اســـــــتراتــــيـــــجــــــيــــــات اتــــــصـــــــالـــــــيـــــــة وتــــــســــــويـــــــقـــــــيــــــة في مــــــتـــــــنــــــاول الــــــــقـــــــــــارئ
يعتبر الإعلام وعلم الاتصال من المجالات التي تحظى باهتمام الكتّاب والدارسين، وقد سجّلت المؤلّفات الصادرة في هذا الحقل العلمي والمهني حضورا لافتا في النسخة السابعة والعشرين من صالون الجزائر الدولي للكتاب. وقد اخترنا عيّنة من العناوين الصادرة في هذا الميدان، والتي حاولت معالجة مواضيع جديدة، مثل الصحافة الإلكترونية، والصحافة الاقتصادية، والاتصال الحدثي وما يرافقه من استراتيجيات اتصالية وتسويقية.
كثيرة هي العناوين التي شاركت في صالون الجزائر الدولي للكتاب، التي تحاول تقديم إضافة لميدان الصحافة والاتصال، خاصّة وأنّ مؤلّفيها أكاديميون من أهل الاختصاص العلمي.
ومن بين هذه الأعمال نجد كتاب “الصحافة المتخصّصة المكتوبة والإلكترونية” (90 صفحة) لمؤلّفته د.سلوى حميدان. وفي هذا الكتاب، الصادر عن دار “ألفا للوثائق”، ترى الكاتبة أنّ الصحافة المكتوبة نشاط اتصالي يرتبط ارتباطا وثيقا بالمجتمع، حيث يتأثر ويؤثر بطريقة مباشرة بالنظم الاجتماعية والثقافية والتنظيمات السياسية السائدة، ويهدف إلى توعية أفراده بالعديد من المفاهيم والأفكار عن طريق نشر المعلومات والحقائق والأخبار.
وتضيف الكاتبة بأنّ الإعلام المكتوب قد دخل عالم التخصّص كغيره من وسائل الإعلام، فأصبح له دور رئيسي في تحقيق تفاعل الأفراد والمجتمعات مع جميع المجالات والتخصّصات، وبات مطلبا تثقيفيا وهدفا رئيسيا للاتصال، من خلال ما تميّز به من فنون التحرير والإخراج التي تلائم نوعية التخصّص والجمهور المستهدف. واستطاعت تكنولوجيا الاتصال التي غزت العالم أن تحدث أثراً واضحاً على الأداء الصحفي والإعلامي لوسائل الإعلام المختلفة، ممّا أدّى إلى تحسّنها وتطوّر أدائها الفني والمهني، وكان للصحافة نصيب كبير من التطوّر التقني شأنها شأن باقي وسائل الإعلام، فامتزجت مع التكنولوجيا وظهر شكل جديد لها وهو “الصحافة الإلكترونية”، حيث شكّلت هذه الأخيرة ظاهرة إعلامية جديدة، ارتبطت بثورة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وأحدثت تطوّراً كبيراً من خلال نشر ومتابعة الأخبار، كما استطاعت استقطاب العديد من الشرائح الاجتماعية، الذين جعلوها بديلا للورق، حيث أتاحت لهم ظهور نوع جديد من الخدمة الصحفية، من خلال تقديم الأخبار الفورية والآنية، والمضامين الإعلامية التفسيرية والتوضيحية في قوالب إلكترونية غير متعارف عليها في عالم الصحافة الورقية ومع تزايد ظهور الصحف على شبكة الأنترنت وزيادة اشتراك الجمهور فيها اشتدّت المنافسة بينها وبين الصحف المطبوعة.
كتاب آخر في المجال، صادر عن نفس دار النشر، يركّز على جانب أكثر تخصّصا في الإعلام، هو كتاب “الصحافة الاقتصادية، بين متطلّبات التنمية وغياب التخصّص” (170 صفحة)، للكاتبتين د.كهينة بركون ود.جميلة أوشن.
ترى الكاتبتان أنّ الإعلام كان سابقا مجرّد أداة لنشر المعرفة ووعاء يحوي الثقافة ويقدّم الترفيه بأنواعه، وأصبح اليوم يروّج لخطط التنمية التي تنتهجها الدول المختلفة، فإسهام الإعلام في التنشئة الاقتصادية هدف أساسي ينبثق من أهمية التنمية في حدّ ذاتها، حيث يهتم الإعلام بالتنمية، فيركّز على الجانب الاقتصادي لأيّة مؤسّسة باستعمال وسائل مختلفة. وإذا كانت التنمية عملية اجتماعية يتم في إطارها التطوّر الاقتصادي، فهي بالتالي تستدعي تطوير عناصر الإنتاج وزيادته مع ترشيد الاستهلاك في السلع والخدمات داخل المجتمع، زيادة الدخل القومي، رفع المستوى الاقتصادي للأفراد وتوفير كافة الخدمات اللازمة لتحقيق خدمات أكبر، فالتنمية إذن عملية مقصودة تسعى الدولة من خلالها إلى توفير أو خلق وضع اقتصادي جيّد، وبالنسبة للتنمية الاقتصادية يقوم الإعلام بالتوعية بأساليب الحياة الاقتصادية، مع عرض القضايا الاقتصادية المحلية، وإقناع الجمهور بأبعادها المختلفة، والتركيز على محاربة الإسراف والتبذير الاقتصادي على المستويين العام والخاصّ.
