الوقـــــت أثبــــت بأنّنــــي محـــقّ في اختيــــار التّجديـــد
انشغالي الدّائم حال دون تفرّغي للتّكوين والتّوجيه
لم يكن من الصعب التعرف على فناننا القدير حمدي بناني ولو عن بعد، فهندامه الأبيض الأنيق، وكمانه الناصع البياض الذي يرافقه أينما كان، يدلان عليه بين جمع الفنانين والموسيقيين في الكواليس، ناهيك عن روحه المرحة وملحته الحاضرة. التقت به “الشعب” على هامش مهرجان صيف الجزائر الموسيقي، فاستقبلنا بصراحته المعهودة، وأكد على تمسكه بمعاني الوحدة والتفتح والتجديد، في موسيقى المالوف خصوصا، والإبداع الثقافي على وجه العموم.
الشعب: الفنان القدير حمدي بناني، شكرا جزيلا على قبول التحدث إلينا..في البداية، هلّا أطلعتنا على رأيك في فائدة المهرجانات والتظاهرات الفنية وما قد تعود به على المشهد الثقافي الجزائري؟
حمدي بناني: كل المهرجانات جيدة، وتساهم في تحريك الحياة الثقافية والاجتماعية للبلاد، ولكن هناك مهرجانات يكون لها نكهة خاصة، وأعطي مثالا بمهرجان الصيف الموسيقي بالجزائر، الذي استطاعت طبعته هذه السنة الجمع بين المدارس الثلاثة في الموسيقى الأندلسية، الشرق، والوسط، والغرب، وخلقنا جوقا جزائريا أصيلا بخمس موسيقيين من تلمسان وخمس آخرين من العاصمة وخمس من عنابة، إضافة إلى المغنيين الثلاث من المدارس المختلفة المشكلة للموسيقى الكلاسيكية الجزائرية، مهرجان كهذا يأتي بمبادرة كهذه من شأنه أن يلعب دورا كبيرا في ترقية الموسيقى الأندلسية الأصيلة، ويدحض الأقوال السائدة بأن المدارس المختلفة لا يمكن أن تؤدي هذا الطابع مع بعضها البعض، فالمسألة تتعلق بالتحضير والتدريب الجيد، وهي مسألة تنسيق وتوافق، كل شيء ممكن، لقد عزفنا مع الروس والأمريكان، فما الذي يمنعنا من العزف مع الجزائريين؟ هذا مستحيل وغير مقبول.
ولكن هناك من يقول بأنّ هناك مشاكل وحزازات بين المالوف القسنطيني..ما قولك؟
إنّ من يقول هذا لا يعتدّ به ولا ثقافة له، المالوف هو نفسه في المدينتين، مع الإشارة إلى أن فناني عنابة يقومون ببعض التغييرات ونفس الشيء بالنسبة لقسنطينة، ولكن الأسلوب يبقى واحدا. هناك أيضا مسألة النطق ومخارج الحروف، فالعنابيون ينطقون “التاء” تاءً كما هي، أما القسنطينيون فينطقونها “تس” بإضافة السين الطفيفة، وهذا مثال بسيط عن الاختلافات الطفيفة الموجودة، فمثلا نحن لدينا بحر وهم لا (ضاحكا)، أقول هذا على سبيل المزاح طبعا. من بين الاختلافات أيضا أننا “عصبيون” أكثر في عنابة، ونحاول فرض نفسنا أكثر حينما نكون على الركح، ربما للطبيعة الساحلية دور في ذلك، ولكن أعود وأكرر بأن هذه الاختلافات لا تؤثر إلى هذه الدرجة التي يتخيلها البعض.
أنت فنّان متفتّح على كل ما هو جديد، ما رأيك في الفنانين الجريئين، الذين يقدّمون أغانٍ أندلسية جديدة” بقصائد جديدة مثلا؟
لقد بدأت هذا التجديد في 1973، وبطبيعة الحال كنت عرضة لصواعق المنتقدين والرافضين، الذين تساءلوا إذا ما كنت قد فقدت عقلي، ولكن في آخر الأمر تبين بأنني أنا الذي على حقّ وليس هم، حينذاك اعتبر ما قمت به في المالوف “ثورة” موسيقية، وأعطيته أسلوبا جديدا يعجب الجميع، واليوم والحمد لله استطعت أن أنقله إلى العالم، وقدّمته في كل مكان مررت به.
هل من جديد فني تطلع جمهورك ومحبّيك عليه؟
فعلا هناك الجديد، لديّ عدد من الألبومات سأصدرها، خاصة وأنّني قد افتتحت استوديو تسجيل كبيرا رفقة ابني كمال، ويعتبر من بين الأحسن في عنابة، وأبوابه مفتوحة للجميع وكل الفنانين الجزائريين مدعوّون لزيارتنا، وكان أول ألبوم سجل به هو ألبوم ولدي كمال الذي سيصدر عن قريب.
هل لديك شباب تشرف على تدريبهم وتكوينهم أو توفر الرعاية لهم؟
أنا أحرص دائما على تقديم النصح والتوجيه، ولكنني لم أفتتح بعد مدرسة والسبب هو شحّ الوقت، فأنا دائم الانشغال والتنقل، ولكنني أتمنى أن يتوفر لدي وقت أكبر لإرشاد الشباب وتوجيههم.