مياه معدنية لم تنضب منذ مئات السـنين بمعسكر

”عين قدار”.. مقصدُ للعائلات ومرضى الكلى

معسكر: أم الخير-س

من قلب الطبيعة بمنطقة سيدي بوسعيد في ولاية معسكر، ومن بين السفوح الصخرية لدوار “حموية”، تتدفق مياه عذبة غنية بالعناصر المعدنية.

يقع منبع “عين قدار” الطبيعي في إحدى المناطق الجبلية الساحرة، ببلدية سيدي بوسعيد، واكتسب تسميته، عن الوليّ الصالح سيدي احمد بن قدار، الواقع ضريحه بين سفوح مرتفع جبلي صخري بسيدي بوسعيد، ويشتهر المنبع الطبيعي بخصائصه العلاجية الفريدة، التي تجذب الزوار من كلّ حدب وصوب، لاسيما من مرضى الكلى، حيث تستخدم مياهه العذبة المتدفقة منذ زمن قديم، في العلاج والشفاء من العديد من الأمراض بفضل تركيبتها المعدنية الغنية، لاسيما فعّاليتها في تفتيت حصى الكلى.
تتميّز مياه منبع “عين قدار” بتركيبتها الكيميائية الفريدة التي تحتوي على مجموعة متنوّعة من المعادن والعناصر الهامة، أبرزها عنصر الحديد Fe²، حسب التحاليل والدراسات التي أقيمت على مياه المنبع سنة 2014، حيث لم يعد المنبع منذ ذلك الوقت، مجرد مصدر للمياه العذبة، بل تحول إلى مقصد لعلاج العديد من الأمراض بفضل خصائصه الفريدة، بالنظر إلى الدور الحيوي الذي يلعبه عنصر الحديد، في تعزيز الصحة العامة، وأهميته لإنتاج الهيموغلوبين في الدم، ممّا يساعد في نقل الأكسجين إلى جميع أنحاء الجسم، كما يعزّز تواجد الحديد في مياه “عين قدار”، عملية الشفاء من أمراض الكلى، ويساهم في تحسين مستويات الطاقة والقدرة على التحمل لدى الأفراد الذين يعانون من نقص الحديد.
كما تشتهر مياه منبع عين قدار، بقدرتها الفعّالة على علاج أمراض الكلى، وخاصة حصى الكلى، حسب تجارب كثيرة لمرضى قصدوا المنبع لأغراض علاجية، قدموا إلى المنطقة التي ذاع صيتها بفعل الخصائص العلاجية لهذا المنبع الطبيعي، بفضل تركيبة مياهه المعدنية الغنية، التي تساعد في تفتيت الحصى وتسهيل خروجها من الجسم، ممّا يخفّف من الآلام ويحسّن من وظائف الكلى، حيث يعتقد سكان المنطفة ومن فازوا بنتائج صحية جيدة عن تجربتهم لمياه المنبع، أنّه لابد أن يسقى المريض بمياهه العذبة في الصباح الباكر وهو على صيام قبل أن يتناول شيئا، كما على قاصدي المنبع لأهداف علاجية أن يقتنوا مياهه في قوارير زجاجية أو طينية، بدل من قوارير البلاستيك، حتى لا تفقد المياه خصائصها العلاجية.
ويستقطب منبع عين قدار ببلدية سيدي بوسعيد، الكثير من الناس من مختلف الأماكن ومناطق الوطن، طلبًا للشفاء والاستفادة من مياهه العذبة، على الرغم من صعوبة الوصول إليه عبر مسلك صخري، يطل على سفوح وشعاب توشّحت الأخضر بفعل استمرار تدفّق مياه المنبع الطبيعي إليها، على الرغم من الجفاف الذي يضرب المنطقة، منذ سنوات، ولم يؤثر إطلاقا على حجم وكمية تدفّق المنبع. الطبيعي، الأمر الذي حوّل المنطقة المعزولة، إلى وجهة سياحية مفضّلة لدى الكثير من العائلات والزوار، الذين يقصدون المنطقة للتداوي بمياه المنبع، ويستمتعون بالمناظر الطبيعية الخلابة، ما يجعل الموقع مناسبا لرحلة علاجية متكاملة، بين الشعور بالراحة والاسترخاء، وشرب مياه معدنية ذات خصائص علاجية.
وكما هو الحال بالنسبة للعديد من المنابع الطبيعية عبر تراب الوطن، يمثل منبع عين قدار بمعسكر، مصدرًا هامًا لدخل للسكان المحليين، الذين يستضيفون زوار المنطقة بصدر رحب وكرم كبير، فضلا عمّا يقدّمونه لزوار المنطفة من خدمات تجارية بسيطة، تعتبر مصدر دخل لبعض العائلات، على غرار بيع المأكولات الخفيفة والخبز التقليدي.
وخلاف الكثير من المنابع الطبيعية التي تحيط بها الأساطير والحكايات الشعبية، لتضيف إليها هالة من السحر والغموض، على غرار منبع عين بنت السلطان بقلب مدينة معسكر، لم يختلق سكان المنطقة ممّن ترعرعوا في محيط منبع عين قدار، أيّ رواية شعبية أو أحجيات أسطورية، باستثناء حقيقة أنّ المنبع كان مصدرا للتزوّد بالمياه منذ مئات السنين، زيادة على أنّه كان يقصده المجاهدون في حرب التحرير المباركة للاستراحة واقتناء مياهه، قبل أن تتحوّل أحد مزارع الكولون في المنطقة والقريبة من موقع المنبع، إلى مركز للحراسة والتعذيب.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19546

العدد 19546

السبت 17 أوث 2024
العدد 19545

العدد 19545

الخميس 15 أوث 2024
العدد 19544

العدد 19544

الأربعاء 14 أوث 2024
العدد 19543

العدد 19543

الثلاثاء 13 أوث 2024