كان أول اتصال له بالموسيقى سنة 1978 في البيت العائلي، وهو لم يتجاوز التاسعة من العمر. تلقى تكوينا كلاسيكيا في جمعية غرناطة لسنتين منذ 1984، ثم القرطبية التي بقي فيها إلى غاية 1992. كثيرة هي الأسماء التي التقاها وعمل معها، مثل نوري الكوفي، فوزي خلفات، توفيق بن غبريت، وغيرهم من الفنانين الذين قادوه في مساره، ناهيك عن القبس من الأعمال المرجعية الخالدة لأشياخ الموسيقى الأندلسية.. إنه إبرهيم حاج قاسم، الذي التقيناه في كواليس مهرجان صيف الجزائر الموسيقي، فكان هذا الحوار المقتضب..
الشعب: رأينا المدارس الثلاثة تغني على ركح واحد، ومتأكدون من أن إحساسك كاحترافي موسيقى أندلسية إحساس خاص في هذه المناسبة، أليس كذلك؟
ابراهيم حاج قاسم: سعدتُ كثيرا بدعوتي إلى هذا المهرجان، الذي قرر محافظه بالافتتاح بالموسيقى الأندلسية وهذا على دليل على المكانة والاهتمام التي يحظى به التراث في بلادنا.. كما أنها كانت فرصة لتبيان أنه لا توجد فروق كبيرة بين المدارس الأندلسية الثلاثة، تلمسان، الجزائر، قسنطينة، وإن كانت عنابة هي الحاضرة هذه الليلة فقد درجنا على تسمية المدرسة بمدرسة قسنطينة، كما أن هناك جوقا واحدا يرافق ممثلي هذه المدارس وهذا شيء جد إيجابي.
دائما ما نسمع نفس القصائد بنفس الألحان يرددها مؤدو الأغنية الأندلسية.. ألم يحن الوقت لكي يجرؤ بعضكم ويؤدي كلمات جديدة ربما بألحان مبتكرة، أم أن باب التجديد موصد تماما في الطابع الأندلسي؟
^^ لا يجب أن ننسى بأننا حينما نتكلم عن الموسيقى الأندلسية، فإن الأمر يتعلّق بكلمات عربية فصحى أو موشح، والسؤال الذي أطرحه: هل نملك كتاب كلمات لهم مستوى رفيع حى يقدموا لنا نصوصا في المستوى؟ فإن وُجدوا فيا مرحبا، فقط حتى نبقي موسيقانا الأندلسية في المستوى العالي.
ربما يوجد هؤلاء، ولكننا لاحظنا وجود بعض المحافظين الذين لا يقبلون أي شكل من أشكال التجديد، ولمسنا خلال لقاءاتنا بهم رفضا قاطعا لهذه الفكرة..
أنا أظن بأن هؤلاء المحافظين يعطون الأولوية ليس للنصوص الجديدة، وإنما لاسترجاع والمحافظة على النصوص الأصلية، خاصة وأنه لا يجب أن ننسى الكمّ الكبير من التراث الذي فقدناه.. وهناك من يرى بأنه لا مشكل في توظيف النصوص المحدثة على شرط أن لا نسميها نوبة أو حوزي، وأن نعطيها اسما جديدا وتكون ضمن الطبوع المعروفة بالموسيقى الأندلسية، وأنا لا أعارض ذلك.
ما رأيك في التكوين في مجال الموسيقى الأندلسية؟
لا يجب أن ننسى أن الجمعيات الموسيقية الأندلسية لعبت دورا كبيرا في التكوين في هذا النوع من الموسيقى، ونحن، وأنا أتكلم أصالة عن نفسي على الأقل، نتاج هذه الجمعيات ولولاها لما كان ابراهيم حاج قاسم، ولا بهجة رحال، ولا غيرهم من الفنانين الذين مروا عبر هذه الجمعيات، التي تقوم عمل كبير ولم تبق متمركزة في المدن الكبرى، فاليوم نجدها في كل ولايات الوطن شماله وجنوبه، ولكن دعم السلطات المحلية لهذه الجمعيات / المدارس يبقى ناقصا، ويجب توفير إمكانيات أكثر لتمكينها من تقديم عمل أحسن ومردود أكبر.