مع التدفّق الكبير للسيّاح وعدم كفاية المنشآت الفنقدية

الإقامـة لــدى الساكـن.. كلمـة سرّ نجاح صيـف تيبازة

أحمد حفاف

 تتحوّل ولاية تيبازة إلى منطقة مكتظة بالسكان في فصل الصيف بسبب تدفّق السيّاح عليها من كلّ صوب وحدب، رغبة منهم في الاستمتاع بالبحر على طول شريطها الساحلي الذي يبلغ 123 كيلو مترا، ومن أجل التنزّه في مواقع سياحية أخرى مثل الغابات والبنايات العتيقة والأماكن الأثرية.

غالبا ما يقصد السيّاح الأجانب تيبازة على مستوى الأماكن الأثرية مثل قبر الرومية، أما الجزائريين فيفرون إليها خلال الصيف قادمين من الولايات المجاورة والداخلية التي تعرف ارتفاعا كبيرا لدرجة الحرارة، ويسهم تدفّق الزوار والسيّاح في انتعاش الحركية التجارية بها، وتوفير مناصب عمل موسمية منذ بداية موسم الاصطياف كلّ سنة بين شهري جوان وسبتمبر.
تحسّبا لهذا الإقبال الكبير عليها، تنفّذ السلطات المحلية في ولاية تيبازة مخطّطا تسعى كلّ سنة لأن يكون ناجعا ويتضمّن توفير الأمن للمصطافين في الشواطئ والأماكن السياحية، كما تعمل على تحقيق الإنسيابية في حركة المرور ونظافة البيئة، كما يحرص القائمون على المركبات السياحية التابعة للدولة على تقديم خدمات جيدة للمصطافين.
 كما يُشكّل هذا الإقبال فرصة بالنسبة لبعض الشباب للاسترزاق من أنشطة ذي صلة بالجانب السياحي، مثل كراء مظليات وكراسي وطاولات للمصطافين بالشواطئ أو بيع المأكولات مثل “لي البينيي” أو “المحاجب”، يقوم بعض الخواص بكراء شقق للعائلات بل يسهمون في رفع قدرات الإيواء للولاية في ظلّ وجود عدد قليل من الفنادق.

... مـزايـــا الإقـامـة في الشقق المستـأجرة

 للوهلة الأولى يعتقد الكثيرون بأن تفضل استئجار الشقق بدلا من الحجز في الفنادق، هو راجع إلى غلاء أسعار هذه الأخيرة، لكن الحقيقة ليس كذلك كما يوضح صاحب وكالة عقارية تزاول نشاطها بالقرب من شاطئ “شنوة” الذي يحمل هذا التسمية نسبة إلى جبال شنوة.
في هذا الصدد، صرح قائلا:« ربما يحتاج السائح أن يشتري حليبا لرضيع على الساعة الثانية صباحا، وهذه الخدمة لا يمكن أن يوفرها الفندق الذي حدّد توقيتا للدخول والخروج، بينما يتصرّف السائح الذي يستأجر شقة مثله مثل الشخص المقيم في المكان، وبإمكانه متى شاء أن يذهب إلى الدكان ليشتري ويقضي حوائجه ويمكنه أن يتجوّل ليلا ويعود في ساعة متأخرة”.
 وتكمن أفضلية كراء المنازل على ضفاف البحر في أنّ صاحبها يحصل على عقد الإيجار ما يمنحه حق التصرف في شقته بحكم حيازتها لمدة محدودة كما يتضمّنها العقد- كما أنّ السائح له الحقّ في اختيار السعر الذي يناسبه بحسب السكن الذي يستأجره بحسب مقدوره، ولفت إلى أنّ الوكالة التي يشرف عليها تستثني فقط العزاب، وماعدا ذلك فهي تسهر على توفير شقق في متناول جميع العائلات التي تأتي للاستجمام والراحة، وأنّ هذه الشقق تتوفر على كلّ المستلزمات مثل مطبخ ومكيّف وحمام، وعلى العموم يبدأ سعر الشقة من 5000 دينار جزائري لليلة الواحدة، كما يمكن كراء فيلا بسعر 15 ألف دينار جزائري.
أكّد مسير هذه الوكالة بأنّ الإقبال على “شنوة” كبير في فصل الصيف، لكن في الشتاء تعرف المنطقة ركودا بسبب غياب أدوات الجذب السياحي، لذا دعا إلى فتح الأبواب أمام الراغبين في الاستثمار لأجل إقامة منتزهات، ولفت إلى إمكانية المزج بين السياحة البحرية والسياحة الجبلية مثل استغلال الغابة الواقعة في جبل شنوة وإنشاء مزارع للخيول وحدائق للألعاب المائية.
 في هذا الصدد، أوضح قائلا:« أعلم بأنّ بعض الخواص يملكون عقارات ولا يمكنهم الاستثمار على الرغم من تواجد هذه العقارات في منطقة التوسّع السياحي (ينبغي صدور مرسوم التهيئة لأجل منح رخص الاستغلال في المجال السياحي، وهذا بعد صدور مرسوم مناطق التوسّع السياحي في 2022)، وفي اعتقادي بأنّ بناء السكنات لأجل استئجارها للسياح ستكون مفيدة مثلها مثل الفنادق التي قد يفضّلها السيّاح الأجانب”.
بالقرب من الوكالة السياحية سألنا أحد المقيمين في “ شنوة” الذي اشتكى من غياب الإنارة العمومية في بعض الأحياء، ودعا إلى توسعة شبكة الطرقات في المحيط الحضري لولاية تيبازة لضمان الإنسيابية في حركة المرور خلال فصل الصيف نظرا لسير المركبات ليل نهار على امتداد الشواطئ.

