شارك العديد من الروائيين الجزائريين في المعرض الدولي للكتاب في طبعته 27، بالعديد من الروايات الجديدة، بما فيها الرواية التاريخية التي شكّلت الحدث في هذه التظاهرة وعرفت إقبالا لافتا من طرف زوّار المعرض..
هاجر قويدري، روائية متخصّصة في التاريخ العثماني، شاركت في الطبعة 27 للصالون الدولي للكتاب، بروايتها الثالثة “خط رمل”، في هذا الصدد، أوضحت قويدري لـ«الشعب”، أنّها في هذه الرواية تحافظ دائما على نفس السياق الذي بدأت الكتابة فيه وهو الفترة العثمانية في الجزائر، ولكن تتجه إلى أزمنة حديثة مثل الثورة الجزائرية وما بعد الثورة الجزائرية، قائلة بعد “نورس باشا” و«الرايس”، الآن أقدّم رواية “خط رمل”.
وأوضحت الكاتبة أنّ “هذه الرواية تحاول معالجة تجربة إنسانية للبطلة ماجدة، في العصر الحديث، في 2015، تحاول ماجدة أن تصحّح علاقتها مع والدتها كونها كانت زوجة إرهابي، تركت ماجدة أمّها وسافرت إلى فرنسا للدراسة”، وأضافت: “لكن فجأة ماجدة تعود إلى بلدها الجزائر، لأنّها تتعرّض إلى صدمة عاطفية كبيرة، حيث أنّ صديقها تخلّى عنها، ولكن بعد وفاته من دون علمها ترك لها إرثا”..
كما تتحدّث الرواية عن أنّ ماجدة صحّحت علاقتها مع والدتها، التي كانت مدمنة عقاقير حبوب تنويم، صعب عليها أن تعيش في تلك الظروف، التي تركها فيها زوجها الأول الذي توفي في 1992، وفي تلك الأثناء تنتبه ماجدة إلى البيت والإرث العائلي فتجد مذكّرات والدها، الذي كان مختبئا أيام العشرية السوداء في مزار، هذا الأخير موجود في رجاس وهي مدينة موجودة بولاية ميلة، تقول هاجر قويدري.
وأضافت: “هذا المزار ملك ليمينة بنت حوطة، هذه الأخيرة هي الحكاية التاريخية التي أعود من خلالها إلى الموضوع الأساسي، الذي أكتب فيه وهو الحقبة العثمانية، يمينة بنت حوطة هي زوجة البودالي، هذا الأخير هو البودالي ابن الأحرش، الذي خاض الثورة ضدّ الباي الأعور بقسنطينة، فأعود إلى التاريخ من خلال هذه التوليفة بين الأجيال، الأحداث كانت في البداية في زمن العهد العثماني ولكنّها تطوّرت حيث الأحداث مترابطة”.
وعن سبب اختيار عنوان “خط رمل”، أجابت الروائية “أنّه من خلال القصّة عندما عادت ماجدة بصدمتها العاطفية إلى البيت، انتبهت إلى أنّ هذا الخط غير مكتمل فشاهدت حياة أمّها وجدّتها خط غير مكتمل، ثم حياتها، فبالنسبة لها كلّ هذه الخطوط غير مكتملة ومتحرّكة”.
لكنّ السبب الرئيسي، الذي تعدّى الكتابة - تقول ـ شخصي، وأنّه عندما كانت تكتب رواية “خط رمل”، والذي تصادف مع جائحة كوفيد، بلغها خبر وفاة جارها وهو صغير في السنّ، تاركا وراءه أشياء لم يكملها، وهذا ما شاهدته عندما دخلت إلى بيته أثناء العزاء، ما أثّر في نفسيتها، فانتبهت إلى أنّه في الحياة هناك دائما مصائر مفتوحة، فأنهت روايتها بهذا العنوان”.
نحن أولى بنقل تاريخ عظمائنا
شارك الأستاذ محمد العربي ميلود، أستاذ محاضر قسم “أ” بجامعة الجزائر، في الصالون الدولي للكتاب في طبعته 27، بثلاث كتب مترجمة من اللّغة الروسية إلى العربية، تتحدّث عن سيرة الأمير عبد القادر، مؤسّس الدولة الجزائرية الحديثة.
