مُبادرات لاستئصال الماء الأبيض واقتناء النظارات الطبية للتلاميذ

التكفل بمرضى الفئات الهشــة والمُعوزين.. أولويـّة السُلطـات بباتـنـة

حمزة لموشي

يتواصل التكفّل الصحّي الجيّد بالمرضى كبار السنّ في ولاية باتنة، في إطار التضامن مع الفئات الهشّة القاطنين بالمناطق النائية والبعيدة، حيث نجح الفريق الطبي المختصّ في طب وجراحة العيون بقيادة البروفيسور اروقي محمد الفاتح، رئيس مصلحة طب وجراحة العيون بمستشفى باتنة الجامعي، من إجراء أكثر من 160 عملية جراحية مجّانية مُتخصّصة، خاصّة بالماء الأبيض كُلّلت كلّها بالنجاح.
يُضاف النجاح للنجاحات الكثيرة التي يشهدها قطاع الصحّة بولاية باتنة في الثلاث سنوات الأخيرة، خاصّة بعد التطوّر الكبير في زراعة القرنية بمستشفى باتنة الجامعية، حيث أصبح ملف التكفّل بالفئات الهشّة والمعوزين، خاصّة القاطنين بالمناطق النائية والجبلية البعيدة بولاية باتنة، ضمن أولويات السلطات العمومية بباتنة، حسب ما أفاد به مدير الصحّة والسكان لولاية باتنة، حمدي شقوري، خلال إشرافه على انطلاق فعّاليات الأيام الجراحية الـ5 لطب وجراحة العيون الخاصّة بالماء الأبيض، والتي احتضنتها المُؤسّسة العُمُومية الاستشفائية عين التوتة، لفائدة 160 مريضا من الفئات الهشّة والعائلات المعوزة بعد إجراء فحوصات طبية دقيقة، أكّدت حاجتهم لمثل هذا النوع من التدخّل الجراحي.

نقص ثقافة الفحص الدوري للعيون يُسبّب مرض الماء الأبيض

وشملت قائمة المعنين بهذه الجراحة قاطني 6 بلديات تابعين لدائرتي عين التوتة وسقانة، حسب ما أفاد به مدير الصحّة والذي أكّد أنّها مبادرة طبية تدخل في إطار القافلة الطبية التي أطلقتها مصالح مديرية الصحّة بالتعاون مع المجلس الشعبي الولائي، والذي قاد مبادرات كثيرة في هذا الشأن، مثمّنا مساهمته الفعّالة في التكفل بهذه المبادرات التضامنية الصحّية، والتي تشهد إقبالا منقطع النظير من طرف المواطنين، خاصّة كبار السنّ والمُعوزين.
وأوضح شقوري أنّ هذه الأيام الجراحية سبقها تحضير مكثّف وتسخير كلّ الإمكانات المادية والبشرية لإنجاحها على غرار إجراء فحوصات طبية دقيقة خاصّة بأمراض العيون لفائدة أكثر من 600 مواطن، من بلديات عين التوتة، أولاد عوف، معافة، بني فضالة، تيلاطو وأخيرا سقانة، زاروا المؤسّستين العموميتين للصحّة الجوارية عين التوتة وسقانة، وأجروا فحصوات طبية مجانية لتشخيص مدى إصابتهم بمرض الماء الأبيض من أجل التكفل الأمثل بهم خلال هذه الأيّام الجراحية.
المبادرة تمّ تنظيمها على مدار يومين كاملين ودون انقطاع، حيث ستجرى عمليات جراحية لفائدة 80 مريضا يوميا، بعد تخصيص قاعتين جراحيتين للعمليات تتوفر على أحدث التقنيات والتجهيزات الطبية، حيث تسمح للفريق الطبي المختصّ بإجراء 4 عمليات جراحية في وقت واحد، وذلك بالتنسيق مع المستشفى الجامعي بباتنة، والذي وفر الأطقم الطبية المختصّة التي يُؤطّرها رئيس مصلحة طب وجراحة العيون البروفيسور روقي محمد الفاتح.
وشملت تلك التدخلات الجراحية، حسب ما أكّده والي باتنة، محمد بن مالك، استئصال الماء الأبيض المعروف طبيا بالكاتراكت، والذي تعاني منه غالبا الفئة العمرية التي تتجاوز 50 سنة، والذي يعتبر من أكثر أمراض العيون انتشارا في السنوات الأخيرة، الأمر الذي دفعه لتوجيه تعليمات صارمة للجهات المعنية بالتكفل بهذا الملف وتسخير كلّ الإمكانات اللازمة لذلك.

