تعتبر الفنانة المسرحية الواعدة، صارة محفوظي، ابنة مدينة سعيدة، واحدة ممن تفاعلن ايجابيا مع الطبعة العاشرة للمسرح الوطني الفكاهي، المنظم مطلع أكتوبر الجاري بالمدية، وهذا من خلال الدور الذي أدّته كـ “قرنية” في مسرحية “نينا” للمسرح الجهوي “صراط بومدين” بسعيدة والذي عالج في صلبه عنفوان حواء التي أرادت زلزلة بيت أسرية عبر الحرية وجمعية حقوق المرأة.
ولأجل التعرف على هذه الفنانة عن قرب ومعرفة تجربتها في ركح المسرح أجرت معها “الشعب” هذا الحوار.
“الشعب”: بداية من هي صارة محفوظي؟
صارة محفوظي: “أنا ابنة مدينة سعيدة، فنانة مسرحية محترفة، شاركت في عدة أعمال منها المتشردة، نورة، و«نينا” التي شاهدتم وتابع أجزاءها جمهور ركح دار الثقافة حسن الحسني بالمدية، وأميل إلى هذا المجال الإبداعي إلى حد الجنون، وقد أديت في هذه المسرحية الأخيرة دور “قرنية” تلك المرأة زوجة شيخ البلدية، والتي تريد أن تجد لنفسها مكانا مرموقا في المجتمع من خلال الدخول في صراع فاشل للظفر بمنصب رئيس جمعية المرأة الراقية “جمرة “ دون فهم أبعاد وأخطار هذه المنافسة الصعبة مع الصديقتين والخصمين “عزيزة زوجة الطبيب ونينا المرأة المتحررة وقاهرة الرجال”. المسرح سرق حياتي بالرغم من تعدد هواياتي كصناعة الحلي التقليدي، التجميل، التصميم، إلى جانب أنني عصامية، أنتمي إلى عائلة فنية، اكتسبت تجربة كبيرة من والدي الذي انخرط وعمل في المسرح والفن التشكيلي والرسم”.
كيف تنظر صارة لفن المسرح؟
أعتبر الفن المسرحي المتنفس والروح والأمل الذي نعيش لأجله للمستقبل، وهو فن وحركة إنسانية لا تقدر بثمن.
ما رأيك في المهرجان الوطني للمسرح الفكاهي؟
رغم أنني أشارك لأول مرة في المهرجان الوطني للمسرح الفكاهي بالمدية، أقول “ أنا هنا سعيدة بحضوري ووجودي بين ناس ونخبة المدية وعشاق الكلمة الصادقة، أرى أن سكان الولاية من شيمهم الجود، الكرم وحسن الضيافة و«النيف”، بصراحة لقد احتضنوني بكل فرحة رغم بساطة عملي ورمزيته.. أما فيما يخصّ المهرجان فصدقني أنني لم أكن أعلم بأن هذه الولاية الساحرة وأناسها في مستوى عال من التحدي والتعبير عن فرض للذات للتعريف برجالاتها أمثال الفنان والشاعر والمسرحي محمد محبوب اسطنبولي رحمه الله.
هل لنا أن نعرف الأعمال المستقبلية لصارة؟
طبعا ستكون لي دورة مسرحية بنحو 20 عرضا، نطلع من خلاله الجمهور ومحبي الركح على المستوى الوطني، بمضمون العرض الجديد “نينا “ لكاتبه البلغاري ست كوستوف، واقتباس بوري مصطفى وإخراج سمية بن عبد ربه، كما سأشارك في فيلم قصير بعنوان: “غابة الوحوش” مع المخرج والمؤلف سالم آيت الحاج، على أن أتقمص شخصية أريسطوقراطية ويكون لي فيها دور أساسي في مسرحية كلاسيكية مستقبلا.
واقع العمل المسرحي بولايتكم وكيف ترين الإرتجالية؟
أعتقد بأنه رغم وجود بعض المجهود المحتشم والفضاءات مثل الورشات والكاستنيغ والمسرح الجهوي إلا للفت الانتباه إلا أنه هناك ركود يخيم على المبادرات بما يجعلنا نؤكد بأن المسرح هو في حالة مرضية، ويتطلب تدخل في العمق لأجل ايقاف الفن المسرحي على رجليه من جديد، ناعتة الإرتجال بأنه ستار يستعمل لإخفاء ضعف الأداء، على اعتبار بأن العمل المسرحي الناجح في رأي يوجب التكوين، كما أنه لا يمكن أن نرتقي بالمستوى دون العمل والإستئناس برجالاته.
شاركت في ورشة “ الكتابة الدرامية والنقد” كيف جرت الأمور؟
نعم لقد أدرجت اسمي ضمن ورشة “ الكتابة الدرامية والنقد” من تأطير الأكاديمي والباحث المسرحي، الدكتور عبد الرحمان بن زيدان من دولة المغرب الشقيقة بمعية بعض الزملاء والزميلات، حيث لم يبخل علينا هذا الخبير بأية معلومات، كما استطعنا أن نستوعب ما تضمنته مداخلته بعد اعتماده على طريقة الإلقاء السهلة، كما أنني استفدت الكثير من الأشياء من بينها أن جذور المسرح عميقة ومعناه أعمق، كونه ليس كلمة سهلة بل هو ممارسة.
أقول، فضلا على أن المسرح ليس موهبة فقط، لكن دراسة معمقة باعتبار أن له قواعد أساسية وبدونها لا نستطيع أن نلم بكل جوانبه، علاوة على أن الاعتماد على جانب الهواية في ممارسة هذا الفن غير كافية بل من المستحسن أن تتوج بالدراسة والمعرفة الأكاديمية والتي هي في نظري أساس العمل المسرحي.
ما هي الرسالة التي توّدين بعثها بهذه المناسبة للمهتمين وعشاق المسرح بالجزائر؟
أعتقد أن الوزارة الوصية مطالبة، اليوم، بتحقيق أمرين، الأول يتمثل في انشاء مدرسة بكل دائرة تهتم بالطاقات الشابة من بين الذين لديهم حضور على الخشبة وتنقصهم المعرفة الأكاديمية، أما الأمر الثاني فيتعلق بحتمية توثيق العمل المسرحي من خلال تخصيص قناة تلفزيونية خاصة، تهتم بالمبدعين، الموهوبين والمبتدئين تعالج المسألة المسرحية دون تجاهل اتاحة المجال للإشهار المسرحي، لكون أن هناك فئة تقوم بمجهود طيب في العمل المسرحي لكن ما تزال تعيش في نكران كبير.
كلمة أخيرة
“صح لما قالوا لما عرفك خسرك “ فهذا المهرجان أكد للناس ولي بوجه خاص تلك الرؤية البديلة.. وأعطانا صورة مغايرة لتلك التي كنا نعتقدها سلفا، أملي أن يوفق القائمون عليه من خلال العمل على استمراريته، كما أنه رغم أن الأيام كانت قليلة من عمر هذه الطبعة العاشرة التي عشنا فيها “سوسبناس” المنافسة، إلا أنها كانت محشوة بالفرجة والاكتشاف للآخر وفرصة للعلم والتعلم ومعرفة تجارب الآخرين ممن سبقونا، والذين عبروا عن طريق ورشاتهم العديد من الأشياء الجميلة والتفاؤلية كون أن المسرح مايزال قائما بأناسه وعشاقه، كما أختتم هذه الدردشة بالقول: « أنا أستبشر خيرا لما ستقدمه الطبعات القادمة عمر هذه التظاهرة”.