تم عشية أول أمس بدار الثقافة «مالك حداد» بقسنطينة، على هامش معرض «من الأصوات إلى النوبة» تكريم مجموعة ثانية من شيوخ المالوف، الذين أسهموا بقسط كبير في إثراء القاموس الفني للموسيقى الجزائرية الأصيلة. وفاز بشرف التكريم هذه المرة خلال مائدة مستديرة خصصت لهذا الغرض، كل من الشيوخ الحاج محمد الطاهر الفرقاني، حمو فرقاني، محمد الصديق فرقاني المدعو «زواوي» وعبد الرحمن قارة بغلي، حيث يأتي هذا التشريف ضمن نشاطات قسم التراث اللامادي والفنون الحية، في إطار تظاهرة قسنطينة عاصمة للثقافة العربية. وقد ساهم شيوخ المالوف المكرمون من عائلة الفرقاني «حمو، الزواوي ومحمد الطاهر» في التأسيس لمدرسة عريقة في طابع المالوف، لازالت مستمرة تأثيراتها حتى اليوم، من خلال عشرات الفنانين الذين زاولوا هذه الحرفة وأخذوا في نشرها مخافة منهم على الزوال والإندثار.
وكان الفضل للشيخ حمو الفرقاني الأب، وهو الذي أظهر مبكرا ميولا للموسيقى وموهبة خارقة للعادة في العزف على آلة «العود» العربي ومن ثمة التميز في أنواع الغناء «الحوزي والمحجوز»، أن يلقن أصول هذه الصنعة لابنيه محمد الصديق المدعو الزواوي ومحمد الطاهر، حيث برز هذا الأخير وحمل مشعل الأغنية القسنطينة بلا منازع وهي موسيقى المالوف.
كما استطاع بدوره، الشيخ قارة بغلي عبد الرحمان، والمدعو «بابا عبايد الدو» وهو من جيل حمو الفرقاني أن يظهر نبوغا في الموسيقى منذ طفولته، حيث كان عازفا ماهرا على آلة الجواق التي أتقن في صناعتها والعزف عليها كما شارك بشكل فعّال في العديد من المجموعات الموسيقية القسنطينية، وأظهر من جهة أخرى تمرسا ومهارة في فن «الزجل» الذي أبدع فيه.
وعقب هذا التكريم أقيمت بالمناسبة سهرة فنية موسيقية أحياها الفنان عدلان فرقاني، كما شهدت سهرة أمس وهو اليوم الثاني من هذه الفعاليات، تنظيم محاضرات حول «العلماء المسلمين، نشأة وأسس نظرية الموسيقى العربية»، نشطها باحثون من جامعات تونس وإسبانيا. وللإشارة، فإن التكريم في شهر 27 أوت القادم سيخصص لكل من الشيوخعبد الكريم بن لموفق، عمر شنوفي المدعو «شقلب»، الطاهر بن كرطوسة وعلاوة بن طوبال، على أن تتواصل هذه التكريمات حتى نهاية نوفمبر القادم تاريخ إسدال الستار على معرض «من الأصوات إلى النوبة» الذي أقيم خصيصا لتاريخ وأعلام الموسيقى العربية.