل من خلال تفعيل مجلس الشراكة الجزائري- الأوروبي.

مراجعة شاملة بالتراضي

يذكر، أن وزير الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج والشؤون الإفريقية، أحمد عطاف، شدد، عقب اتصال هاتفي من نائبة رئيسة المفوضية الأوروبية والممثلة السامية للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية، كايا كالاس، على ضرورة تفعيل مجلس الشراكة كآلية أساسية لتنظيم العلاقات الجزائرية- الأوروبية، مؤكدا أنه الإطار الأمثل لمعالجة مختلف القضايا ذات الاهتمام المشترك، سواء السياسية أو الاقتصادية.
وتأتي هذه الدعوة، بعد أن اتفق الطرفان على مراجعة شاملة، حيث طالبت الجزائر، شهر جانفي 2025، بمراجعة شاملة للاتفاق تدعم العلاقات الطيبة بين الجزائر والاتحاد الأوروبي كشريك اقتصادي ترتكز على مبدإ رابح- رابح، ليتناسب مع الواقع الجديد للجزائر التي لم تعد تعتمد على المحروقات موردا وحيدا للمبادلات بين الطرفين.
ورد الاتحاد الاوروبي على طلب الجزائر بالقبول، شهر فيفري من السنة نفسها، على لسان سفيره لدى الجزائر دييغو مايادور، الذي قال «بعد 20 سنة من تطبيق اتفاق الشراكة ومواجهة الحقائق الجيوستراتيجية الجديدة، حان الوقت لإعادة النظر في شراكتنا والنظر في علاقاتنا بمجملها، لاسيما في سياق الميثاق الجديد من أجل المتوسط».

تغير في الموازين

وتأتي هذه التغيرات مع الإصلاحات الثورية التي نفذها رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، منذ توليه رئاسة البلاد، والتي أشاد بها البنك الدولي وصندوق النقد الدولي غير ما مرة، وهي الإصلاحات التي قادت الاقتصاد الجزائري للخروج من التبعية للمحروقات، وصارت المنتوجات الفلاحية والصناعية غير النفطية قادرة على المنافسة بفعل جودتها، وهو ما يسقط إجحاف الاتفاق في حق الجزائر، التي بقيت طيلة العشرين سنة الماضية مجرد سوق للسلع الأوروبية، ولم تكن المنتجات الجزائرية قادرة على المنافسة، خاصة في ظل الغلق الذي مارسه الاتحاد الأوربي، ما جعل مزايا الاتفاق تسير في اتجاه واحد لصالحه، حيث لم تستفد الجزائر طيلة عقدين إلا من 13 مليار دولار من أصل ألف مليار دولار قيمة المبادلات بين الطرفين، وهو ما يعكس اختلالا واضحا لبنود الاتفاق.
ويتضمن هذا الاتفاق من بين 110 مادة، على إنشاء منطقة تجارة حرة للمنتجات الصناعية، والتحرير التدريجي للتجارة بالنسبة للمنتجات الزراعية، الغذائية والصيد البحري، وهي المجالات التي يتشدد فيها الاتحاد الأوروبي ويفرض عليها حمائية شديدة جعلت من دخول السلع الجزائرية شبه مستحيل.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19821

العدد 19821

الأحد 13 جويلية 2025
العدد 19820

العدد 19820

السبت 12 جويلية 2025
العدد 19819

العدد 19819

الخميس 10 جويلية 2025
العدد 19818

العدد 19818

الأربعاء 09 جويلية 2025