وفي تصريح لـ«الشعب”، قال محمد ميلود: “رغم أنّ الترجمة ليست من اختصاصي، قمت أولا بتوطين هذه المعرفة وهو الهدف الرئيس في طريقنا نحو الحضارة، وبتوطين هذه الكتب جلبنا رؤية مغايرة لكلّ ما قيل عن شخصية الأمير عبد القادر من مغالطات”.
الكتاب الأول يروي سيرة الأمير عبد القادر من بداية حياته إلى نهايتها، والكتاب الثاني مهتمّ بدولة الأمير، أما الكتاب الثالث مخصّص للعبقرية العسكرية للأمير عبد القادر.
وفي هذا الصدد، كشف المؤلّف عن توطين أول رحلة روسية إلى الجزائر موثّقة، وقال: “وثّقنا هذه الرحلة من منطلق شوفيني (التعصّب للوطن)، لأنّ هناك عيب في شخصيتي التي تنطوي على الشوفينية المفرطة، وهي أنّني لا أحبّذ أن يترجم تاريخ الجزائر من طرف أجانب، فنحن أولى بتجربة تاريخ عظمائنا”.
ويرى الأكاديمي، أنّه حان الوقت أن يترجم الجزائري تاريخ مؤسّس الدولة الجزائرية الحديثة، وترجمة الكتاب مباشرة من اللّغة الأصلية أيّ الروسية.
وأضاف أنّه يكتب باللغتين الروسية والفرنسية، وأنّها أول تجربة له في الترجمة إلى اللّغة العربية، حيث لمس أصداء طيبة من القراء، وقال: “من هذا المنبر أتوجّه إلى الشخص الذي أتى خصّيصا من عنابة لشراء كتبي الخمسة، سأهديه هذه الكتب مجّانا، لأنّه تكبّد عناء التنقّل من بعيد لاقتناء كتبي”.
وتجدر الإشارة، إلى أنّ المؤلّف لديه مجموعة إصدارات، بين معاجم وكتب في مجالات نانو تكنولوجيا والحوسبة والمعاجم من نوعية خاصّة، أصدرت باللّغتين الفرنسية والروسية، وكتاب آخر معتمد في جامعة “فلاديمير الحكومية” في روسيا، كواحد من الكتب الرئيسية في الماجيستر.
وفي ردّ عن سؤالنا حول مشاريعه المستقبلية في هذا المجال، أكّد الأستاذ ميلود، أنّه في مجال توطين المعرفة وتقنيات العلوم لديه مشاريع كتب، قائلا: “إنّنا أحوج ما نكون إلى هذا”. وقال إنّه لأوّل مرّة يشارك في هذا الصالون الدولي، رغم الإغراءات من طرف دور النشر الأجنبية، إلاّ أنّنا أردنا التوطين الكامل لهذه الإصدارات حتى رقم الإيداع القانوني لها. وأضاف: “أردنا أن تصدر مؤلّفات الأمير عبد القادر، وبقية المؤلّفات في الجزائر لأنّه أمر محزن أن تحتلّ بلادنا المراتب الأخيرة في فهرسة اليونسكو للترجمة”.
”أهــــل الحــــال”..قــــريــــبــــــا
وعن مشاريعها الروائية، كشفت هاجر قويدري، عن مشروع تحضير رواية رابعة بعنوان “أهل الحال”، تعالج فيها موضوع ما بعد الثورة الجزائرية ومسألة الألغام الموجودة بالحدود، وهي بصدد كتابتها، تحاول أن تجسّد فيها مشروعها التاريخي، لأنّها تعشق الرواية التاريخية.
في هذا الصدد، قالت: “أعتقد أنّ الرواية عندما تستند إلى التاريخ والتوثيق وتملأ الفراغات الوجدانية والخاصّة بالتجربة الإنسانية، تستند على الأقلّ إلى واقع تاريخي محدّد يضمن لها الهيكل العام”.
وفيما يخصّ مشاركتها في الصالون الدولي للكتاب لهذا العام، ترى الروائية أنّه محطة مهمّة، وأشارت إلى أنّ وجودها بالمعرض يعطيها فرصة الالتقاء مع الجمهور والقراء، والأدباء، ولاحظت أنّ: “نسبة المقروئية منخفضة مقارنة بالتوجّه إلى قراءات أخرى، لكن هذا لا يمنع أن هذا هو المكان الحقيقي للكاتب”.
