غياب المؤسسات المختصة أخّر المشروع الوطني للترجمة

بوطغان: تتعثر تدريجيا تحت وقع راهن ثقافي وسياسي واجتماعي

قالمة: آمال مرابطي

إيمان: نفتقد لمشروع وطني واضح السياسة والأهداف

شهدت الترجمة في الجزائر ركودا كبيرا، بينما يترجم الغرب الآلاف من العناوين سنويا حيث أجمع من التقينا بهم أن واقع الترجمة متعثر لغياب المؤسسات الخاصة مع غياب مشروع وطني للترجمة واضح السياسة والأهداف، وهذا ما أجمع عليه المختصون في هذا المجال.
أوضح الشاعر والمترجم محمد بوطغان لـ«الشعب” أسباب تعثر الترجمة في الجزائر قائلا: “ليس خافيا على أحد الحجم العظيم من القلق الإنساني عبر كل العصور وفي تجليات الحياة والعيش كلها وهو قلق لم يتوقف عن التعاظم والتنامي حتى في محطات الانسانية الأكثر اطمئنانا إلى الأجوبة التي انتجتها أسئلة هذا القلق ومحاولة الفهم والوعي بالوجود وسياق الكينونة من خلال الأسئلة والاشكالات التي طرحتها التجربة الانسانية وظواهر الحياة تجلت في النصوص المقدسة والأناشيد البدائية والنصوص الأدبية التي أبدعها الواقع والتمثل والمخيال”.
ويضيف: “وقد راحت هذه الأسئلة تبحث عن الأجوبة داخل النصوص التي كتبت بلغتها أولا وتغامر بمحاورة ومساءلة نصوص بلغات أخرى لعلها تحظى برؤية أوضح للتأويل والفهم والكشف وتجارب ترجمة النصوص الأجنبية في الجزائر قديمة وعميقة رغم ضيق مساحتها وانتشارها وراحت تتعثر تدريجيا تحت وقع راهن ثقافي وسياسي واجتماعي أدى إلى انكفائها، ولايخفي على أحد أن أسباب هذا التعثر كثيرة ومتعددة منها غياب مشروع وطني للترجمة واضح السياسة والأهداف.. ومنها غياب المقابل والتشجيع المادي للمترجم.. ومنها  العشوائية والتسرع في ترجمة أعمال أدبية يضل بها ناشرا، وجهة
أو هيئة رسمية او غيرها وذلك قصد إثبات التواجد والتظاهر في مناسبة ما( إذ كيف يطلب من مترجم أن يترجم ١٠٠ صفحة في ١٤ يوما وهي صفحات القسم الثاني من كتاب لم تكن له فرصة قراءة قسمة الأول).
وأشار ذات المتحدث في هذا المقام إلى أن تعثر الترجمة في الجزائر كيفيا هو أمر إعلامي أكثر مما هو أمر فني لأن الكثيرين مازالوا يعتقدون أن الترجمة الناجحة الجيدة يجب أن تعود وتستشير معجم وقاموس الخطابة العربية القديمة وانساق الخطاب المرصع بالسجع والجناس والتورية.. كما أدى عدم احترافي الناشرين وسعيهم وراء الريح السريع الآني وتخلي الهيئات الثقافية المعنية عن الترويج للأعمال المترجمة وتسويقها بالشكل اللائق.. إلى قتل هذه الأعمال فور صدورها، اعقتد أن الجزائر بتركيبتها الثقافية والبشرية وسياقها التاريخي وموقعها الجغرافي مؤهلة لأن تكون رائدة ولأن تكون لها المكانة الأرفع في مساءلة الآخر عبر الترجمة وليس ذلك بصعب لو أمنت بقدراتها.
ومن جهة أخرى،. وليس بعيداعن رأي المترجم محمد بوطغان، اعتبرت سلمى إيمان طالبة مهتمة بالمجالات الأدبية والإعلامية بقسم الترجمة جامعة قالمة، أن الترجمة الأدبية في الجزائر تعد من التحديات الكبرى التي تسعى إلى كسب رهانها لأنها مرآة الحضارات والوسيلة الأفضل للتعرف على ثقافة الشعوب الأخرى ومعرفة تطلعاتهم ونظرتهم للحياة  ومن خلال منجزاتهم الأدبية ونظرا لأهميتها البالغة فبامكان الجزائر تدارك النقص من خلال تكوين مترجمين متخصصين في المجال الأدبي ذوي كفاءة عالية في اللغة الأم وكذا اللغة الهدف والاحاطة بالجوانب الثقافية لكلتا اللغتان اضافة الى سن قوانين أساسية للمترجم الأدبي والاسراع في استحداث هيئة خاصة بالترجمة الأدبية من أجل رسم استراتيجية وطنية في هذا المجال.
وفي إجابة عن السؤال المتعلق بكيفية تدارك التعثر في ترجمة الأعمال الأدبية الجزائرية تقول: “حسب اعتقادي الخاص فإن أسباب التعثر تكمن في صعوبة الترجمة الأدبية من جهة وانسياق المترجمين وراء متطلبات السوق من جهة أخرى” وتضيف:«كما يعرف الجميع فإن المقروئية في الجزائر ضعيفة جدا”.
وعن دور الجامعة أوضحت بأنه يتمثل أساسا في تكوين مترجمين أكفاء في جميع أنواع الترجمة سواء كانت أدبية أم تقنية ويتوقف دورها عند التكوين وليس منوطا بها ترجمة أعمال أدبية وان تطرق لها الطلبة في مذكرات تخرجهم، فهذه المذكرات تبقى رهينة رفوف الأرشيف.
كما تبرز أسباب التعثر، أي الواقع الذي تتخبط فيه الترجمة الأدبية موضحة عدة نقاط، أهمها صعوبة هذا النوع من الترجمة اذ ليتمكن المترجم من ترجمة نص أدبي يلزمه، فضلا عن التمكن من اللغة المصدر واللغة الهدف، أن يملك حسا أدبيا وهذا ليس متاحا لكل المترجمين.

 

 

 

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19630

العدد 19630

السبت 23 نوفمبر 2024
العدد 19629

العدد 19629

الجمعة 22 نوفمبر 2024
العدد 19628

العدد 19628

الأربعاء 20 نوفمبر 2024
العدد 19627

العدد 19627

الثلاثاء 19 نوفمبر 2024