خطى ثابتة نحو تحقيق الأمن المائي وفق استراتيجية متكاملة
تسعى الجزائر لتحقيق السيادة الاقتصادية وتعزيز أمنها الغذائي، الطاقوي، والمائي عبر تبنّي استراتيجية وبرنامج يعتمد على تحلية مياه البحر لضمان استدامة الموارد المائية، وذلك بوجود 19 محطة عاملة و7 محطات جديدة بحلول 2030، تقترب الجزائر من الريادة إقليميا في إنتاج المياه المحلاة، ممّا يعزّز قدرتها على تلبية احتياجاتها دون استنزاف المخزون الجوفي.
بدأ رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، تدشين أولى محطات تحلية مياه البحر، والتي أمر بإنجازها قبل أقلّ من 3 سنوات، ضمن مخطط استعجالي، لمواجهة شحّ تساقط الأمطار وتداعياته على احتياجات المواطنين وسقي المساحات الزراعية.
وقبل يومين، قام رئيس الجمهورية بتدشين مصنع لتحلية مياه البحر بوهران، وإلى جانب محطة فوكة، التي تمّ وضعها حيّز الخدمة، أمس، تستعدّ الجزائر لاستلام كامل لمشروع بناء 5 محطات لتحلية مياه البحر، والذي يشمل أيضا محطات كاب جنات ببومرداس وكدية الدراوش بالطارف وبجاية.
وبحسب الخبير الاقتصادي بوحوص بوشيخي، تعدّ هذه المحطات خطوة استراتيجية مهمّة لتعزيز الأمن المائي في الجزائر، خاصّة في ظلّ التغيّرات المناخية وشحّ الموارد المائية التقليدية، حيث ستعتمد البلاد بشكل متزايد على مشاريع تحلية المياه لضمان توفير مياه الشرب للسكان ودعم القطاعات الاقتصادية المختلفة، مثل الزراعة والصناعة، بموارد مائية أخرى.
ووفق المتحدّث، تلعب هذه المحطات دورا هامّا في دعم التنمية الاقتصادية، من خلال توفير مياه نظيفة للاستخدام المنزلي، الصناعي والزراعي، ممّا يساهم في تحسين جودة الحياة وتعزيز الإنتاجية.
وتندرج هذه المشاريع ضمن الإستراتيجية الوطنية للمياه 2021-2030، التي تسعى إلى تلبية احتياجات المواطنين من مياه الشرب عبر تحلية مياه البحر بنسبة تصل إلى 60 بالمائة، وأكّد رئيس الجمهورية باستمرار على أهمية تسريع وتيرة إنجاز هذه المحطات، بهدف توفير المياه الصالحة للشرب لسكان الولايات الساحلية والمناطق الواقعة على بعد 150 كيلومتر منها.
بناءا على ذلك، فإنّ الجزائر اليوم تسير بخطى ثابتة نحو تحقيق أمنها المائي، من خلال استراتيجية متكاملة تعتمد على تحلية مياه البحر كمصدر أساسي لتأمين احتياجات السكان والقطاعات الحيوية، ومع تزايد عدد محطات التحلية وتوسيع استخداكمها في مختلف المجالات، تتعزّز قدرة البلاد على مواجهة تحدّيات ندرة المياه وضمان استدامة الموارد المائية.
ويوضح الخبير بوشيخي أنّ الجزائر تعتمد في مشاريعها الزراعية الكبرى على البدائل المستدامة للمياه ومع اعتماد أكثر من 50 بالمائة من الاستهلاك اليومي للمياه على المخزون الجوفي، خاصّة في الزراعة وتربية الماشية، فإنّ توسيع استخدام مياه البحر المحلاة سيساهم في تقليل الضغط على الموارد الجوفية والسطحية، ويعزّز الأمن الغذائي والمائي في البلاد.
وأبرز أستاذ الاقتصاد، الجزائر تواجه تحدّيا في تحقيق الأمن المائي، على رأسها شحّ الأمطار والنمو الديموغرافي السريع، بالإضافة إلى المساحة الشاسعة للبلاد وللتعامل مع هذا الوضع، تعتمد البلاد على مصادر مياه متعدّدة، تشمل السدود، المياه الجوفية، فضلا عن تطوير تقنيات حديثة لتحلية مياه البحر وإعادة استخدام المياه المعالجة.
وأوضح المتحدّث بأنّ الجزائر تمتلك 75 سدّا موزّعا عبر التراب الوطني، أهمّها نسبة امتلاء سدود شرق البلاد تفوق احتياطات سدود الوسط والغرب، أما المياه الجوفية، فتقدّر بنحو 7.5 مليارات متر مكعب في الشمال، و55 مليار متر مكعب في الجنوب، مع استهلاك سنوي يصل إلى حوالي 52 بالمائة.
وأشاد الخبير بإستراتيجية رئيس الجمهورية، القاضية برفع نسبة الاعتماد على مياه محطات التحلية، لتلبية احتياجات المواطنين، وإعادة استخدام مياه المحطات المستعملة في السقي الزراعي ما يسمح بتعزيز المخزون الاستراتيجي من المياه السطحية والجوفية للبلاد.