”الميقري” يجـتهد لإيواء السيّاح في أفضل الـظروف

يعتبر محمد المدعو “الميـقري” المقيم بمحاذاة الشاطئ الأزرق من بين الخواص الذين أنجزوا استثمارات هامة في المجال السياحي وأسهموا في رفع قدرات الإيواء بولاية تيبازة، حيث يملك 16 شقة من ثلاث غرف وغرفتين، والتي تحتوي على الأثاث الضرورية مثل الثلاجة والتلفاز والمكيّف وكلّ وسائل الراحة.
وعن تجربته في هذا المجال، صرح قائلا:« بعدما لاحظنا الإقبال على تيبازة خلال فصل الصيف من قبل السيّاح الذين يعيشون بالجزائر وكذا المغتربين قررت الاستثمار مع شقيقي، ونحرص على توفير خدمات جيّدة للسيّاح مقابل أسعار في المتناول، ولعلّ ما يجعل السائح يفضّل كراء شقة لتفادي التقيّد بما يفرض عليه لو يبيت في الفندق، وبشقته يتصرف بحرية ويخرج أو يدخل في أيّ وقت أراد”.
وأضاف هذا المستثمر السياحي:« نتواصل مع الزبائن بكلّ الوسائل الممكنة مثل الفايسبوك ونستقبل مكالماتهم ونشرح لهم بخصوص الخدمات التي نوفرها والأماكن السياحية التي يمكنهم زيارتها، ونسعى قدر الإمكان أن تكون ظروف الإقامة مريحة لهم، وفي حالة ما إذا كانت الشقق محجوزة نبحث لهم عن شقق عند متعاملين مثلنا ينشطون في مجال استئجار البيوت والشقق...”.
 وتابع هذا المستثمر المغترب الذي عاد إلى وطنه لترقية السياحة:« بحكم التجربة فقد أرضينا الزبائن الذين تعاملوا معنا والدليل أنّهم يعودون إلينا خاصة في الشاطئ الأزرق الذي يعجب الكثيرين فهو يتوفر على رمل رقيق والسباحة به ممتعة”.
وختم قوله: “يقصدنا سيّاح من ولايات بعيدة مثل أدرار وبشار وتندوف ويمكن القول أنّنا نستقبل من كلّ الولايات الـ 58 سائحا على الأقلّ في السنة، ومنهم من يأت ولو لقضاء يومين على الأقلّ، لكنّ الإقبال الكبير علينا من ساكنة الولايات الوسطى الذين يأتون في شكل عائلات كبيرة، وبمجرد أن يكون سلوك أحد الأفراد جيدا فهذا مؤشر يريحنا ويجعلنا نثق في كلّ العائلة، والحقيقة أننا في بعض الأحيان نحصل على المساعدة من قبلهم، ومنهم إطارات ومثقفين ويشعرون بالراحة عندنا وهذا بفضل الاتصال الجيد معهم، وفيما يخص الأمن فرجال الأمن منتشرون في كلّ مكان سواء بالزيّ الرسمي أو المدني، كما أنّنا نوفر لزبائننا موقفا للسيارات خاص بنا لركن سياراتهم”.
 وتضمّ ولاية تيبازة 54 شاطئا منها 48 شاطئا السباحة بهم مسموحة، بالإضافة إلى مركبات سياحية تضم مرافق للإيواء مثل مركب القرن الذهبي، مركب القرية CET، ومركب “السات”، وبحكم قرب المسافة فهي الوجهة المفضّلة لعائلات الولايات المجاورة مثل البليدة وعين الدفلى والمدية، ويتسبّب الإقبال عليها في ازدحام مروري في عدّة طرقات بمنطقة الوسط خلال موسم الاصطياف.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19546

العدد 19546

السبت 17 أوث 2024
العدد 19545

العدد 19545

الخميس 15 أوث 2024
العدد 19544

العدد 19544

الأربعاء 14 أوث 2024
العدد 19543

العدد 19543

الثلاثاء 13 أوث 2024