واحدة من أجمل الجواهر الطبيعية في الجزائر

جـزيـرة “بالـوما”.. هنا يلتقي عُشّاق الغوص

أم الخير سلاطني

تعدّ جزيرة “بالوما” الصغيرة، الواقعة قبالة شواطئ وهران بالقرب من بلدية عين الترك، واحدة من أجمل الجواهر الطبيعية في الجزائر، تتمتع هذه الجزيرة بمياهها الصافية، وشعابها المرجانية الغنية، وإطلالاتها الساحرة التي تجذب السيّاح وعشّاق الطبيعة من كلّ حدب وصوب، حيث أصبحت الجزيرة محط اهتمام خاص من قبل نوادي الغوص المختصة التي تنظم جولات سياحية فريدة من نوعها لاستكشاف العالم البحري المحيط بها.

تقدّم نوادي الغوص والأنشطة البحرية في وهران،- في إطار تعزيز السياحة البيئية والترويج لجمال المنطقة الطبيعي-، رحلات استكشافية إلى جزيرة “بالوما”، حيث تشمل هذه الجولات- نقل الزوار عبر القوارب الصغيرة إلى الجزيرة، أين يمكنهم الاستمتاع بالغوص في مياهها الزرقاء الكريستالية، واستكشاف الحياة البحرية المتنوّعة التي تشمل أنواعاً نادرة من الأسماك والشعاب المرجانية، ضمن رحلات يومية تزيد عن 30 رحلة مؤطرة، للإشارة أنّ هذه النوادي تفتح باب الرزق والتشغيل الموسمي لفئات عمرية شابة، وتنشط الحركية التجارية والسياحية على طول ساحل دائرة عين الترك.

استكشاف أعماق البحر

أحد هذه النوادي، نادي “أبيباس نوتيك وهران”، ونادي “لادوراد”، اللذان يقدّمان تجربة غوص متكاملة مع فريق من الشباب المحترف في رياضة الغوص تحت الأعماق، يرافقون السياحة أثناء تجربة الغوص أثناء استكشافهم للمواقع البحرية الأكثر جمالاً وأماناً حول الجزيرة، كما يتيح الناديان للزوار، في عمل احترافي مشترك، فرصة تجربة الغوص لأول مرة من خلال دورات تعليمية سريعة، ممّا يجعل هذه الرحلات مناسبة لكلّ من المبتدئين والمحترفين.
تنطلق الجولات السياحية، لنادي أبيباس نوتيك وهران ونادي “لادوراد”، عادةً من شاطئ “كوراليز” بعين الترك، في الصباح الباكر، حيث يستقل الزوار قوارب نزهة مؤمنة، في رحلة تستغرق حوالي 15 دقيقة للوصول إلى جزيرة بالوما الواقعة على بعد 7 كلم و400م، من شاطئ كوراليز، وبمجرد الوصول، يتم تقديم معدات الغوص اللازمة للسياح ودرس مختصر حول تطبيق عملية الغوص وكيفية التنفس تحت الماء باستعمال قوارير الهواء المضغوط، لينطلق المغامرون رحلتهم تحت سطح الماء، ضمن مسلك موجّه يؤطّره الغوّاصون المحترفون، وبالإضافة إلى الغوص، يتمكّن زوار جزيرة بالوما من التنزه حول الجزيرة واستكشاف طبيعتها الخلابة، حيث يتواجد على الجزيرة أنواع مختلفة من الطيور، إضافة إلى أسراب الدلافين التي تقترب كثيرا من الموقع.
ويعدّ المغتربون من أبناء الوطن، والسياح الأجانب، أكثر سياح المنطقة إقبالا على زيارة جزيرة بالوما وممارسة الغوص في أعماقها التي تصل إلى 18 مترا تحت مياه البحر الفردوسية، ذلك لأنّ مبلغ الرحلة السياحية الاستكشافية لا يناسب جميع الراغبين في خوض مغامرة مماثلة، حيث يقدر سعر الرحلة بـ 2000 دج للفرد، مقابل خدمة النقل إلى الجزيرة، يضاف إليها تكلفة خدمة ممارسة الغوص في أعماق البحر، التي تستقر عند سعر 2500 دج للشخص الواحد، وتشمل المرافقة المؤطرة من قبل محترفين في الغوص، والتقاط صور للذكرى في أعماق البحر، مع أسراب السمك والراية الوطنية المثبتة بإحكام على الشعاب المرجانية.
وفي استطلاع للرحلات الاستجمامية التي يوفرها نادي الغطس والأنشطة البحرية “أبيباس”، التقت “الشعب” بسياح أجانب، من الصين، مصر الشقيقة، وبريطانيا، حيث لوحظ جليا انبهارهم بالمنظر العام لهذه الجزيرة الهادئة التي تتوسط الساحل، ويفترش اللون الأزرق الغامض والأخضر الفاتح محيطها الصخري، فيما تحرسها طيور النورس من كلّ جانب، وتتراقص أسراب الدلافين في مياهها ترحيبا بالزوار المنبهرين بجمال المنظر البحري، الذي يزداد كلما ابتعدنا عن الشاطئ.
أحد زوار الجزيرة، من أبناء الوطن المغتربين، قال:« لا طالما رغبت في الوصول إلى هذه الجزيرة للاستمتاع بمغامرة جديدة، لا تشبه السياحة المألوفة على الشواطئ، حيث أصبحت جزيرة بالوما وجهتي المفضلة في كلّ عطلة سنوية، برفقة أفراد عائلتي، وعلى الرغم من أنّ الرحلات والخدمات مكلّفة جدّا، إلا أنّها تستحقّ العناء في سبيل استكشاف سحر الوطن وتجربة مغامرات جديدة”.
أما بالنسبة لـ “رشا 14 سنة” وهي سائحة مغتربة من تولوز الفرنسية، فقد أحبت فكرة الغوص على الرغم من أنّها لا تحسن السباحة، حيث قالت:« ألهمني جدّا رؤية أعماق البحر.. كنت خائفة لكن سرعان ما تبدّد الخوف بفعل المؤطرة المحترفة التي رافقتني” وتضيف بعفوية وبراءة بالغة: “ استطعت إطعام الأسماك الصغيرة بيدي.. والتقطت صورا بالقرب من العلم الجزائري تحت الماء.. إنّها فعلا مغامرة جميلة ولا تنسى، شعرت وكأنّني في عالم آخر تحت الماء، الحياة البحرية هنا مذهلة، ولم أكن أتوقّع أن أرى هذا الكم من الجمال الطبيعي في مكان قريب من وهران.”
على الرغم من أنّ هذه الجولات السياحية تعتبر فرصة رائعة للتعرّف على جمال سواحل الوطن وأعماقه الثرية بالحياة البحرية، إلا أنّ النوادي المختصة في تنظيم رحلات النزهة إلى جزيرة “بالوما”، تولي اهتمامًا كبيرًا لحماية البيئة البحرية، حيث يتم تزويد الزوار بتعليمات واضحة حول كيفية الحفاظ على الشعاب المرجانية وعدم الإضرار بالحياة البحرية، كما أنّ نوادي الغوص تعمل بالتنسيق مع السلطات المحلية لضمان أنّ هذه الأنشطة تتم بطريقة مستدامة تراعي الحفاظ على التوازن البيئي، وبطريقة آمنة، حيث تقول بن منصور وفاء، رئيسة نادي “لادوراد”، أنّ أمن السياح من أمن نشاطنا السياحي، وحتى يتحقّق ذلك لابد من حماية واستدامة أمن بيئتنا البحرية.

