الأستاذ والإعلامي عمار عبد الرحمان في حوار لـ «الشعب»:

اللغة المستعملة في الإعلام الناطق بالعربية هجينة

حاورته حبيبة غريب

نقص التكوين والمطالعة عند الصحفيين الجدد أثّر سلبا على المستوى والأسلوب

 أصبحت العديد من الجرائد الناطقة بالعربية تحمل في صفحاتها مواضيع وعنوانين تبقي القارئ حائرا في نوع اللغة التي تُكتب بها، والتي تعتبر في غالب الأحيان مزيجا بين اللهجة العامية واللغات  الأجنبية، ينسبها كاتبوها وناشروها بدون أي حياء أو حسّ بالمسؤولية أو الذنب إلى اللغة العربية، الأمر الذي أفقد هذه الأخيرة جماليتها وحرم القارئ خاصة الشاب والجيل الناشئ فرصة التعلم والتثقيف من خلال وسائل مهمتها الأولى نشر الوعي والفكر الصحيح في أوساط المجتمع.
وللاستفسار عن أسباب ونتائج هذه الظاهرة السلبية والمتفشّية بكثرة، أجرت «الشعب» حوارا مع الأستاذ، عمار عبد الرحمان المختص في الإعلام و الصحافة المكتوبة.
«الشعب» كيف تفسرون مستوى اللغة المستعملة حاليا في مجال الصحافة بشقيها؟
د .عمار عبد الرحمان:  أصبحنا للأسف اليوم، نعتاد على أقلام إعلامية  مشبوهة التي أصنفها في خانة المتطفلين على الصحافة، كما أعتقد أن الكثير من الاعلاميين القدامى كانوا يحسنون التعامل مع اللغة العربية وفق أدبيات وأخلاقيات الجوانب الجمالية في اللغة.
بينما الصحفيين الجدد، ليس الكل لكن الغالبية منهم، أصبحوا يتلاعبون بالمفردات، ويقعون في الكثير من الأخطاء الشائعة، فليس من الممكن اليوم، للقارئ النوعي، أن يطلع على الجرائد، خاصة لما تحتويه للكثير من الأخطاء اللغوية وكأنّ بالإعلام الجديد لا يعير أدنى اهتمام للغة العربية، المهم بالنسبة لهم نشر الخبر وكفى.
 هذا في ما يخص الجرائد، أما بالنسبة للسمعي البصري، على كل المستويات، سواء التلفزيون العمومي، أو ما اصطلح على تسميتهم، بالقنوات الخاصة وعددهم يفوق الأربعين، أصبحوا يقعون في أخطاء  جسيمة سواء خلال  التقديم أو التنشيط، إذ نشهد لغة ركيكة وهجينة لا تمد بأدنى صلة للغة العربية الأصيلة، حتى إن هذا التصرف قد افتقد النصوص جماليتها بشكل عام، أرى شخصيا، أن اللغة العربية لم تجد لها مكانا بعد في الوسط الإعلامي الجزائري، ناهيك عن الانتهاكات التي تتعرض لها ذات اللغة في الجرائد المتخصّصة، الرياضية والفنية.
- أين يكمن الخلل، مع العلم أن هناك مسؤولية كبيرة تقع على عاتق الإعلامي، فبالإضافة إلى نقل الخبر فهو مطالب بتثقيف القارئ وتنويره؟
*  إن الأسباب متعدّدة، احصرها في ما يلي، أولا نقص التكوين وثانيا  نقص الاطلاع، خاصة بالنسبة للصحافيين الجدد، الذين أصبحوا لا يهتمون بالمطالعة ولا يقرؤون، بل أصبحوا مجرد أرقام في وسط افتراضي، أي بمعنى أنهم يهتمون بالجوانب الشكلية، بعيدا عن اللغة العربية، كما أن هناك جانب آخر، يعود إلى الناشرين بالصحافة أنفسهم، والذين لا يولون الاهتمام بالجانب التكويني إلا القلة منهم، وهذا ما ساهم في رداءة هذه الصحف.
- ألا تظنون أن السبب المتعلّق بنقص المستوى اللغوي يرجع أساسا إلى فترة التكوين الجامعي؟
