يترجم قانون المالية للسنة الجديدة، توجيهات رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، الذي جعل من تحسين المستوى المعيشي للجزائريين ودفع عجلة التنمية الوطنية أولوية كبرى في سياسته الداخلية، ما عكسه التركيز على تعزيز الخدمات الأساسية ودعم القدرة الشرائية والاستثمار في القطاعات الحيوية للبلاد. ويتطلع الرئيس تبون بهذه الخطوة، إلى رسم ملامح مستقبل اقتصادي مزدهر يخدم تطلعات الجزائريين ويحفز النمو المستدام على الأمد البعيد.
خصص قانون المالية لعام 2025 ميزانية تاريخية هي الأضخم منذ الاستقلال، قدرت بحوالي 16.8 تريليون دينار جزائري، مع زيادة تقدر بنحو 9,9% مقارنة بالعام 2024. وتهدف السلطات العليا من خلال هذه الميزانية، إلى تحقيق نقلة نوعية في الخدمات العامة المقدمة للمواطنين، حيث توجه نسبة كبيرة منها إلى قطاعي التعليم والصحة، إذ خُصص نحو 1.645 مليار دينار لدعم قطاع التربية الوطنية، في إطار خطة تهدف إلى فتح مناصب شغل جديدة في القطاع وكذلك تطوير البنية التحتية. ويأتي هذا الدعم لتعزيز جودة التعليم وملاءمة النظام التعليمي للاحتياجات المتغيرة.
أما في قطاع الصحة، فقد تم رصد حوالي 1.004 مليار دينار لتحسين مستوى الخدمات الصحية المقدمة للمواطنين، ما يتيح كذلك توفير فرص عمل جديدة في القطاع وبناء مستشفيات ومراكز صحية، خاصة في أقصى الجنوب الجزائري، لتلبية الطلب المتزايد على الخدمات الطبية وتعزيز التوزيع العادل للخدمات الاجتماعية التي تقدمها الدولة للجزائريين على قدم المساواة. ويعتبر هذا القطاع إحدى الركائز الأساسية التي يعول عليها لتحقيق التنمية الاجتماعية، إذ يسهم في تعزيز رفاهية المواطن ويدعم تطور المجتمع بشكل عام.
القدرة الشرائية
علاوة على ذلك، يولي قانون المالية أهمية كبرى لدعم القدرة الشرائية للمواطنين، في ظل التحديات الاقتصادية التي تواجه البلاد. ويضمن القانون عدم فرض ضرائب جديدة، كما تم التأكيد على الدعم الموجه للمواد الأساسية كالحبوب والحليب والمياه والطاقة والسلع الغذائية الضرورية، بميزانية تصل إلى 660 مليار دينار. ويعكس هذا التوجه حرص الدولة على تخفيف الأعباء المالية على المواطنين وتوفير احتياجاتهم الأساسية بأسعار معقولة، الأمر الذي يعزز استقرار الأسر ويحد من تداعيات التضخم. كما أمر رئيس الجمهورية بضرورة مراقبة الأسعار بشكل مستمر والتدخل عندما تقتضي الضرورة لضبط السوق ومنع التلاعب بقوت الجزائريين. إلى جانب هذا، يهدف القانون إلى تحفيز النشاط الاقتصادي وتشجيع الاستثمار في مختلف المجالات، من خلال تقديم تسهيلات ضريبية ودعم لوجستي للمستثمرين، خاصة الشركات الناشئة والتي يقودها شباب، من خلال تقديم إعفاءات ضريبية. ويُتوقع أن يؤدي هذا إلى خلق مئات الآلاف من فرص العمل، ما يسهم في تنويع الاقتصاد الوطني ويفتح آفاقاً أوسع أمام الشباب للاندماج في سوق العمل والمشاركة في بناء الاقتصاد الوطني. كما يتضمن القانون تدابير لتعزيز الاستثمار، بما في ذلك تحفيزات ضريبية وتسهيلات للمستثمرين، بهدف خلق 450.000 فرصة عمل جديدة، منها 220.000 فرصة مباشرة من خلال المشاريع الاستثمارية لتنويع الاقتصاد الوطني وتقليل الاعتماد على قطاع المحروقات.
ويعكس قانون المالية 2025 رؤية شاملة تضع المواطن في صلب الإصلاحات الاقتصادية، مع التركيز على تعزيز الدور الاجتماعي للدولة، من خلال دعم الفئات المتوسطة والهشة في المجتمع. كما يسعى إلى توفير بيئة استثمارية جاذبة لدعم القطاع الخاص، الذي يمثل ركيزة أساسية لدفع عجلة التنمية المستدامة في الجزائر وخلق آلاف فرص العمل.