ووري جثمان فقيدة الإعلام الجزائري، أمينة بلوزداد، الثرى، أمس الأربعاء، بمقبرة سيدي امحمد بالعاصمة، بعد أن أدى مشيّعوها صلاة الجنازة بمسجد العربي التبسي.
تقدم الموكب المهيب وزير الاتصال حميد ڤرين، رفقة نخبة من الإعلاميين والمثقفين ومحبّي المرحومة. وقبل ذلك، كان قصر الثقافة قد احتضن وقفة تأبينية لروح الفقيدة، حضرها جمع غفير تقدمه وزيرا الثقافة والاتصال.
في كلمة تأبينية، قال السيد عمر بن عيشة، الإطار السامي بوزارة الثقافة، إن الفقيدة عملت “من أجل تطوير الرسالة الإعلامية وجعلها تليق بمكانة جزائر المليون ونصف المليون من الشهداء الأبرار والمجاهدين الأخيار”، وهي “دعوة وشهادة المغفور لها دائما في مختلف اللقاءات والمناسبات الثقافية والإعلامية”.
أما بمقبرة سيدي امحمد، فقد أكد وزير الاتصال حميد ڤرين في كلمة مقتضبة على خصال الفقيدة الحميدة، وأصرّ على احترافيتها وسعيها الدائم لمساعدة الآخرين وحبها غير المشروط للوطن.وقد اقتربت “الشعب” من عدد ممّن جاءوا ليلقوا النظرة الأخيرة على المرحومة، فكانت هذه الآراء والتصريحات:
سكينة علي شريف زوجة محالن، أخت المرحومة: كنا مثل التوأم، أينما تذهب أذهب، واليوم تركتنا وذهبت.. لقد كان الجميع يحبها ويحترمها.
مريم بلوزداد، حفيدة الفقيدة: كانت والدة وجدة، وأنا متأثرة جدا بحضور هذا العدد من الناس، لقد كنا معها في المنزل ونعرفها عن قرب ولكن أن نرى كل هؤلاء يتنقلون من أجل المرحومة جدتي فهذا أمر مؤثر.
توفيق غرسي، ابن أخت الفقيدة: كانت مثل الأم لنا بعد وفاة والدتنا، وكانت الرابط بيننا وبين كل أبناء عمومتنا، إضافة إلى العائلة الأكبر وهي العائلة الإعلامية. كنا فخورين جدا برؤية حب الناس لها ونحن فخورين اليوم برؤية كل هذا الحضور يأتون من أجل توديعها.
المدير العام الأسبق للتلفزيون عبد القادر نور: أمينة بلوزداد أدت دورا عظيما أثناء فترة الاستقلال، لأنها أخذت تجربة إبان الاستعمار وتعتبر من القامات الإعلامية الكبيرة في الجزائر، وحينما تقاعدت في التلفزة أدت مهمة أخرى في الإذاعة رفقة “فوزي” مدير البرمجة.
الفنان القدير سعيد حلمي: حينما عرفتها كنت في السادسة عشرة واليوم أنا في السادسة والسبعين، كانت مثقفة وتتقن اللغتين العربية والفرنسية، ورغم تعبها كانت تحضر كل المواعيد الثقافية ولم تتوان عن تسجيل حضورها. رحمها الله.
الإعلامية القديرة فاطمة ولد خصال: رمز للأناقة والحضور التلفزيوني والإذاعي، مثقفة وعصامية. لم تبخل علينا بالنصح وكانت انتقاداتها في محلها وبطريقة دبلوماسية، لم أدخل أبدا مكتبها ولم أجدها تقرأ كتابا، وكانت دائما متقيدة بالوقت، تحب الشباب وتحرض على أن تكون الإذاعة والتلفزيون في المستوى وأن يكون المذيع ذا مستوى ثقافي، وهي نموذج للمذيعة الناجحة ورمز من رموز الإعلام الجزائري الحاضر شكلا ومضمونا.
الأستاذ عبد القادر بن دعماش: أيقونة حقيقية في ميدان السمعي البصري، كنت أعتبرها مثل الأم، لحنانها على أعضاء الأسرة الإعلامية، علاقتي معها كانت من خلال جمع المعلومات الفنية وكانت تصحح لي الكثير من المعلومات، كانت تصرّ على فعل الخير ولم تتكبّر يوما. هذا الحضور اليوم هو دليل على وجود تواصل الأجيال، وهناك من الصحافيين الشبان من اكتشف اليوم من هي أمينة بلوزداد، هذه الأخيرة بدورها لم تكن تترك نفسها تدخل طيّ النسيان، بل فرضت نفسها بحضورها المعنوي والجسدي القوي.
المختص في الموسيقى إبراهيم بهلول: هي خسارة كبيرة للجزائر، عرفتها منذ سنوات وأعرف كل عائلتها، سيدة محترمة بدأت شابة في مجال الإعلام، وقد وظفت كل ما تعلمته من عملها في المجال قبل الاستقلال في تكوين الطاقات البشرية للإذاعة والتلفزيون بعد الاستقلال. لم يحدث أن رفضت دعوة ولم تبخل أبدا بالنصح. كما كانت منخرطة في جمعيتنا “الجمعية الثقافية الجزيرة”، وفي جويلية الفارط حينما نظمنا المهرجان الثالث للموسيقى الأندلسية على مستوى القبة، ورغم تعبها الجسدي حضرت حفل الاختتام، وأذكر أنها أومأت إلي برأسها، ولما اقتربت منها أعطتني ظرفا وقالت “هذه حقوق انخراطي”، فقلت لها بأن الوقت مايزال مبكرا فأجابت “ومن يدري”.
سيد علي بن سالم، رئيس جمعية “الألفية الثالثة”: باسمي واسم كل الفنانين أعزي عائلة المرحومة، أعرفها منذ 25 سنة، كانت تعود المرضى وعرفت بحنانها وعطفها على الجميع، وقد سبق لجمعيتنا أن كرمتها مرتين، الأولى سنة 2006 بحضور وزيرة الثقافة حينذاك خليدة تومي بقاعة المسرح الوطني، والثانية سنة 2010 بمناسبة عيد الأمهات مع الفنانة السورية منى واصف. هي كبيرة وبقيت كبيرة إلى أن توفيت.