توالت المداخلات في القاعة، وكانت في معظمها تشيد بتجربة الشاعر الدكتور عاشور فني، الذي اكتشف فيه الحضور جانبا إنسانيا متفرّدا.. ومن بين هؤلاء الإعلامي والروائي عبد العزيز غرمول، الذي قال إن تجربته مع عاشور كانت طويلة: “لقد أسسنا أشياء معا، نجحنا في بعضها وفشلنا في البعض الآخر”.
وتحدث غرمول عن أهمية المشاريع والتجارب الفردية، التي هي ميزة إيجابية فالساحة الثقافية تتأسس على التجارب الفردية، مثلما السيول تشكل نهرا كبيرا. “أنا أشجع هذه المشاريع الفردية التي على أساسها يتأسس المناخ الثقافي العام”، يقول غرمول، الذي قدّم شهادته الوجيزة على نضال عاشور فني في رحلة البحث عن الجديد وتقديم إضافته للثقافة الجزائرية.
بعد ذلك كانت مداخلة وجيزة للناقد السينمائي علاوة حاجي، ويقول هذا الكاتب الشاب إنه ينحني احتراما لهذه التجربة، ويقف وقفة احترام أمام قصة تعرف عبد العزيز غرمول على عاشور فني، عن طريق قصيدة سنة 1979، واعتبر هذا الأمر بمثابة القدوة للأجيال الحالية، حيث تمّ ذلك في غياب التواصل الإلكتروني حينذاك. كما تساءل علاوة حاجي حول تجربة فني الإلكترونية وأهميتها بالنسبة له. وفي جوابه اعتبر فني بأن حاجي حالة متفردة، إذ أنه من قرية لا تصلها الجرائد والمجلات، وكان عليه الذهاب إلى مقهى أنترنت للكتابة والتدوين، وظلّ يكتب ويكتب إلى أن قرّر جمع ما كتب ونشره. وقال فني إنه يحترم ذلك عند حاجي، الذي ينتمي لجيل مختلف هو جيل الشبكة العنكبوتية ومواقع التواصل الاجتماعي، جيل له نظرته المختلفة عن الكتابة والأدب والشعر. وبخصوص تجربته مع المدونات والمواقع الإلكترونية، قال فني إنه يوظفها ليس فقط للكتابة والنشر والتواصل، وإنما أيضا في نشاطه الأكاديمي وعلاقته مع طلابه بالجامعة، فهو ينشر دروسه على الموقع، وللطلبة أن يطرحوا أسئلتهم هناك، بالإضافة إلى توزيع الأعمال والفروض والمواعيد الهامة والنقاط، وغير ذلك من مظاهر النشاط الجامعي والأكاديمي. ومن هنا نلمس الأهمية التي يوليها فني للتواصل، وهو يوظف بطريقة جلية ما تتيحه تكنولوجيا الاتصال الحديث من فرص تفوق بكثير ما كان متاحا في الزمن الذي أسهب عاشور فني في وصفه، حينما اجتمعت صعوبات النشر والكتابة والتعلم، لتشكل معا صعوبة الإبداع الثقافي.
المدونات والمواقع الالكترونية، ليست للكتابة فقط بل للتواصل.