أبرز النّاقد السينمائي أحمد بجاوي، في ندوة بعنوان “السينما في مواجهة الصهيونية”، في إطار فعّاليات صالون الجزائر الدولي 27 للكتاب، الذي أسدل الستار على فعّالياته، أول أمس السبت، أبرز أهم مسارات ومحطات السينما الفلسطينية باعتبارها أداة هامّة واكبت تطوّرات القضية الفلسطينية، وعبّرت عن مأساة الشعب الفلسطيني منذ النكبة عام 1948 وإلى غاية العدوان الصهيوني الحالي على قطاع غزّة.
أشار بجاوي إلى أنّ “أولى مبادرات التأسيس للسينما الفلسطينية كانت فردية على يد سينمائيين من قبيل الأخوين الفلسطينيين إبراهيم وعبد الله لاما، اللذين أنشآ شركة إنتاج باسم “كوندور فيلم..”، وذلك “إلى جانب مساهمة إبراهيم حسن سرحان الذي قام عام 1935 بتصوير فيلم مدّته 20 دقيقة عن زيارة الملك السعودي عبد العزيز آل سعود لفلسطين”.
وقال المتحدّث، في ذات السياق، أنّه “بعد النكبة عام 1948 أصبحت القضية الفلسطينية في صلب اهتمامات السينما الفلسطينية، وأيضا العربية لاسيما في مصر”، بالإضافة إلى “إنتاج أفلام وثائقية قصيرة تمّ تصويرها في الولايات المتحدة الأمريكية حول فلسطين لمواجهة الصهيونية تناولت قضايا اللاجئين وغيرها..”.
وذكّر المتحدّث أيضا بتأسيس وحدة للسينما تابعة لحركة فتح عام 1968 وإنتاج أول فيلم تسجيلي بعنوان “لا للحلّ السلمي” ثم “بالرّوح بالدم”، كما أنشأت فصائل المقاومة وحدات إنتاج سينمائي منها “الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين” و«الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين”، حيث كان من بين أبرز الأفلام الروائية آنذاك “عائد إلى حيفا” لقاسم حول.
وذكر النّاقد أنّ “السينما الفلسطينية عرفت بعد السبعينيات بروز مخرجين حملوا هموم القضية الفلسطينية، حيث امتلكوا لغة سينمائية جديدة هدفت للتأثير في الرأي العام، بالاعتماد أساسا على مواضيع إنسانية واجتماعية يعاني منها الإنسان الفلسطيني في ظلّ الاحتلال..”، مضيفا أنّ هؤلاء “عمدوا إلى التحسيس بالقضية الفلسطينية لدى المخرجين والمنتجين الأوروبيين والأمريكيين لكسب تعاطف الرأي العام العالمي، وهو ما فتح الأبواب أمام المخرجين الفلسطينيين للمشاركة والفوز بجوائز في أهم المهرجانات السينمائية الدولية”.
من جهة أخرى، تطرّق النّاقد كذلك لأهمّ إنتاجات السينما العربية التي تناولت القضية الفلسطينية وتمحورت حول تصوير المقاومة وحقّ العودة والأوضاع المأساوية في المخيّمات، لافتا بالخصوص إلى حضور القضية الفلسطينية في السينما الجزائرية، متحدّثا، في هذا السياق، عن أفلام من قبيل “سنعود” لمحمد سليم رياض و«نهلة” لفاروق بولوفة.
وأشار المتحدّث كذلك إلى أنّ السينما الفلسطينية بعد التسعينيات “أصبحت تفرض وجودها في المهرجانات العالمية، وهو انتصار للقضية الفلسطينية ضدّ الصهيونية، حيث أوصلت هذه الأفلام للرأي العام العالمي صوت الألم الفلسطيني، ممّا أسهم في رفع اهتمام وتعاطف طلبة الجامعات في أوروبا والولايات المتحدة مع القضية الفلسطينية”.
وذكّر النّاقد بجاوي بأهم الأسماء السينمائية الفلسطينية التي حافظت على موضوع القضية والهوية الفلسطينية في أعمالها السينمائية، على غرار ميشال خليفة الذي أخرج فيلمي “الذاكرة الخصبة” و«عرس الجليل”، ورشيد مشهراوي الذي أخرج “حتى إشعار آخر”، إلى جانب إيليا سليمان وفيلميه “سجل اختفاء” و«يد إلهية” الحائز على جائزة لجنة التحكيم الخاصّة في مهرجان كان السينمائي الدولي بفرنسا سنة 2002، وكذا هاني أبو أسعد وفيلمه “الجنة الآن” المتوّج بدوره بعدّة جوائز دولية.
كما أشار إلى سلسلة أفلام “المسافة صفر” التي أطلقها مؤخرا رشيد مشهراوي والمتضمّنة 22 عملا قصيرا متنوّعا، تسلّط الضوء على جرائم الإبادة المرتكبة من طرف الكيان الصهيوني في غزّة، وهي من إنجاز 22 مخرجا يعيشون في قطاع غزّة، متطرّقا أيضا في سياق حديثه إلى الأصوات السينمائية النسائية الفلسطينية، على غرار مي المصري وأفلامها “أطفال جبل النار” و«أطفال شاتيلا “ و«أحلام المنفى” و«3000 ليلة”، وكذا المخرجة آن ماري جاسر وفيلمها “ملح هذا البحر”.
وختم المتحدّث بالقول إنّه “بعد العدوان الهمجي الصهيوني على غزّة في 7 أكتوبر 2023، صار هناك تخوّف من المنتجين الأوروبيين والأمريكيين في دعم وتمويل إنتاج الأفلام الفلسطينية..”، داعيا في هذا الإطار إلى “ضرورة الدعم العربي لإحياء السينما الفلسطينية”.