بين ممارسة الهواية واستجلاب الرزق

الصيد بالصنارة.. المتعة المضمونة صيفا

ينتشر صيادو الأسماك بالصنارة على طول الشواطئ خاصة الصخرية منها ومنذ ساعات الصباح الأولى تبدأ رحلة الصيد وتستمر حتى ساعات ما بعد الظهر ينتظر فيها الصيادين غلّة يومية يتمنّونها وفيرة.
كبارٌ وصغار على شاطئ “جمبار” الصخري ببلدية المرسى، يقفون على صخور، يرمون صنانيرهم في البحر علّ سلالهم تمتلئ. ويقول جمال، الشاب الأربعيني من برج البحري أنه يأتي إلى البحر يومياً منذ أكثر من سنة، “منذ سنة وأنا آتي إلى هنا للصيد، والحمد لله، الغلة مقبولة ما بين 2 و6 كيلوغرامات يومياً أبيعها في السوق، وأحياناً هناك أصدقاء يشترونها بالتوصية”، أما العّم لخضر الرجل الستيني فيؤكد أنّ الصيد هذه الأيام وفير خلافاً لأيام الشتاء والموج، “لذلك نحاول البقاء لفترات أطول خلال النهار لتكون الغلة أوفر، ولنعوّض بعض الشيء عن فصل الشتاء الذي يحرمنا الصيد في الكثير من أيامه”.
لكن الغلة ليست وفيرة دائماً فقد يمرّ يوم ولا تعلق في صنارة صياد إلا بضع سمكات لا تكفي للبيع، فتكون وجهتها المقلاة في المنزل.

ملاذ الكثيرين لتمضية الوقت

أمام منظر البحر الجميل، وفي جو رطب يهبّ نسيم عليل يحمل معه حبات مياه البحر، يفترش مهدي قطعة من “الكارطون” فوق صخرة تعلو الشاطئ، يمسك قصبته بإحكام وهدوء. وبصبر وأناة، ينصت إلى هدير الأمواج وهي ترتطم بالصخور، وفي عالمه المتفرد، يسرح بفكره في المياه الزرقاء اللامعة يتأمل عظمة البحر، غير مبال بما يدور حوله من حديث الأصدقاء ومزاحهم، شيء واحد يكسر سكونه، اهتزاز الخيط.
عندئذ تبدو الفرحة على محياه وهو يجرّ الخيط بواسطة البكرة، بينما سمكة عالقة بالخطاف تحاول النجاة، فيبادر لإزالتها من المشبك ويضعها في الدلو الممتلئ بالسمك.
ويبوح مهدي، بعشقه وشغفه للصيد بالقصبة الذي مارسه منذ صغر سنه ـ قائلا ـ إنه يجد في البحر ملاذا للراحة والهدوء، بل يذهب إلى اعتباره دواء للروح العليلة وعلاجا لكثير من الأدواء.
ويردف هذا الصياد، الذي كان قبل حصوله على فرصة للعمل في إحدى الشركات يتخذ من الصيد وسيلة لكسب قوت يومه، أن “المداومة على القصبة علمتني التحلي بالصبر والحلم ليس فقط أثناء الصيد بل حتى في معاملاتي اليومية مع الناس”.

مدرسة تعلمنا الصبر

هواية الصيد مدرسة تربوية تهذّب النفس البشرية وتعلمها الصبر والمثابرة والهدوء وتحسن من الحالة المزاجية، تساعد على الانعزال عن ضغوط الحياة المستمرة والمشكلات الحياتية، تحسن الحالة الذهنية، وتقضي على رتابة الحياة، وتُسهم في إكساب الفرد العديد من الأخلاقيات الحياتية وأولها إيقاظ الضمير من خلال إعادة صغار السمك إلى الماء في حالة صيدها للحفاظ على الثروة السمكية، والوفاء والرحمة بالسمك دون تجريحه أو إيذاءه عند إخراج الصنارة من الماء إيمانا بقيمة وأهمية الحياة المائية.
ويمارس صيادو الأسماك هوايتهم والهدوء يسيطر عليهم شاكين همومهم ومعبرين عن حالهم فيحمل كلا منهم صنارته سالكا طريقه للبحر مبتعدا عن الضجيج في سبيل البحث عن الراحة الأبدية، فيقول السيد سعيد أحد هواة الصيد، والذي يبلغ من العمر 53 عاما، إن صيد الأسماك بالنسبة له حب وغاية، فهو يمارس صيد الأسماك منذ أن كان في عمر الاثني عشر.
وأضاف أنه يذهب للصيد يوميا إلى البحر بعد أن ينهي عمله في مجال بيع الخضروات والفواكه الساعة الرابعة عصرا ليريح أعصابه ويبتعد عن المشاكل بدلا من الجلوس على المقاهي.
وقال، إنه بالرغم من مكوثهم لساعات طويلة أمام البحر في شدة الحرارة وطيلة الانتظار وقضائه أحيانا أياما عديدة دون أن يصطاد شيئا وعدم ضمان صيد السمك في كل مرة وعدم تناوله للسمك، إلا أنه لا يتأثر بتلك الظروف لأن هدفه ليس اصطياد السمك فكثيرا ما يعيد السمكة للبحر بعد اصطيادها إن كانت صغيرة بل يكمن هدفه في الاستمتاع وقضاء وقت فراغه في عمل مفيد.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19546

العدد 19546

السبت 17 أوث 2024
العدد 19545

العدد 19545

الخميس 15 أوث 2024
العدد 19544

العدد 19544

الأربعاء 14 أوث 2024
العدد 19543

العدد 19543

الثلاثاء 13 أوث 2024