راقص “البريك” يوسف مشري، 24 سنة، يعاني من ضمور حاد في القسم السفلي من جسده، من يشاهده ماشيا باستعمال عكاكيزه لا يتوقع أبدا اللوحات الفنية التي يمكن لهذا الشاب تقديمها باستعمال يديه فقط.. حينما يصعد يوسف على خشبة العرض، يترك عند الجمهور مزيجا من الإعجاب، الذهول، الاحترام، واليقين بأن الإعاقة هي في الروح قبل الجسد، وفي الذهنيات قبل الواقع.. على هامش “صيف النجوم 2015”، إلتقت “الشعب” بهذا الراقص الشاب الذي شرّف الجزائر في مختلف المناسبات الدولية، فكانت هذه السانحة..
«الشعب”: هّلا تفضّلت وقدّمت نفسك للقرّاء؟
يوسف مشري: أنا راقص “بريك دانس”، وبطل الجزائر مرتين في الرقص الجماعي، بالجزائر العاصمة، الشلف ووهران، كما أنني بطل المغرب العربي في هذا النوع من الرقص، كما أنني بطل مغاربي في نوع 3 VS 3 (أي ثلاثة ضد ثلاثة، فمنافسات البريك دانس تجري في شكل مواجهات أو “معارك” يكون الفائز فيها بقرار الجمهور أو لجنة تحكيم)، كما أنني حائز على شهادة راقص أمريكية، وقدمت عروضا في أربع ولايات أمريكية مختلفة، وهي واشنطن، لوس أنجلس، نيويورك والميسيسيبي، وهزمت الراقصين الأمريكان بطبيعة الحال.
من أين جاءتك هذه الرغبة في أداء البريك دانس، خاصة وأنه من أصعب أنواع الرقص المعاصر ويتطلب تحكما كبيرا ومجهودا عضليا فائقا؟
تعرفت على هذا النوع من الرقص عن طريق وسائط الاتصال المختلفة، واخترت منذ الصغر أن أخفف من الضغط الذي أعيشه بالرقص، وأعتقد أن اللجوء إلى هذا الفن أحسن من الوقوع في أخطاء أو أمور غير محمودة العواقب.
نعلم بأن البريك دانس يتطلب قوة جسدية وتمرينا يوميا.. كم ساعة تتمرّن يوميا وما هو نوع هذه التمارين؟
أنا في الوقت الحالي أتدرّب من 4 إلى 5 ساعات يوميا، وفي البداية كنت أتمرّن 8 ساعات في اليوم، وقد بدأت التدريب منذ 2003، إذ أذكر بأنني بدأت “البريك دانس” قبيْل زلزال بومرداس تلك السنة.. كنت أزاول تدريباتي في دار الشباب بمدينة يسر بولاية بومرداس. أما طبيعة التمارين فهي تركز على السلاسة والخفة والتحكم في الجسد، وليس بناء العضلات، لأن هذه الأخيرة تزيد من ثقل الجسد وتنقص من قدرته على الحركة.
من ساعدك على اكتشاف موهبتك؟
في البداية كان علي أن لا أنتظر مساعدة أحد، وقد قدمت كل ما لدي في هذا الصدد، هذا ليسا اعتدادا بالنفس ولكن في مجال “البريك دانس” يجب على الراقص أن يثبت قبل كل شيء قدراته وموهبته، حتى يستطيع الانتماء إلى فريق جيد، ومع الفريق الجيد تتوفر فرص التألق.. وتحقق لي هذا الأمر مع فريق “كاميكاز كرو” بتيزي وزو، وقد ساعدتني هذه الفرقة ووفرت لي فرص الشهرة، وأنا أشتغل منفردا أو مع هذا الفريق.
ما هي طموحاتك ومشاريعك؟
أتمنى أن أشارك في برنامج “آرابس غوت تالنت”، وأن أكون راقصا يشرّف الجزائر والألوان الوطنية.. أريد فعلا أن أقدم شيئا في مجالي هذا لأنني عانيت الكثير لأجله، وأن يكون نجاحي على قدر معاناتي.
ما هي الرسالة التي تحاول إيصالها ولمن هي موّجهة؟
حينما أشارك في مختلف التظاهرات والمسابقات، أجد نفسي ممثلا لجميع الجزائر، على الأقل هذا هو الإحساس الذي يتملكني، ورسالتي موجهة للجميع وليس فقط لفئة المعاقين أو ذوي الاحتياجات الخاصة، فهناك أيضا من الشباب من فقد الأمل، أو يعاني من الإحباط، أو سقط في فخ المخدرات.. رسالتي أوصلها إلى الآخرين دون أن أتحدث عنها، فحينما يراني الناس أرقص يفهمون من تلقاء أنفسهم بأن للمعاقين مواهب وإرادة وأشياء كثيرة يقدمونها.. هذه الرسالة تكون جلية حينما أشارك في “معركة” وأفوز ضد راقصين غير معاقين، فالأهم ليس في أن يمشي المرء على قدميه، وإنما في الإرادة والقوة الذهنية ومستوى التفكير.. أود الإشارة فقط إلى أن فوزي في مختلف المنافسات هو نتاج المستوى الذي أقدّمه وليس تكرّما أو شفقة من الآخرين بسبب إعاقتي الجسدية.
كلمة أخيرة؟
رسالتي في الأخير هي أنه لا يوجد مستحيل في هذه الدنيا إذا توفرت الإرادة القوية.