المشهد الثقافي خلال الشهر الفضيل

مؤسسـات غطـت في سبات وأخــــرى استنجـدت بالطـرب والأغــاني

هدى بوعطيح

عروض مسرحية وأفلام جديدة في المقدمة

سارعت العديد من المؤسسات الثقافية لتسطير برنامج متنوع لإحياء ليالي رمضان، حيث لم تتوان في تقديم نشاطات اقتصرت أغلبها على الأغاني، إن لم نقل أن هذا الشهر الفضيل شهد ظهور أسماء لم يكن لها وجود من قبل، حيث وجدت الباب مفتوحا أمامها على مصراعيه للبروز، بعد أن استنجدت بها بعض المؤسسات لإثراء برنامجها الرمضاني.
بداية من الساعة العاشرة ليلا، تفتح أغلب القاعات أبوابها لجمهورها، على غرار قاعة الموقار، الأطلس، المسرح الوطني الجزائري، قاعة ابن خلدون... لتصدح منها الأغاني عاليا وتختلط أهازيج الموسيقى وصوت المطربين بصوت الإمام وتلاوة القرآن الكريم، حيث تتزامن هذه السهرات مع صلاة التراويح.
بعض المؤسسات الثقافية التي أحيت شهر رمضان بالأغاني والطرب، توجهت إلى الفئة التي تفضل السهر والمرح، وقد أثرت سهراته ببرنامج تعودت عليه كل سنة، حيث أضحى الجمهور بدوره ينتظر على أحر من الجمر ما ستقدمه له خلال هذا الشهر الفضيل، والذي أصبح بالنسبة له موعدا قارا لا يجب التخلف عنه.
جمعيات صامت خلال الشهر الفضيل
غير أن هذه المؤسسات الثقافية، على غرار الديوان الوطني للثقافة والإعلام، مؤسسة فنون وثقافة، المسرح الوطني الجزائري... والتي لم تتخلف ليلة واحدة، وارتبطت نشاطاتها فقط بالسهرات الليلية، أفطرت ليلا وصامت نهارا، وبذلك أصابها الركود، وكأن الشهر الفضيل تنعدم فيه الحياة بالنهار، حيث لا أثر ولا صدى لأغلب المؤسسات التي عودتنا حضورها ربما يعود ذلك بسبب الصيام والحرارة، وكان بإمكانها أن تنافس النشاطات التي اقتصرت على الأغاني، بنشاطات فكرية وندوات أدبية، تكسر هذا الجمود، على غرار جمعية الجاحظية واتحاد الكتاب الجزائريين اللتين أوصدتا أبوابهما كلية ودخلتا في عطلة دون أي سبب يذكر، وأيضا المركز الثقافي الإسلامي الذي كان من المفروض أن يكون في طليعة المراكز التي تحتفي بهذا الشهر الفضيل، وهنا نستثني بعض المؤسسات التي تعد على أصابع اليد الواحدة، غير أنها تقاسمت الإشكالية مع البقية في تحويل نشاطاتها الأدبية من النهار إلى الليل وجعلتها بلا حياة.
ناهيك أيضا عن النشاطات التي تقوم بها الجمعية الجزائرية للدراسات الفلسفية بشكل دوري بالمكتبة الوطنية .
بعض المهتمين بالفكر والأدب أعابوا هذا الجمود الذي تعيشه الساحة الثقافية خلال الشهر الفضيل، مستغربين هذا الغياب وإن كان شهر رمضان عطلة رسمية للقائمين على المؤسسات الثقافية، والذين تركوا المجال مفتوحا للغناء والطرب، مؤكدين على أن سهرات رمضان ليست فقط للترفيه، وليس عيبا تنظيم سهرات طربية وإنشادية، لكن ليس على حساب الفكر والثقافة.
غياب لا مبرر له
وفي هذا الصدد قال محمد سعدي أستاذ بالثانوية، إن لكل توجهاته، حيث أن هناك من يفضل الغناء، وهناك من يفضل الأدب، ومن غير المعقول تلبية رغبات فئة على الأخرى، موجها سؤالا للقائمين على الثقافة قائلا: «لماذا هذا الغياب»؟.
وهو ما ذهبت إليه أمينة ناصري طالبة بالجامعة، مؤكدة أن رمضان ليس فقط للهو أو الترفيه عن النفس بالأغاني أو الأناشيد، وإن كان بالإمكان ـ بحسبها ـ تسطير برنامج خاص بالأدب، أو على الأقل تحويل النشاطات الثقافية إلى الليل وليس استغلال الفرصة، والدخول في سبات عميق على مدار الشهر الفضيل، مؤكدة أن الكثير من الجزائريين بعد صلاة التراويح يفضلون قضاء سهراتهم بعيدا عن البيت والصخب والضوضاء، وبالتأكيد ـ تضيف المتحدثة ـ يكون ملجأهم إلى المؤسسات التي تحتضن هذه الندوات وتستضيف قامات أدبية وفكرية جزائرية.
المهتمون بالشأن الثقافي دعوا إلى تكثيف النشاطات الثقافية والفنية على مدار السنة، وعدم حصرها فقط بالشهر الفضيل، مشيرين إلى أنه من الجميل إحياء الساحة الثقافية في هذا الشهر، لكن الشهور المتبقية بحاجة أيضا إلى الانتعاش، وتنظيم نشاطات يومية، على اعتبار أن الجزائر تعج بالمؤسسات والجمعيات التي تعنى بهذا الجانب، وإن غابت واحدة تحل محلها الأخرى، وطالبوا من القائمين على رأس الثقافة بتكثيف النشاطات الأدبية والفكرية على وجه الخصوص وخلق جو ثقافي على مدار السنة.
حان موعد الإفطار، وحان معه موعد الاستيقاظ، وإعادة النظر فيما يبرمج على مدار السنة، وعلى المؤسسات التي أنعشت المشهد الثقافي 30 يوما، أن تكون في موعدها اليومي... والتي غطت في سبات عميق خلال هذا الشهر، ربما تكون قد استغلت الفرصة لتحضير برنامجها السنوي وإعادة فتح أبوابها أمام الجمهور المتعطش للثقافة.

 

 

 

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19523

العدد 19523

الأحد 21 جويلية 2024
العدد 19522

العدد 19522

السبت 20 جويلية 2024
العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024