...وحملة للكشف واقتناء النظارات الطبية مجّانا لفائدة التلاميذ المعوزين

وكانت الفرصة سانحة أيضا يُضيف الوالي للإشراف على فعّاليات حملة الكشف والمُتابعة واقتناء النظارات الطبية لفائدة تلاميذ الطور الابتدائي الذي يُعانون من قصر النظر، حيث ألحّ الوالي على الإسراع في تمكين التلاميذ من هذه النظارات الطبية مجّانا قبل العودة لمقاعد الدراسة، من أجل السماح لهم بمتابعة الدراسة في ظروف صحّية جيدة، لتشمل العملية مستقبلا باقي أمراض العيون واستهداف أكثر الفئات العمرية من العائلات المعوزة، وذلك لفائدة التلاميذ المُتمدرسين بالطورين المتوسط والثانوي، نظرا للتأثير السلبي لنقص البصر على مسارهم الدراسي وما ينتج عنه من مخاطر مستقبلية قد تصل حدّ فقدان البصر.
وحسب الأطباء المشرفين على هذه المبادرات الخاصّة بطب وجراحة العيون بولاية باتنة، سواء المُتعلقة باستئصال الماء الأبيض لدى كبار السنّ، أو الفحوصات الخاصّة بالتلاميذ المتمدرسين، فإنّ غالبية الذين تمّ فحصهم، تنقصهم كثيرا ثقافة إجراء فحصوات دورية للعيون، حيث ثبت أنّ العديد من الحالات كان بالإمكان معالجتها في حينها وتجاوز مرحلة التدخل الجراحي، أو تركيب النظارات الطبية، لو قاموا بفحوصات طبية دورية، في حين أرجع بعضهم ذلك لضعف قدراتهم المادية، خاصّة الذين لديهم تلاميذ متمدرسين كثر.
المستفيدون من هذه المبادرات التضامنية أكّدوا فرحتهم الكبيرة وامتنانهم للأطقم الطبية والسلطات العمومية التي سخّرت كلّ إمكاناتها لإنجاح هذه المبادرات المجّانية ضمن القافلة الطبية المُتخصّصة في طب وجراحة العيون بولاية باتنة، والتي ساهمت حسبهم في التخفيف كثيرا من مشاكلهم الصحّية ومن معاناة أبنائهم المتمدرسين.
ويواجه التلاميذ المتمدرسون المعوزون خاصّة في الطور الابتدائي صعوبة كبيرة في التمدرس بسبب ضعف البصر لديهم وعدم قدرتهم على اقتناء النظارات الطبية وإجراء الفحوصات التي تكلّف كثيرا جيوب أوليائهم، خاصّة الذين لا يملكون تأمينا اجتماعيا لأسباب مختلفة، الأمر الذي دفع بالسلطات العمومية استغلال العطل المدرسية للقيام بمثل هذه المبادرات التضامنية وتعميمها بالتنسيق مع مختلف الفاعلين على غرار صناديق التأمينات الاجتماعية.
ونشير هنا إلى أنّ الولاية، تشهد سنويا فعّاليات الأيام الجراحية الخاصّة بالتشوّهات الخلقية لدى الأطفال المعوزين، حيث يتمّ إجراء أكثر من 100 عملية جراحية لفائدتهم في إطار التضامن مع هذه الفئة من المجتمع، خاصّة القاطنين بالمناطق البعيدة والمعزولة، في حين تُعتبر مُبادرة استئصال الماء الأبيض، خامس مبادرة طبية تمّ تنظيمها خلال السنة الماضية، شملت كلّ ربوع الولاية ببلدياتها الـ 61، لفائدة أكثر من 800 مريض عبر دفعات.
والجدير بالذكر في الأخير أنّ قطاع الصحّة بولاية باتنة، جعل منها ولاية رائدة وطنيا في مجال زراعة الأعضاء، خاصّة الكلى والقرنية والأوراك والخلايا الجذعية، حيث تمّ نقل هذه التجربة إلى بعض الدول الإفريقية على غرار دولة موريتانيا، التي تمّ بها مؤخرا تكريم الفريق الطبي المختصّ في زراعة الكلى بقيادة البروفيسور حسام الدين واغلانت من طرف الرئيس الموريتاني نظير العدد الهام من العمليات الجراحية الناجحة التي تمّ إجراؤها لمرضى موريتانيين وتكوين الأطقم الطبية الموريتانية في هذا المجال من طرف الفريق الطبي لباتنة.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19668

العدد 19668

الأربعاء 08 جانفي 2025
العدد 19667

العدد 19667

الثلاثاء 07 جانفي 2025
العدد 19666

العدد 19666

الإثنين 06 جانفي 2025
العدد 19665

العدد 19665

الأحد 05 جانفي 2025