قدم رئيس المجلس الأعلى للغة العربية صالح بلعيد، خلال المؤتمر الدولي االثالث للغة العربية الموسوم بـ”المعجمية العربية والدراسات البينية”، مداخلة بعنوان “المعجمية العربية ومشروع النهوض باللغة العربية”، تطرق فيها إلى صناعة المعاجم ومعالم النهوض اللغوي، وذلك من خلال السياسة اللغوية والتربوية.
تم تنظيم المؤتمر من طرف كلية الآداب جامعة الوصل بدبي، تحت رعاية رئيس مجلس أمناء الجامعة جمعة الماجد، وعرف على مدى يومين، مشاركة 42 باحثا من 9 دول. قدموا 35 بحثا خلال 7 جلسات علمية، وذلك بهدف بناء المعارف وتلقيح الأفكار، والإفادة من التجارب العلمية للباحثين المشاركين في الملتقى.
وفي هذا الجانب، ذكر رئيس المجلس الأعلى للغة العربية البروفيسور صالح بلعيد في مداخلته “أن المعاجم متن لغوي أساس لكل اللغات ، وهي تراثها ومكنزها وقاعدة نحوها وصرفها ودلالة مفرداتها. وإذا كان العرب قالوا قديما“الشعر ديوان العرب” فإن المعجم كنز اللغة الذي تستمد منه ألفاظها وحركات أفعالها وضمائمها، وكل ما يخدم تناسق الكلمات مع بعضها في إطار ألفاظها من حيث: اشتقاقها ومبناها ومعناها وعلاقة كل لفظة بما يجاورها، وما يفسرها بالتضاد أو المشترك، وما يرتبط باللفظة من حيث مقامها وسياقاتها المختلفة، وما عرفته من تطور وكمون وتكور وتغير وتركيب عبر الظمائم والملحقات المقبولة، وما ترفضه الكلمة وما تقبله”.
وخلال شرحه وتفصيله في ما أسماه في مداخلته بـ”مشروع النهضة”، يقول د. بلعيد “إن المعجم فن وصناعة وتقوم اللغة على تلك الألفاظ /الأبواب/ المداخل في مختلف تقليباتها المُستعملة والمهملة، وما يلحقها من الحسن /المقبول/ الجواز، /المحظور/ ما ليس من لغتنا...ضمْن فيلولوجية اللغة التي لها قواعدها من أرومتها اللغوية، وتستمدها من الاستعمال العفوي من ناطق مثالي عبر الاستعمال الطبيعي”.
فاللغة كما جاء على لسان المتحدث، هي وضع واستعمال، وأوضح “لقد كان للعرب السبق في مجال حرفة القواميس /المعاجم/ الكتب؛ فأنجزوا مدونات معاجمية حفظت العربية من الضياع وتبلبل اللسان، بل كان ذلك من الصناعة التي عرفت تطورات جعلت العربية تعرف التطور والازدهار وتتبادل المنافع اللغوية من خلال ثقافة تلك الألفاظ، التي كانت قاعدة التقعيد اللغوي في مراحل التعليم القاعدي، وانعكس ذلك على منجزات كبيرة في هذا المجال الذي أبدع فيه العرب”.
كما أعرب رئيس المجلس الأعلى للغة العربية صالح بلعيد في ختام مداخلته، عن افتخاره بما قدمه الباحثون والمهتمون من منجزات في حق اللغة العربية، كما أفاد بقوله في هذا السياق: “الحق أن يفتخر العرب بتلك الصناعة التي تثرى الآن في مُنجزات تعد مجلدات نقلت العربية تاريخياولغوياوأدبيا، وما لتلك الألفاظ من سياقات وشواهد واستعمال في مختلف المقامات والأحوال السياقية التي ترتبط بكل لفظة عربية مِن أصول الكلمة وفروعها، وارتبط كل ذلك بصناعة حديثة في مجال االمعجمية أو القاموسية”.