المشاريع تترجم رؤية طموحة لجزائر قوية اقتصاديّـا ومتوازنــة جهويّـــا
حملت زيارة رئيس الجمهورية، إلى بشار رسائل تنموية واضحة، وهي تعدّ حسب المستشار الدولي في التنمية عبد الرحمان هادف، حلقة في سلسلة من المحطات التي تؤكّد أنّ التغيير في الجزائر ليس شعارا، بل مسارا فعليا نحو بناء اقتصاد قوي، متنوع، ومتوازن، يراعي العدالة الجهوية والتكامل الوطني وفق رؤية تنموية شاملة مستدامة، ويجعل من الجزائر لاعبا محوريا في المنطقة.
بالنسبة للخبير الدولي هادف، فإن الزيارة التي قام بها رئيس الجمهورية إلى ولاية بشار، جاءت لتؤكّد مرة أخرى التزام الدولة بتحقيق نهضة تنموية شاملة ومتوازنة، تترجم رؤيته الطموحة لجزائر قوية اقتصاديا، متماسكة اجتماعيا، ومتوازنة جهويا.
أوضح الخبير الدولي في التنمية هادف في تصريح لـ»الشعب»، أنّ الرؤية التنموية التي يقودها الرئيس، ترتكز على إرساء نموذج اقتصادي متنوع وذي أداء عال، يتجاوز التبعية للمحروقات، ويستند إلى تنمية كل القطاعات المنتجة، من فلاحة وصناعة وطاقة متجدّدة وابتكار واقتصاد رقمي.
وفيما يتعلق بالنموذج الاقتصادي المنشود، يقول هادف أنه لا يقتصر على النمو الكمي، بل يضع في صلب أولوياته العدالة الاجتماعية التي تضمن الرفاهية للجميع، وتحقّق تنمية متوازنة تشمل جميع مناطق الوطن، من الشمال إلى الجنوب، ومن الشرق إلى الغرب، وتبرز في هذا الإطار، أهمية البنية التحتية كركيزة أساسية للنهوض الاقتصادي.
وذكر هادف - في هذا الصدد - بالأهمية الكبيرة التي توليها الدولة لإنجاز مشاريع استراتيجية في مجالات الطرق الوطنية والطرق السريعة، وخطوط السكك الحديدية التي تربط شمال البلاد بجنوبها، فضلا عن تطوير المطارات والموانئ وتحسين الربط الجوي والبحري بين الولايات الداخلية ومراكز النشاط الاقتصادي الكبرى من جهة، وبين الجزائر وباقي دول العالم من جهة أخرى، كما يعد تعميم شبكة الألياف البصرية، وتوسيع تغطية الإنترنت عالي التدفق وإطلاق الجيل الخامس للهاتف النقال، عاملا محوريا في دعم الاقتصاد الرقمي، وجعل التكنولوجيا في متناول الجميع ما يساهم في احتواء الفجوة الرقمية.
وبحسب الخبير، فإنه لا يمكن الحديث عن التنمية دون الإشارة إلى الجهود المبذولة في قطاع الموارد المائية، من خلال إنجاز السدود والربط بينها بشبكة التحويلات ومحطات تحلية المياه، حيث أصبحت الجزائر رائدة في هذا المجال وتحتل المركز الأول على مستوى القارة الإفريقية، وكذا في مجال السّكن، الذي يشكل أحد المحاور الرئيسية لرفع جودة الحياة وتحقيق الاستقرار والرفاه الاجتماعي.
ومن بين أبرز مرتكزات هذه الرؤية، ضرورة تجسيد تصور طموح للتنمية المحلية، باعتبارها رافعة أساسية للنمو الاقتصادي. فتحقيق الإقلاع الاقتصادي المستدام يمرّ حتما عبر تثمين القدرات المحلية، وتحويل الجماعات المحلية إلى فاعل اقتصادي وتنموي حقيقي، وهذا يستدعي -حسب هادف- وضع آليات ناجعة للحوكمة المحلية، وتوفير التمويل المبتكر، وتفعيل دور البلديات والولايات في استقطاب الاستثمارات واحتضان المشاريع الإنتاجية .
كما لا يمكن فصل هذا التصور، حسب المتحدث، عن الدور المركزي للكفاءات الوطنية، من خريجي الجامعات ومراكز التكوين، الذين يشكلون رأس المال الحقيقي الذي تعتمد عليه الجزائر الجديدة، حيث يرى أنه من الضروري تمكين الشباب وتأطيرهم، وتوفير لهم بيئة محفزة للإبداع والمبادرة، فهو يعتبرها الضامن الأساسي لنجاح النموذج التنموي الجديد المراد تحقيقه، خاصة في ظل الديناميكية التي تعرفها المؤسسات الناشئة والمقاولاتية.
أما من الناحية الاقتصادية - يضيف هادف - فإن الرؤية التنموية تسعى إلى إرساء طابع اقتصادي خاص بكل منطقة من مناطق الوطن، من خلال استحداث مناطق اقتصادية متخصّصة، وفتح أروقة اقتصادية تعزّز الميزات التفاضلية لكل جهة، الهدف من ذلك هو خلق نسيج صناعي محلي مندمج وتوفير فرص عمل مستدامة، وضمان استغلال عقلاني وعادل للموارد.
ويؤكّد الخبير الدولي أنّ هذه الرؤية المتكاملة تحمل في طياتها أبعادا وطنية وإقليمية، إذ لا تقتصر على الداخل، بل تنفتح على محيط الجزائر الإفريقي من جهة، وعلى شراكتها الاستراتيجية مع الاتحاد الأوروبي من جهة أخرى. فمن خلال تطوير محاور الربط بالطرق والسكك الحديدية مع دول الجوار، وتعزيز الشراكات الاقتصادية، يمكن للجزائر أن تصبح منصة لوجستية وتجارية تربط بين أوروبا وإفريقيا.