اكتظت ساحة الثورة بعنابه، أول أمس الخميس بجمهور غفير، جاء ليشارك جوهرة الشرق «بونة» فرحتها وهي تستعيد مجدها الفني وذاكرتها السينمائية، من خلال مهرجان الفيلم المتوسطي الذي عاد إلى أحضانها بعد عقود من الغياب، وإلى أحضان عشاق الفن السابع بهذه المدينة، التي تكاد تغيب عنها الفعاليات الثقافية الكبرى.
على وقع البارود والزرنة، وفي حدود الساعة السادسة مساء، بدأ مسرح عز الدين مجوبي يستقبل مختلف الوفود المشاركة في التظاهرة، نخبة من نجوم الفن الجزائري أناروا ساحة الثورة بحضورهم، حيث كانوا في الموعد المحدد أملا منهم في إعادة إحياء هذه التظاهرة الثقافية والفنية الكبرى.
فنانون من خارج الوطن احتضنهم مسرح مجوبي، وسط استقبال كبير من قبل الجمهور العنابي، الذي صنع بدوره الفرجة بـ»الكور» وهو يصفق ويتراقص على نغمات الفرق الموسيقية الحاضرة.
وداخل القاعة التي اكتظت عن آخرها، أعلن رسميا عن انطلاق المهرجان في حدود الساعة السابعة مساء، حيث افتتح بمقطع «يا وعليكم القالمة» من فيلم دورية نحو الشرق، والتي قدمها أحد الفنانين على ركح مجوبي، ليتبعه عرض فني صامت للمخرج والفنان المسرحي لطفي بن سبع مقدما مقاطع مسرحية تتحدث عن ظواهر اجتماعية عديدة.
الأركسترا السيمفونية الوطنية بقيادة المايسترو رشيد صاولي، كان لها حضور قوي على خشبة المسرح، حيث أضفت نوعا من الفرجة وأمتعت الحضور وهي تؤدي مقاطع موسيقية لأفلام جزائرية أبدعت فيها، على غرار «الطاكسي المخفي» و»دورية نحو الشرق».
ليفتتح بعدها المجال لتكريم عدد من رجال السينما من داخل الجزائر وخارجها، والذين صنعوا مجد الفن السابع الجزائري والعربي والعالمي، حيث كانت البداية بعميد السينما وابن «بونة» الذي فقدته الجزائر مؤخرا، المخرج الذي مجد الثورة الجزائرية في أفلامه، عمار العسكري حيث تسلمت التكريم زوجته وابنته من طرف وزير الثقافة عز الدين ميهوبي.
وتواصلت الاحتفائية بتكريم الفنان عمار الشطيبي، والذي قال عنه وزير الثقافة هو «محرك السينما المتوسطية»، حيث كان من الأوائل الذين أسسوا لهذا المهرجان، بن عمر بختي حظي أيضا بالتكريم، حيث مثلثه زوجته والتي كانت حاضرة لاستلام الجائزة.
القائمون على المهرجان لم ينسوا ابن الأوراس الأشم، وصاحب القلم الجاد الإعلامي الراحل عبدو بن زيان، ومن خارج الوطن استعادت الجزائر ذكرى الفنانين الراحلين، العالمي عمر الشريف، وفقيد السينما المصرية والعربية نور الشريف، إلى جانب الفنان التونسي أحمد السنوسي.
وبعد أن تمّ تكريم من فقدتهم الساحة السينمائية الجزائرية والعربية، جاء الدور للاحتفاء بمن يزالون يصنعون مجد السينما الجزائرية، على غرار الفنان الكبير احمد اقومي، الذي انتفض المسرح تحية له وهو يعتلي المسرح، وهو ما أبان عن تقدير الجمهور الجزائري له، فضلا عن تكريم مخرج فيلم «رحلة المفتش الطاهر» موسى حداد، إلى جانب فطومة بوعماري يمينة بن قيقي، والمخرج الشيلي ميقال ليتين، حيث سلمه التكريم وزير الثقافة عز الدين ميهوبي، مؤكدا بأن ميقال هو من الدولة الصديقة ذات التقاليد الثقافية العريقة، مشيرا إلى أنه رغم التزاماته لبى دعوة الجزائر.
قـالوا عـن المهرجـان
عماد بن شني: بونة ستساهم في نجاحه
أنا متواجد هنا كممثل في فيلم «عملية مايو» والمشارك داخل المنافسة، عودة المهرجان إلى عنابة حدث هام، وأنا متأكد من أن سكان بونة المضيافة، سيساهمون في نجاحه بالدرجة الأولى.
اليوم الأول للمهرجان بداية مشرّفة له بدليل الإقبال الكبير عليه، يمكن القول إنه ينظم لأول مرة في الجزائر بعد انقطاع طويل، وهو تجربة للمنظمين، حيث نتمنى له النجاح والاستمرارية، وتوفير في السنوات المقبلة قاعات سينما تحتضن الحدث، فلربما المهرجان سيكون سببا في استعادة عنابة لقاعاتها المغلقة، وتهيئة الفنادق، على اعتبار أن التظاهرة ستساهم في ترقية السياحة وهو رهاننا الأول.
ريم تاكوشت: فتح المجال للشباب
شيء جميل أن يسترجع المهرجان بريقه، بعد 30 سنة من الغياب، سيعود بالفائدة على الجيل الحالي، للتعرف على من سبقونا.. لكن ما أقوله في مختلف المناسبات وأكرّره، هو ضرورة فتح المجال للشباب القادرين على إعطاء دفع قوي للسينما الجزائرية، فمثلا مهرجان قرطاج والذي شاركت فيه مؤخرا فُتح المجال لهذه الفئة لأجل الظهور فقدموا أعمالا فنية متميزة، نتمى مستقبلا إعطاء شبابنا الفرصة في مختلف المجالات على غرار التمثيل والإخراج.
كمال رويني: نفتخر بالتظاهرة
ما يمكن أن أقوله، إننا كفنانين نفتخر بعودة مهرجان الفيلم المتوسطي إلى عنابة، كما نفتخر بأن يحتضن مسرح مجوبي هذا الحدث الضخم، نتمنى أن يعمل المهرجان على لم شمل الفنانين الجزائريين، المهم أولا أننا تمكنا من إعادة إحياء التظاهرة والتي نتأمل فيها خيرا، فنحن نمارس مهنتا بكل حب واعتزاز، ونواصل مسيرة من سبقونا، للنهوض أكثر بقطاع السينما.
نادية طالبي: بختي لم يُكرم يوما
بن عمر بختي لم يتم تكريمه يوما، فقط مرة واحدة في دبي من خلال فيلم «بوعمامة»، وطلبوا منه آنذاك البقاء في هذا البلد للعمل، لكنه رفض، واختار وطنه الأم، وقبل ذلك عمل في فرنسا، لكنه بعد الاستقلال عاد إلى الجزائر لمواصلة مشواره الفني. للأسف بختي لم يتذكره أحد، فقد كان يتمنى إخراج فيلم الأمير عبد القادر، وأفلام عن المقراني وابن خلدون.. كان دائما يتأسف لعدم تقديم جميع أفلامه، بالرغم من الإمكانيات البسيطة، إلا أنه تمكن من تقديم أعمال خالدة مثل الطاكسي المخفي والذي ما يزال يحضى بنسبة مشاهدة عالية ويتابعه أجيال وأجيال.
جمعتها: هدى . ب