كثيرون هم الأدباء الجزائريون الذي جعلوا من المرأة بطلات أعمالهم وإبداعاتهم، منهم من يفعل ذلك بغية الاختلاف والتميز، أو الربح المادي، أو الدفاع عن فكرة يؤمنون بها. من هذه المجموعة الأخيرة التقت «الشعب» اسمين تألقا ويتألقان في سماء الأدب الجزائري والعربي، الأول غني عن كل تعريف وهو الدكتور أمين الزاوي، والثاني لميس سعيدي التي شقت لها طريقا وصنعت اسما في عالم الإبداع، وعبّر الاثنان عن رؤيتها لتسخير الإبداع في الدفاع عن نصف المجتمع.
بابتسامته العفوية المعهودة، وأناقته التي لا يختلف عليها، كان الدكتور أمين الزاوي يستقبل محبيه وقراءه، الذين جاؤوا إلى جناح منشورات الاختلاف للحصول على توقيع على كتاب، أو صورة سيلفي للذكرى. اقتربت «الشعب» منه وسألته عن دفاعه المستميت عن المرأة عموما، والجزائرية خصوصا، وهو الخط الذي لم يحد عنه يوما، وبقي مصرّا عليه رغم النقد من هنا، والانتقاد من هناك. أجاب صاحب «قبل الحب بقليل» قائلا: «أعتقد أن الحياة مركزها هو المرأة، وأن البلد أو المجتمع لا يمكنه أن يتحرك بقدم واحدة، وأن الإنسانية أصلا خلقت على هذه المزاوجة بين الرجل والمرأة، المجتمع الذي يحترم المرأة يكون فيه الرجل محترما، والمجتمع الذي لا يحترم المرأة نجد فيه الرجل غير محترم أصلا، وبالتالي فنحن أبناء المرأة، وأزواجها وآباؤها، لذا فهي مركز العالم بامتياز. وخلص الزاوي بالقول: «المكان الذي يؤنث يعلو ولا يعلى عليه، هكذا قال ابن عربي».
أما المبدعة المتألقة لميس سعيدي، التي تابعت «الشعب» مسارها الأدبي منذ البداية، فتعتبر بأن المرأة تدافع عن وجودها «ببساطة دون ضجيج ودون شعارات، بالإبداع والاستمرار في الاختلاف، وأن تعيش بالطريقة التي تراها وتناسبها، وبتعميق الوعي ومحاولة فتح حالة حوار دائمة مع هذا المجتمع، وبمحاولة توعيته بطريقة أو بأخرى، و»بمحاولة فرض احترامي ووجودي ورؤيتي في الحياة، بعيدا عن البيانات النسوية، فالوجود في حد ذاتها من خلال الإبداع هو أحسن رد وأحسن نضال للمرأة في مجتمعها، وهكذا أحاول أن أكرس مكانة المرأة المتميزة في مجتمعنا أو في أي مجتمع»، تقول محاورتنا.
لميس سعيدي موجودة بالفعل من خلال إبداعها، وهي حاضرة في الصالون بإصدارين، الأول هو سيرة والدها الراحل، الصادرة عن «دار العين» المصرية تحت عنوان «الغرفة 102.. سيرة أبي»، وهو عبارة عن نصوص سردية مكتوبة بنفس شعري، «وإن كنا نعرف اليوم بأن السرد أصبح أداة من أدوات الشعر»، تقول لميس، التي تتطرق في هذا الإصدار إلى والدها المتوفى منذ قرابة السنة، ولكن بطريقة مختلفة، عبر استحضار مشاهد من حياته وعلاقة الأب بابنته، فهي ليست سيرة مفصلة تتناول كل الأحداث، بترتيب زمني معين، ولكنها سيرة «التفاصيل الحميمة والتي تقول الكثيرة عن شخصية والدي الإنسانية والسياسية والثقافية، وهي تفاصيل تحيلنا أيضا إلى تطور المشهد الجزائري تاريخيا واجتماعيا وسياسيا وثقافيا، لأن والدي عاصر مراحل مهمة من تاريخ الجزائر، فهو مناضل منذ خمسينيات القرن الماضي، وشارك بصفة فعالة في النضال السياسي والثقافي، وارتبطت مسيرته بمسيرة الجزائر وتطورها». «إلى السينما» ديوان شعر أصدره في طبعة جزائرية مع منشورات الاختلاف، في إطار قسنطينة عاصمة الثقافة العربية، وسبق وأن صدر عن دار «الغاوون» ببيروت سنة 2011، وأعيد طبعه لأنه «يهمني أن يتواجد الكتاب في الجزائر ويتوفر للقارئ الجزائري»، تقول لميس، التي تتحدث عن ديوانها بالقول إنه «رؤية شعرية مختلفة تتناول السينما كمجاز، ويدور حول ثيمة السينما، التي أستعير عوالمها للحديث عن الحياة والوجود ورؤيتي الخاصة والحميمة للأشياء».