تمّ، أمس السبت، بمقر اتحاد الكتاب الجزائريين، التوقيع على «إعلان الجزائر» الذي يؤسس لاتحاد الكتاب المغاربيين، وإقرار القانون الأساسي له، بحضور يوسف شقرة، صلاح الدين الحمادي وعبد الرحيم العلام، رؤساء اتحادات الكتاب في الجزائر وتونس والمغرب على التوالي.
وأجمع ممثلو هذه الاتحادات، على أهمية هذه الخطوة المفصلية، التي جاءت «انطلاقا من وحدة الثقافة والمصير، ووعيا من اتحادات الكتاب المغاربيين براهن التحديات التي تواجه الإنسان والعقل والوجدان».
قال يوسف شقرة، رئيس اتحاد الكتاب الجزائريين، في كلمة الافتتاح، «شاعرون بخطورة المرحلة وجسامة المسؤوليات، التي ندرك ثقل حملها لها متفرقين ونبل سعينا لها مجتمعين». واعتبر بأن هذا الإعلان هو «وضع أول لبنة لبناء صرح ثقافي مغاربي»، مضيفا أن المعالم الأساسية له كانت قد اتضحت بطنجة المغربية ثم تطاوين التونسية، ليأتي التجسيد اليوم في الجزائر.
وقرأ رئيس اتحاد كتاب المغرب عبد الرحيم العلام على أسماع الحضور «إعلان الجزائر» المؤسّس لاتحاد الكتاب المغاربيين، ووصف هذه السانحة بـ «اللحظة التاريخية»، كما هنّأ اتحاد الكتاب الجزائريين بهذه المبادرة.
وسيتم رئاسة الاتحاد الجديد بالتناوب وفقا للترتيب الأبجدي للدول المكونة له. وبالتالي سيتم إعلان الرئاسة التونسية لهذا الاتحاد الجديد، وكذا إقرار النظام الداخلي للاتحاد، في اللقاء المقبل المقرر بتونس شهر فيفري 2016.
التركيز على المبادرات الملموسة
عن استثمار هذا الاتحاد المغاربي الجديد على أرض الواقع، قال يوسف شقرة لـ «الشعب»، إنه لم يبق حديث عن التأسيس، لأنه قد تم فعلا مكرّسا في «إعلان الجزائر»، وقد تم وضع الآليات التطبيقية التي لا تدع مجالا للاختلاف وتم التشاور حولها على مدى سنة كاملة، «كما وضعنا ورشات عمل أسميناها لجانا دائمة وعددها خمس لجان، تابعة للمكتب المؤسس من رؤساء الاتحادات، وستكون كل لجنة في دولة من دول الاتحاد، وتأخذ كل منها مجالا وتطبق مباشرة، والتطبيق سيبدأ بعد فيفري مباشرة، أي بعد تنصيب اللجان، والبرنامج الثقافي مسطر فعلا ويتضمن النشر وتوأمة الفروع لتطبيق اللامركزية وإعطاء حرية التنقل، وحتى في المكونات الثقافية الأخرى مثل الأمازيغية مثلا، ونحن قد أسسنا رابطة الأدب الأمازيغي التي سيتم توأمتها مثلا مع مقابلها في المغرب وتونس، ونفس الشيء بالنسبة لرابطة الأدب الشعبي، هذه الاتفاقيات الثنائية تكون ضمن الاتفاق العام، إذن هناك آليات عملية وسهلة التطبيق، الهدف منها هو التبسيط ورفع الحواجز البيروقراطية والرجوع في كل مرة إلى المركز».
وأعطى شقرة مثالا بالاتفاقية الثنائية الموجودة أصلا مع الجانب التونسي، حيث سيكون هناك نشاط مشترك في الثامن فيفري المقبل على حدود البلدين إحياء لذكرى ساقية سيدي يوسف.