وتضيف الكاتبتان أنّ الإعلام قد تمّ ربطه منذ زمن بعيد بالإنتاج وبالعمل، وأصبحت الصلة بين الإعلام والاقتصاد بارزة الآن أكثر فأكثر، وأضحى الاتصال قوّة اقتصادية مهيمنة وعاملا حاسما من عوامل التنمية الحقيقية في مختلف أنحاء العالم.
وتعتبر الصحافة المكتوبة من أهم الوسائل الاتصالية والإعلامية، وتشترك اشتراكا فعليا في مناقشة المشاكل الاقتصادية التي بإمكانها أن تعرقل مسار الإصلاحات الاقتصادية الوطنية. وفي ظلّ ازدياد الحاجات الإعلامية لكلّ الشرائح الاجتماعية، وكذا التطوّرات المتلاحقة التي أفرزتها العولمة بكلّ أبعادها، أصبحت الصحافة المتخصّصة ظاهرة حتمية وضرورية من واجبها الاستجابة للتخصّص والحاجة النوعية لقطاع بعينه هو قطاع الاقتصاد الذي أصبح في حدّ ذاته متشعّب التخصّصات والاهتمامات، فمبادرة الحكومة الجزائرية في إنشاء صحافة اقتصادية تصبّ في وعاء الاتصال والوساطة مع مختلف المتعاملين الاقتصاديين كانت بغرض طرح المشاكل الاقتصادية، والسعي لإيجاد حلول تطبيقية يمكن أن تستفيد منها المؤسّسات الاقتصادية العمومية والخاصّة، مع تقييم أنماط التنمية المقترحة والقوانين الدولية المرتبطة بالعلاقات الاقتصادية، وانعكاساتها على مستقبل الاقتصاد الجزائري بالسّلب أو الإيجاب.
ودائما عن دار “ألفا”، يقترح د.حسن حجاج علينا كتاب “الاتصال الحدثي..الرعاية والميسينا” (134 صفحة). ويرى الكاتب أنّه، بعد انتشار طرق التسويق والمحطات الإذاعية والتلفزيونية، زادت حاجة الفرد والمؤسّسة إلى البحث عن طرق خاصّة ومميّزة تساعدها في الانفراد ببعض الأسواق والأقاليم، فظهر ما يسمى علم التسويق، الإشهار، الاتصال وعلوم الإدارة، حيث سعت هذه الأخيرة إلى توظيف مختلف التقنيات والوسائل التي يمكن أن تجعل من المؤسّسة رائدة في مجال نشاطها، كما كان لظهور النزعة الإنسانية والأخلاقية في المؤسّسة دور في تبنّي بعض المؤسّسات لسلوكيات تنظيمية وأساليب إدارة تعتمد على الاتصال بشتى أنواعه، كالاتصال الداخلي، المؤسّساتي، التجاري، الإقليمي ومؤخرا الاتصال الحدثي، الذي كان لانتشاره وظهوره كأحد أدوات التسويق والتواصل في أمريكا في بادئ الأمر من طرف بعض المؤسّسات الصناعية كمؤسّسة فورد.
فالحدث، يضيف الكاتب، يعبّر عن تقنية تعتمد على الربط بين المؤسسة وجماهير معيّنة من أجل تحقيق أهداف معنوية واقتصادية، ففي الجزائر مثلا سعت العديد من المؤسّسات الجزائرية إلى المشاركة في، أو تنظيم، بعض الأحداث الخاصّة والعامة من أجل التعريف بنفسها والترويج لمنتجاتها خاصّة في المعارض والصالونات، ومن بين المجالات التي شهدت مؤخرا انتشارا كبيرا لاستعمال مختلف أنواع الأحداث (أبواب مفتوحة، معارض، صالونات وملتقيات…) في الميدانين السياحي والثقافي اللذيْن شهدا في السنوات الأخيرة احتضان العديد من المناسبات الدولية والإقليمية والمحلية.
ويحاول هذا الكتاب تسليط الضوء على الاتصال والحدث كآليات معاصرة، الأنواع، الرعاية والمسينا وأنواعهما، والاستخدامات النفعية التي يمكن أن تطوف على أساسها في بعض المجالات، خاصّة وأنّ التقنيات المرافقة للحدث (كالرعاية والمسينا) لم تتضح بالشكل المطلوب كاستراتيجيات اتصالية وتسويقية، سواء على المستوى الأكاديمي أو المؤسّساتي.