* فعلا على الطلبة بصفة عامة والمتكونين خاصة في مجال الإعلام،  العودة إلى الكتاب، فنحن نلاحظ كأساتذة أنهم  يهملون الكتاب وهو خير جليس في الأنام كما يقال.
كما أدعو طلبتنا الأعزاء خاصة في الإعلام إلى زيارة المكتبات وهي متواجدة بكثرة، خاصة المكتبة الوطنية والمكتبة الجامعية، ومكتبات الكليات، ومحاولة الإصغاء إلى عدد من القنوات العربية، وحتى الصحف، التي تتعامل بالغة العربية وتصدر في كل مكان، أي تثقيف أنفسهم وعدم التقيّد فقط بما يحصلونه في الجامعة، إلا جانب البحث عن التكوين في كل المجالات سواء تعلّق الأمر بالتخصص أو اللغات وخاصة العربية منها.
- وهل للرقمنة وولوج الشبكات الاجتماعية بكثرة والاستعمال السيئ للتكنولوجيات الحديثة والانترنت، دورا أيضا في تدني مستوى اللغة عند الطلبة والإعلاميين؟  
* كما سبق وأن ذكرت، فإننا نشهد لغة هجينة مستعملة خاصة في الإعلام، فسواء كانوا إعلاميين أو طلبة، فقد أصبحوا أرقاما الكترونية، أي أهملوا اللغة العربية وشقوا لأنفسهم طرائق جديدة للكتابة وهي كتابة هجينة  بالأساس، مثل استعمال الأحرف اللاتينية للتعبير بالغة العربية، وهذا ينقص كثيرا من شأن اللغة بل ويضعفها ـ كما يقال ـ لا ضرر ولا ضرار، أي بمعنى أنه من الممكن لنا أن نلج عالم التكنولوجيات الحديثة، لكن دون أن نهمل لغتنا.
- ما هو الحل في رأيكم، وكيف يمكننا تدارك هذه الاختلالات المتعددة وتصويب المسار؟
*  إن لكل داء دواء، كما يقال والبدائل موجودة، أطلب من الناشرين وملاّك القنوات التلفزيونية الخاصة، أن يولوا الاهتمام الكافي بالجانب التكويني من جهة، والحرص على دفع الصحافيين للمطالعة والإكثار من القراءة من جهة أخرى، ولكن يتأتى ذلك بتحسين وضعيتهم الاجتماعية بالدرجة الأولى، حتى يتسنى للصحفي أن يجد متسعا من الوقت، ومتسعا من الراحة للاهتمام بالمطالعة والتكوين.
فلا يمكن أن نطلب من الصحفي تحسين أدائه في الوقت الذي يعاني فيه من مشاكل اجتماعية جمة.
ثم بالإمكان للوزارة الوصية، أيضا، أن تعدّ برامج ترقوية لتكوين الصحفيين في كل التخصصات بإشراك أكاديميين وحتى المجلس الأعلى للغة العربية، الذي بإمكانه المساهمة في ترقية اللغة العربية في الإعلام، لكن للأسف بقي عمله محصورا في الجوانب الأدبية.
@ نصيحتكم للأجيال الصاعدة من الإعلاميين والطلبة؟
 @@ أنصح بإعادة الاعتبار إلى اللغة العربية من خلال تضافر مجهودات الجميع، سواء الإعلاميين، أو الناشرين، أو الوزارة الوصية، وكذا المجلس  الأعلى للغة العربية حتى نعطي لهذه اللغة حقّها ونضعها في مقامها الأنسب.
 أتمنى أن الإعلام الجزائري، خاصة المعرّب، أن يعيد للغة العربية مكانتها، خاصة إذا علمنا أن الصحافيين الأوائل، كانوا أشداء في اللغة، يستعملونها وفق آلياتها، والمقام لا يسمح لذكر كل الأسماء، كتبت في الصحافة العربية وأعطت للحرف العربي قدره، فأمنيتي أن يمشي الخلف على درب السلف لتستعيد اللغة العربية مكانتها.

 

 

 

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19523

العدد 19523

الأحد 21 جويلية 2024
العدد 19522

العدد 19522

السبت 20 جويلية 2024
العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024