وأضاف: «عندي أمل وهو أن نبتعد عن الحديث الهامشي غير المجدي، والذهاب مباشرة إلى العمل، خاصة بتوفر الآليات التطبيقية... فروع الاتحاد سيكون لها حرية أكبر، وإن كانت ستعمل دائما تحت مظلة الاتحاد».
التنسيق موجود... وهذه فرصة لتدعيمه
أما العلام، فقال لـ «الشعب»، إنه قد «تجسد اليوم حلم لطالما راودنا جميعا، حيث كانت الفكرة، شهر يناير السابق، بمدينة طنجة، بمناسبة تنظيم المناظرة الوطنية حول الثقافة المغربية، وكان حضور رؤساء اتحادات الدول الأربع (في انتظار التحاق الأشقاء الليبيين) فرصة للتوقيع على وثيقة إحياء اتحاد الكتاب المغاربيين، ومذ ذاك التقينا في عديد المناسبات، كان آخرها بتطاوين التونسية، وتم الاتفاق على إعلان التأسيس من الجزائر».
وأضاف: «لقد جسدنا هذا الحلم بكل ديمقراطية وشفافية ومحبة وتضامن وتوافق بإقرارنا القانون الأساسي للاتحاد. وفي اللقاء المقبل بتونس، سنعلن عن رئاستها للاتحاد، تطبيقا للتداول على الرئاسة تبعا للترتيب الأبجدي للبلدان، وهي طريقة جميلة ودرس آخر في الديمقراطية والشفافية. المهم ليس الرئاسة والهياكل وإنما توحيد المواقف لمواجهة ما يهددنا من تطرف وإرهاب، وتكثيف الجهود لتعميق التواصل الثقافي والفني والإبداعي القائم أصلا بين بلداننا، ولكن هذا الإطار يفسح مجالا أكبر لعديد المبادرات والأنشطة والملتقيات في هذا الإطار الثقافي المغاربي الكبير... إن هذا الاتحاد سيعطينا قوة وثقلا أكبر في إطار مختلف الاتحادات، العربية والأفريقية، وهو تنسيق كان وسيظل قائما بين مثقفينا»، يقول العلام.
عن سؤالنا حول تجسيد هذا الاتفاق بشكل ملموس في شكل نشاطات مشتركة، قال العلام: «إن القانون الأساسي للاتحاد ينص على ضرورة تعميق النشر والعلاقات الثقافية، ويشكل محورا مركزيا ضمن هذا الإطار القانوني ضمن الاتحاد. في السابق سنجد أن موضوع النشر لم يكن غائبا، والإصدارات التي أصدرناها دليل آخر على ذلك». وأعطى محدثنا مثالا بمجلة «آفاق» الصادرة عن اتحاد الكتاب المغربيين، وحتى الكتب المنفردة التي اهتمت بالإبداع المغاربي. وخلص إلى أن «الأرضية صلبة وجاهزة وهذا للإطار سيمنحها قوة وامتدادا آخر سيعمل على تطوير وإغناء هذا الأفق الثقافي المشترك».
الثقافة لمواجهة التطرف
من جهته، أثنى رئيس اتحاد الكتاب التونسيين صلاح الدين الحمادي على هذه البادرة، واعتبر أن الاتحاد الناشئ من شأنه رصّ صفوف المثقفين في مواجهة خطابات التطرف والفكر الظلامي. وتفضل الحمادي بإهداء جميع الحاضرين نسخة من ديوانه الشعري «قيظٌ حِذوَ بحر الشمال.. قيظٌ في صحارى العربْ». وألقى الشاعر من الديوان قصيدة «أذكار الغافلين» التي يقول فيها: «يا للأعرابْ... يتناسون جميع علوم الدنيا... وينكبّون على تدوين الأنسابْ».
«أولئك نحن... مازلنا في ملكوت الغفلة مشدوهين...»
«نتصايح عند مآزقنا...»
مدداً يا مولانا مددا... مدداً يا مولانا مدداَ...».