المنافسة تتواصل بمسرح عز الدين مجوبي

الجزائر تشدّ الانتباه، لبنان تأسر الحضور والشّيلي تُمتع

عنابة: هدى بوعطيح

تتواصل بالمسرح الجهوي عز الدين مجوبي العروض المتنافسة على «العناب الذهبي»، في إطار مهرجان عنابة للفيلم المتوسطي، حيث ما يزال المسرح يعرف توافدا كبيرا لعشّاق الفن السابع، حيث استمتعوا بمختلف العروض الجزائرية واللبنانية والفرنسية والفلسطينية.
فئات من مختلف الأعمار والأجناس يشهدها يوميا مسرح عز الدين مجوبي، حيث لا تخلو القاعة التي تحتضن العروض من المتفرجين وتمتلئ عن آخرها، وهو دليل على أنّ المهرجان ومنذ أيامه الأولى لقي استحسان جمهور بونة.
فمن بين الأفلام التي أثارت الاهتمام الفيلم الجزائري «عملية مايو» لمخرجه عكاشة تويتة، والذي كشف لجمهور بونة خلال 120 دقيقة عن التعاطف الدولي للثورة التحريرية، والتي لاقت مساندة ليس فقط من أبناء الجزائر، وإنما أيضا من أبناء فرنسا الذين وقفوا ضد همجية المستعمر، وفضّلوا الالتحاق بصفوف جبهة التحرير الفرنسي لمجابهة العدوان الفرنسي لتحرير الجزائر، وعلى رأسهم الضابط الفرنسي الشيوعي «هنري مايو»، الذي فرّ من الجيش يحمل شحنة سلاح قدّمها للمقاومين الجزائريين.
الفيلم وإن كان يسلّط الضوء على جانب مهم من تاريخ الجزائر، إلاّ أنّ المشاهد جاءت باهتة ولم تلامس مشاعر المتفرّجين، حيث ظهرت الأحداث متقطعة، وغابت اللقطات التي تشد الانتباه لا سيما مواجهة العدو، إلا القليل منها، ما يدل على ضعف السيناريو الذي كتبة عكاشة إلى جانب السيناريست الفرنسية ناديا شار.   
الأحداث وقعت إبان الثورة التحريرية، وبالضبط في غابة بينام في العاصمة سنة 1956، حين قرّر هذا الشاب تحويل شاحنة كانت معبّأة بالأسلحة لصالح المناضلين وهم مجموعات أنشأها الحزب الشيوعي الجزائري، وانضمت فور إنشائها لصفوف جيش التحرير الوطني.  
فبعد اشتعال فتيل الثورة التحريرية، أخد هنري على عاتقه مسؤولية توفير السلاح، حين رأى بأن الثوار الجزائريين يعانون من نقص السلاح، فقام بموافقة الحزب الشيوعي الجزائري بتحويل شاحنة أسلحة وذخائر من ثكنة خميس مليانة وسلّمها إلى أفراد منظمة مقاتلي التحرير ومجاهدي جيش التحرير الوطني، ليلتحق بعدها بجبال الونشريس ويؤسس هناك ما عرف بـ «مقاتلين من أجل التحرير CDL».
الفيلم السينمائي الذي أنتجته الوكالة الجزائرية للإشعاع الثقافي، سلّط الضوء على شخصيات مناهضة أخرى رافقت هنري مايو في نضاله، على غرار موريس لابان، حيث وبعد العديد من العمليات أوقف المناضل مايو ورفاقه، ليستشهد بعدها يوم 05 جوان 1956، بجبل دراقة بالناحية الغربية للشلف.
كما كان جمهور بونة في نفس اليوم على موعد مع الفيلم اللبناني «وينن» الذي كتبه الفنان جورج خباز، وأخرجه سبعة شبان من خريجي الجامعة، حيث عكس الواقع الذي تعيشه عائلات لبنانية، وهي تنتظر عزيزا عليها فقدته خلال الحرب الأهلية، سواء كان ابنا أو أخا أو أبا.
الفيلم يحمل أبعادا إنسانية وسياسية عن مفقودي الحرب، والذي ما يزال يؤرق عائلات لبنانية، حيث أبدع المخرجين في تقديم صورة حية عن هذا الواقع، كما أبدع كاتب النص الذي قدم سيناريو مميزا، أين جاءت الأحداث مترابطة ومحبوكة، جعلت المشاهد يعيش القصة وكأنها حقيقية، خصوصا وأنّ الفيلم انتهى بمشاهد من الواقع لأهالي المفقودين الذين لازالوا يعتصمون في خيمة وسط بيروت.
كما تألّق الفنّانون في أداء أدوارهم، بمشاركة نجوم الفن اللبناني من بينهم كارمن لبس، طلال الجردي، ليليان نمري، ديامان بوعبود وآخرون نقلوا معاناة هؤلاء وصرخة النسوة «وينن أحبتنا» بمعنى أين هم أحبّتنا؟
الفيلم مقسّم إلى 06 قصص من خلال 06 نسوة ينتظرن عودة مفقود لديهن، على أمل إحياء قضية المفقودين وتحريك الضمير الإنساني، لأجل التعرف على مصيرهم سواء كانوا أحياء أو أمواتا.
عشّاق السينما اكتشفوا خلال المهرجان الثقافة السينمائية لدولة الشيلي، ضيف شرف التظاهرة، من خلال فيلم «القمر الأخير» للمخرج الشيلي ذي الأصول الفلسطينية «ميقال ليتين»، حيث استمتع المشاهدون بهذا العرض الذي تحدّث عن هجرة الفلسطينيين إلى دولة الشيلي.
وبميزانية قدّرت بنحو مليون ونصف المليون دولار، أنجز ليتين فيلمه الذي أنتجته إحدى أكبر شركات الانتاج في أمريكا اللاتينية، وبمساهمة حكومة التشيلي، وسيتم عرضه في مختلف دول العالم، ليتين قال إنه عاد إلى فلسطين ليصور فيلمه الذي يحمل رقم 21 بين أفلامه، ليس كسائح، ولكن كفنان يصور حياة الشعب الفلسطيني خلال النصف الأول من القرن العشرين.
وتدور أحداث القصة في «بيت ساحور» في فلسطين سنة 1948، يهودي قدم من الأرجنتين، ويرغب في شراء قطعة أرض لشاب فلسطيني «سليمان»، ليبنيا بيتا من طابقين، وبالرغم من اختلافاتهما المتعدّدة تنشأ بين الشّخصين علاقة وطيدة، كما قدّم الفيلم قصة يهودي، قدم من قبرص أصابه الأتراك بجراح ضواحي البلدة فيستقبله سليمان ويعالجه، وتمكّن «ميقال» من تصوير بساطة الفلسطيني وسذاجته، وفهم ما يحاك ضده من مؤامرات، كما وقف المشاهد  العنابي عند العديد من الأحداث التي صوّرها المخرج ببراعة والاتقان.

 

 

 

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19630

العدد 19630

السبت 23 نوفمبر 2024
العدد 19629

العدد 19629

الجمعة 22 نوفمبر 2024
العدد 19628

العدد 19628

الأربعاء 20 نوفمبر 2024
العدد 19627

العدد 19627

الثلاثاء 19 نوفمبر 2024