ينظم كل من مديرية الثقافة لولاية غليزان، و»صندوق إيسياخم»، مبادرة أيام الاحتفاء بالذكرى الثلاثين لرحيل الفنان التشكيلي الجزائري محمد إيسياخم، المصادفة للفاتح ديسبمر المقبل. وتأتي هذه التظاهرة، التي تحمل شعار «ميلاد قدر»، تحت رعاية وزير الثقافة عز الدين ميهوبي ووالي ولاية غليزان، وبمساهمة من الديوان الوطني لحقوق المؤلف. وينتظر أن يشارك في التظاهرة العديد من الفنانين التشكيليين، بما في ذلك تلاميذ الراحل ومحبّوه.
برنامج التظاهرة، التي هي ثمرة مبادرة من جميلة قبلة قريبة الفنان إيسياخم، ثري للغاية ويتواصل على مدى أيام ثلاثة، حيث ينتظر أن يلتقي مختلف المشاركين القادمين من مدارس الفنون الجميلة لكل من الجزائر العاصمة، وهران، مستغانم، سيدي بلعباس، تيزي وزو وتيبازة، إلى جانب فنانين جزائريين آتين من المهجر، ما سيشكل فرصة لتبادل التجارب والآراء والاحتكاك بين الفنانين والطلبة الممثلين لهذه المدارس المتعددة.
وينتظر أن يفتتح وزير الثقافة عز الدين ميهوبي المعرض المخصّص للتظاهرة بدار الثقافة بغليزان، وذلك صبيحة اليوم الثاني، فيما ستشهد الفترة المسائية عرض فيلم سير ذاتي عن الراحل، سيكون متبوعا بنقاش. وبما أن إيسياخم قد قضى قسطا كبيرا من طفولته بمدينة غليزان، فسيكون اليوم الثالث فرصة للمشاركين والمهتمين لتتبع خطى الفنان الكبير، وزيارة مختلف المعالم التي ما تزال شاهدة على سنواته الأولى، ومن بينها المدرسة الابتدائية، أين سينجز الطلبة أعمالا فنية كما سيلتقون بالأطفال، وهناك سيتم تسليم الجائزة الأولى «إيسياخم»، يليها مائدة مستديرة حول أعمال إيسياخم الفنية، يقدمها بن عمار مدين، وعروضا سوسيوتاريخية لمدينة غليزان من تقديم عبد الله ريغي، وكذا مداخلة حول الكاريكاتير ورسم الصحافة من تقديم فتحي بورايو. ليكون الاختتام بعرض العمل الفني لطلبة مختلف مدارس الفنون الجميلة، وذلك بدار الثقافة بالمدينة.
يذكر أن محمد ايسياخم هو من مواليد 17 جوان 1928 بـ»تابودوشت» (آيت جناد، أغريب) بمنطقة القبائل. انتقل إلى غليزان سنة 1931 حيث أمضى طفولته. وفي العام 1943 تسبب انفجار قنبلة يدوية «مسروقة» من معسكر للجيش الفرنسي في وفاة ثلاثة من أفراد عائلته وبتر ذراعه الأيسر، ولزم المستشفى لمدة عامين. درس بعدها في مدرسة الفنون الجميلة بالجزائر العاصمة وتتلمذ على يد عمر راسم الرائد في فن المنمنمات. وفي مطلع الخمسينيات درس بمدرسة الفنون الجميلة في باريس وهناك بدأت العلاقة الفنية مع كاتب ياسين. سافر إيسياخم كثيرا، وقاده القدر إلى دول مثل الألمانيتين، الاتحاد السوفياتي وفييتنام.
اشتغل منذ الاستقلال في الصحافة الجزائرية كرسام، كما كان سنة 1963 عضوا مؤسسا في الاتحاد الوطني للفنون التشكيلية. أحيا رفقة فنانين تشكيليين جزائريين بارزين العديد من الاحتفاليات والأعياد الوطنية، كما أوكلت إليه مهمة تصميم نماذج الأوراق النقدية وكثيرا من الطوابع البريدية.
اشتغل إيسياخم في السينما أيضا، وبالأخص كمصمم ديكور، وعمل مع أسماء من بينها سليم رياض. اشتغل في التعليم حيث درّس الرسم التخطيطي في المدرسة المتعددة التقنيات للهندسة والعمران بالعاصمة، وكان قد سبق له وأن شغل منصب المدير البيداغوجي بمدرسة الفنون الجميلة بوهران.
تحصل على العديد من التكريمات والجوائز، كان أحدها الأسد الذهبي بروما، وهي جائزة خصصتها اليونسكو للفن الأفريقي. وبعد مرض عضال ألزمه الفراش، رحل محمد إيسياخم ذات 01 ديسمبر من سنة 1985، مخلفا وراءه عدد كبيرا من الأعمال الفنية والمبدعين الذين تتلمذوا على يديه ونهلوا من عبقريته الفذة.