ووجّهت رسالة للأدباء والكتّاب، بالاستناد إلى التاريخ، وأنّه على الكاتب أن يكون له مشروع معيّن يشتغل عليه، وأوضحت أنّه كلّما كان التراكم كلّما كان التأكيد، مستشهدة بفترة الطاهر وطار، الذي هو مشروع خاصّ ما بعد الثورة، والثورة الثقافية..
أقــــــرب لــــــلــــــواقـــــــــع
صدرت رواية جديدة للكاتب والمسرحي والصحفي بوزيان بن عاشور، بعنوان “هروب رجل مهمّش” عن “دار الكلمة للنشر”.
تتحدّث الرواية، وهو الإصدار 13 للروائي بوزيان بن عاشور، عن رجل بسيط متقاعد كان يعمل ساعي بريد، يعيش في شبه عزلة، هوايته الكبيرة هي الحصول على بطاقة مجاهد، وفي أحد الأيام يطلب منه إرجاعها لأنّها لم تكن موجّهة لأبيه وإنّما كانت موجّهة لشخص آخر، ما يجعله يدخل في صراع، بحسب ما أوضحه الكاتب لـ«الشعب”.
وأضاف بوزيان بن عاشور، أنّه يحاول من خلال هذه الرواية الأقرب للواقع الحديث عن المجتمع الذي نعيش فيه، والقارئ هو من يحكم، قائلا “أنا أكتب في مسرحياتي ورواياتي عن الأشخاص البسطاء”.
وعن مشاركته في الصالون الدولي للكتاب، “سيلا 2024” قال: “نمجّد مثل هذه اللقاءات الأدبية الفكرية في زمن انتشار وسائط التواصل الاجتماعي، هذه المعارض تشكّل فرصة للالتقاء بين الأدباء والكتّاب وتبادل الآراء، وتسمح لنا ببيع كتبنا وأن يتعرّف الجمهور على إصدارتنا”.
وبالنسبة للمقروئية، أكّد محدّثنا أنّها موجودة لدى فئة معيّنة، وخاصّة في الأدب وليست مخصّصة لجميع الأشخاص، وقال “هناك من يحب قراءة الكتب كهواية مثل من يحبون هواية الصيد، وهوايات أخرى”. وأضاف: “أكثر من عشرين سنة وأنا أصدر كتبا، أتفاجأ بأنّ أشخاص قرأوا روايتي أو سمعوا عنها، خاصّة في المدن الداخلية. المشكل علاقاتنا مع دور النشر، التي تتلقى صعوبات كثيرة لأنّ الورق أصبح باهظا وهو مستورد، كما أنّ كلّ ما له صلة بالأنترنيت أثّر على دور النشر، رغم ذلك أبقى متفائلا، فمكانة الكتاب تبقى لأنّه وثيقة، يحتاجها الشخص”.
ويرى بوزيان بن عاشور أنّ شعار الصالون الدولي للكتاب “نقرأ لننتصر”، جميل وموفّق، لأنّ القراءة هي المعرفة، وشعب بدون معرفة لا يمكنه أن ينتصر، وقال “ينبغي العودة إلى العلم لأنّه هو الطريق الوحيد الذي يوصلنا إلى النجاح والانتصار على كلّ المخلّفات الاقتصادية والدينية والأخلاقية، فالقراءة هي مفتاح الانتصار”.
وأشار الروائي، إلى أنّ أوّل إصدار له كان حول المسرح الجزائري، وأربع إصدارات عن دار النظر للنشر بوهران، وهو كاتب مسرحي ألّف أكثر من عشرين مسرحية باللغتين العربية والفرنسية، كلّها عرضت في مسارح جهوية وبفرق مسرحية والجمعيات المسرحية الوطنية.
وقال بن عاشور: “عام أكتب رواية، وعام أكتب مسرحية، هذا هو برنامجي، خاصّة بعدما تقاعدت تفرّغت للكتابة، المسرحيات التي أكتبها أقدّمها للمخرجين، وقد كان لي الحظ أن عرضت مسرحياتي في المسرح الجهوي لوهران، عنابة وقسنطينة وتيزي وزو”..