مديرة قسم مكافحة التصحر بمركز بحث تطوير الفلاحة الرعوية سارة هزيل لـ “الشعب”:

مشـــاريـــــــــــــــــع متجــــــــــــــدّدة لتنميـــــة بيئيـــــة مستدامــــة

معسكر: أم الخير سلاطني

 

❊ خطــــــــــــــــوة استراتيجيــــــــــــــــــة لضمـــــــــــــــــــان مستقبـــــــــــــــــــــل أكـــــــــــــــــــــــثر تــــوازنـــــًـــــــــــا

تؤكد مديرة قسم مكافحة التصحّر بمركز بحث تطوير الفلاحة الرعوية الدكتورة سارة هزيل، أن عمليات التشجير وإعادة تأهيل الأراضي المتدهورة، تعد استثماراً طويل الأجل يعود بفوائد اقتصادية واجتماعية وبيئية كبيرة، إذ يسهم في بناء بيئة مستدامة ويحسّن من نوعية الحياة، كما يعزّز الأمن الغذائي، إلى جانب تأثيرها الإيجابي على الاقتصاد من خلال توفير فرص عمل ودعم السياحة البيئية.

لفتت الدكتورة سارة هزيل في تصريح لـ “الشعب” إلى أنه من بين أهم القرارات والجهود المهمة التي قامت بها الدولة لمواجهة تحديات التصحر- خاصة في المناطق الجافة وشبه الجافة- هو مشروع أعادة تأهيل السد الأخضر، مشيرة إلى أن القرار يمثل خطورة نحو تنفيذ سياسات واستراتيجيات جديدة تعتمد على الاستدامة والتكيف مع التغيرات المناخية، من خلال برامج وطنية لمكافحة التصحر وتطوير المناطق السهبية بالمشاورة مع خبراء في المجال من خلال إنشاء لجان علمية ومحلية تساهم في القرارات المتخذة، خاصة اختيار الأصناف التي يتم غرسها والتقنيات والأساليب الموصى باتباعها، وكذا تحديد أوقات الغرس والاستراتيجيات التي تساهم في انجاح هذا المشروع الفلاحي الايكولوجي.
وأوضحت المتحدثة، أن إعادة تأهيل السد الأخضر عبر حملات التشجير في المناطق السهبية، قد يلعب دوراً مهماً في التخفيف من تأثير التغيرات المناخية، إذا تم تنفيذه بشكل صحيح ومستدام، من شأنه الاسهام في تحسين المناخ المحلي في المناطق الجافة، من خلال امتصاص ثاني اكسيد الكربون وزيادة الرطوبة في الجو، وزيادة خصوبة التربة وزيادة التنوع البيولوجي، مؤكدة، أن البحوث في المجال أثبتت قدرة التشجير في المناطق الجافة على التقليل من تأثيرات التغيرات المناخية بنسبة تصل إلى 30%.
وأكدت عضو اللجنة العلمية لإعادة تأهيل السد الاخضر بولاية الجلفة، أن أهم خطورة موصى بها في الاستراتيجية الحديثة المنتهجة من أجل إعادة تأهيل السد الأخضر، هي إشراك الملمين في المجال لتحديد الأصناف بطريقة مدروسة، ومن أهمها الخروب، الصنوبر، الأرغان، الاكاسيا، العرعار وشجرة الفستق، موضحة أنه تم التركيز في اختيار الأصناف الملائمة، على الأشجار المقاومة للجفاف والأشجار المثمرة التي لها هامش اقتصادي على البلد، بالإضافة إلى إشراك السكان المجاورين للغابات والمجتمع المحلي في مشروع إعادة تأهيل السد الاخضر، من خلال ادراج الاشجار المثمرة كالزيتون كمثال في البرنامج ومساعدتهم في توفيرها بحسب طبيعة كل منطقة، من حيث نوعية التربة والمناخ السائد وتوفر مياه السقي.
ولأن إعادة تأهيل السد الأخضر لا تقتصر على استعادة النظام البيئي فحسب، بل تُمثل استثمارًا مستدامًا يعزّز من قدرة الجزائر على مواجهة التغيّرات المناخية، تحقيق الأمن الغذائي، وتحسين الظروف الاجتماعية والاقتصادية للسكان المحليين، قالت المتحدثة “إن هذه الجهود تُعدّ خطوة استراتيجية لضمان مستقبل أكثر استدامة وتوازنًا للجزائر ومنطقة البحر الأبيض المتوسط ككل، لاسيما مع تصاعد الوعي البيئي وتزايد التهديدات المناخية”، حيث تحاول الجزائر- بحسب الخبيرة- إحياء مشروع السد الأخضر بوسائل أكثر استدامة، من خلال إشراك المجتمعات المحلية في حماية المناطق الخضراء ورفع مستوى التوعية حول أهمية المشروع، كما يُعوّل على التكنولوجيا الحديثة، مثل الرّي بالتنقيط وإدخال أنواع نباتات أكثر مقاومة للجفاف، لتحسين كفاءة استخدام الموارد وتحقيق نتائج أفضل.
وبالنسبة للعوامل المؤثرة في تدهور الغطاء النباتي في الجزائر، ترى الدكتور هزيل سارة، أن الإفراط في الرعي الجائر، والاستغلال غير المستدام للأراضي، هما من أبرز الاسباب المؤثرة التي يجب تفعيل أنظمة مراقبة مستمرة لمواجهتها، مشيرة إلى أن مشروع إعادة تأهيل السد الأخضر لا يعتبر كونه مبادرة وطنية لمكافحة التصحر في الجزائر فقط، بل يمتد أثره ليشمل بعدًا إقليميًا مرتبطًا بالبيئة المتوسطية. يتموضع السد الأخضر عند الفاصل الجغرافي بين الغطاء الغابي للبحر الأبيض المتوسط وصحراء شمال إفريقيا، ما يجعله حاجزا طبيعيا بين منطقتين مناخيتين متباينتين.
وأضافت المتحدثة أن هذا الموقع الفريد يعزّز من أهمية المشروع في حفظ التوازن البيئي على مستوى المنطقة، حيث يُسهم استعادة الغطاء النباتي في المناطق السهبية في الحفاظ على النظام البيئي ليس فقط في الجزائر بل للبحر الأبيض المتوسط بأسره، لافتة إلى أن الأبحاث العلمية، أظهرت أن إعادة تأهيل الأراضي المتدهورة في المناطق السهبية، عبر حملات التشجير المكثفة، يُسهم في تحسين التربة وزيادة قدرتها على الاحتفاظ بالرطوبة، حيث ينعكس هذا التحسّن المباشر على زيادة الإنتاجية الزراعية في هذه المناطق، ما يُعزّز الأمن الغذائي في الجزائر.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19626

العدد 19626

الثلاثاء 19 نوفمبر 2024
العدد 19625

العدد 19625

الإثنين 18 نوفمبر 2024
العدد 19624

العدد 19624

الأحد 17 نوفمبر 2024
العدد 19623

العدد 19623

السبت 16 نوفمبر 2024