بسبب التسمّمات الغذائية وانعدام النظافة وقلة الوقاية

صيدليات تعمل على مدار اليوم والى ساعة متأخرة من الليل

بن عياد سعيد

تحول الإقبال على الصيدليات كالإقبال على أسواق المواد الغذائية أمرا عاديا، بحيث لا ينقطع الدخول إلى هذه المحلات على مدار اليوم، فأصبحت مثل دكّان الحي،، في كل منعرج صيدلية،، لم يعد مدهشا أن تستمر الصيدليات في العمل على مدار اليوم وإلى ساعة متأخرة من الليل.
 لقد انتعشت تجارة الأدوية في العشرية الأخيرة،، وبقدر ما تمثل وفرة الأدوية مؤشرا جيدا، بقدر ما تعكس أيضا قلقا لا ينبغي القفز عليه، بالنظر لما يمثله ذلك من ارتفاع لسهم الطلب على الدواء، ويرمز ذلك إلى حقيقة ينبغي أن تشغل البال، ألا وهي اتساع مساحة المرض في المجتمع.
يسجل في فصل الصيف ارتفاع مستوى استهلاك الأدوية، خاصة تلك الموجهة لآلام عارضة أو أوجاع طارئة، ويزيد من هذا التوجه تراجع مستوى الوقاية وتدني احتياطات يتطلبها الحرّ وتأثيراته على السلع والأشخاص، خاصة على مستوى مواقع الاستجمام ومراكز الاصطياف.
 وبالتأكيد، يمثل ارتفاع حجم الطلب على الصيدليات مصدر انشغال للمتتبعين، خاصة في غياب أو قلة المبادرات التي تنمي ثقافة الوقاية من الإصابة بأمراض فصل الصيف،، فخارج الحملات الدورية التي يتم القيام بها من حين لآخر، يسجل ضعف الأداء على صعيد الإرشاد والنصح والتوجيه لفائدة جموع المواطنين الذين يقصدون بكثرة الشواطئ والمحطات الفندقية والحمامات المعدنية.
مثل هذه المقاصد والوجهات الصيفية التي تحتضن الآلاف من العائلات والمواطنين من كل الأعمار، خاصة الفئات الهشة مثل الأطفال والكهول، تحتاج إلى مرافقة من حيث الإرشادات والتوجيهات المتعلقة بالحفاظ على الصحة العمومية، التي تكلف الكثير من الموارد.
 والوقاية التي ينبغي الاستثمار فيها، هي تلك التي تأخذ بالمواطن إلى بر الأمان في مواجهة أخطار تنجم عن مناخ الصيف في ظل انعدام النظافة وتهاون المستهلك في تناول أي شيء وفي أي وقت،، إنها مسؤولية الجمعيات والجماعات المحلية، التي لا يبدو أنها تولي هذا الجانب أهميته بالشكل اللازم والقوة المطلوبة، كما هي مسؤولية العائلات لتوفير مساحة فعالة لحماية أفرادها من أي خطر، مثل التسمّم الغذائي والصداع ومختلف الأوجاع، إلى جانب التهابات الجلد المحتملة بفعل البقاء طويلا تحت أشعة الشمس في البحر بالخصوص.
إذا كان ارتفاع الطلب على الدواء ‘’يسعد’’ أصحاب الصيدليات، ومن خلفهم مستوردو الأدوية وبالتالي يخدم مصالح المخابر والشركات المحلية والدولية، فإن الآمر يستهدف بالدرجة الأولى القدرة الشرائية للمواطن ويستنزف موارد الضمان الاجتماعي، الذي يضمن تعويض الأدوية بمختلف الصيغ أبرزها بطاقة الشفاء والدفع للغير.
 هنا يمكن تصور مدى إدراك الفعاليات الاجتماعية ومركزها الجماعات المحلية لأهمية تنمية ثقافة النظافة والوقاية لاستباق أي أمراض محتملة، ومن ثمة المساهمة في تقليص استهلاك الأدوية، التي تترك تأثيرات جانبية.
ومن خلف كل هذه الجهات المعنية بالمحافظة على الصحة العمومية، يتحمل الإعلام بكل وسائله واجب المساهمة في تنوير المواطنين بمحاسن الوقاية ومساوئ اللجوء إلى استهلاك أدوية بدون توصية من طبيب أو مختص. كما للتاجر التزام أخلاقي وقانوني تجاه المستهلك بالامتناع عن بيع مواد منتهية الصلاحية تسبب تسمّمات غذائية كمواد سريعة التّلف، أو مواد استهلاكية محظورة عن فئات عمرية معينة كالتبغ للأطفال وغيره.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19547

العدد 19547

الأحد 18 أوث 2024
العدد 19546

العدد 19546

السبت 17 أوث 2024
العدد 19545

العدد 19545

الخميس 15 أوث 2024
العدد 19544

العدد 19544

الأربعاء 14 أوث 2024