جزيرة الحمام

في حين أوضح مصطفى بلحاج، رئيس نادي أبيباس للغوص والأنشطة البحرية، أنّ جزيرة بالوما ليست مجرد وجهة سياحية، بل هي جوهرة تستدعي التثمين والمبالغة في الاهتمام بها، ويضيف:« نحن نجتهد لتوفير تجربة غوص فريدة للزوار، ونمنحهم فرصة استكشاف الجمال الخفيّ للبحر الأبيض المتوسط، وبفضل الجهود المشتركة بين النوادي السياحية والبيئية، أصبح بإمكان الزوار الاستمتاع برحلة لا تُنسى تحت الماء، وفي الوقت نفسه المساهمة في الحفاظ على البيئة البحرية الثمينة للجزائر”.
وتعتبر جزيرة “بالوما” جزيرة صغيرة تقع قبالة شواطئ عين الترك بوهران في الجزائر، تُعرف أيضًا باسم “جزيرة الحمام” بسبب تواجد أعداد كبيرة من الطيور هناك، وخاصة طيور النورس.
هذه الجزيرة تعتبر واحدة من الوجهات السياحية الرائعة في المنطقة بسبب طبيعتها الخلابة ومياهها الصافية، يمكن للزوار الوصول إليها عن طريق القوارب الصغيرة من الشواطئ القريبة، حيث تعد جزيرة بالوما مكانًا مثاليًا لمحبي الغوص والسباحة، كما أنّها توفر إطلالات بانورامية رائعة على ساحل وهران والمحيط البحري، وبالإضافة إلى جمالها الطبيعي، تعدّ جزيرة بالوما جزءًا من تاريخ المنطقة، حيث كانت تستخدم في بعض الفترات الماضية كموقع دفاعي بحري وملاذا للبحارة والصيادين.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19628

العدد 19628

الأربعاء 20 نوفمبر 2024
العدد 19627

العدد 19627

الثلاثاء 19 نوفمبر 2024
العدد 19626

العدد 19626

الثلاثاء 19 نوفمبر 2024
العدد 19625

العدد 19625

الإثنين 18 نوفمبر 2024