ذكر الشاعر عاشور فني بأن جريدة “الشعب” شرفته إن اعتبرته شخصا بإمكانه أن يتحدث عن تجربته البسيطة، تجربة جيل الاستقلال الجيل الذي بدأ التجربة من الصغر في بدايات 1962 وربما الأجيال التي جاءت بعدهم أكثر حظا ليتحدث أيضا عن الأجيال التي جاءت قبل تجربة جيلهم ربما كانت أسوأ، لكن جيله في ما يتعلق بحياة الفن بشكل عام وفي خضم الحديث عن تجربته البسيطة متنقلا من أمثلة عاشها وأخرى أوجدتها الظروف يقول الشاعر فني، بأنه في طفولته لم يعرف حذاءً، أي بمعنى انه لم يلبس حذاء في طفولته لم يذهب إلى المدرسة لم يعرف ماهو الطبيب لم تكن هناك أدوية سوى الأعشاب، لم يكن هناك ملابس جديدة إلا في الأعياد، حيث كانت الألبسة معظمها تصنع في البيوت، حتى الألعاب لم تكن تشترى من الأسواق بل كانت تصنع من الأيادي الصبيانية المبدعة، حيث كانت المادة الأولية من الطين والأعشاب والأخشاب، ليقول أن الاستعمار لم يكن رحيما معهم وهم أطفال، ولم يكن رحيما مرة أخرى حينما سلط عليهم قوى أخرى باسم حرية التعبير، يقول عاشور بأنهم عرفوها في بلدان أخرى، في صورة منظمات مسلحة تقتل المثقفين وبالتالي ما عرفه جيلهم تمت إعادته في عمر كهولتهم حسب الأستاذ فني، ببساطة يقول لأنهم كانوا يحملون قلما مصنوعا من الخشب، اليراع حينما بدأ يتعلم القراءة والكتابة. فإلي جانب تعلمهم الحرف البسيطة كالسمق والدواية واللوحة كانوا يتعلمون من خلال هذه الأشياء الدقة والتركيز، التي قامت عليها مدارس القران، فيتحرى الطالب الدقة في الحفظ وإعادة القراءة، وكان الويل للواحد منهم إن لم يحفظ القران فقد يتعرض إلى عقاب شديد، كانت تلك طريقة مثلى في الحياة وفي هذا السياق يتذكر عاشور فني حادثة وقعت له مع أحد زملاءه خريج الزاوية لأن ضيفنا هو خريج المدرسة القرآنية في البيت، فكان يقول له يمكنني أن أقف هنا وأنظر إلى الطلبة وأعرف من خلالهم من تعلم في الزاوية ومن جاء مباشرة إلى الجامعة، الشاعر عاشور فني من خلال طفولته التي عاشها بشكل من الحرمان يقول أنه فخور بها لأنها محرومة لكنها مقتنعة بهويتها ـ وكانت الجزائر في تلك الفترة في لحظة تحولات عميقة، يقول عن البداية التي كانت صعبة ثم ما لبثت إلى أن أصبحت أصعب مقارنة مع التحولات التي عرفها جيلهم في الثمانينات والتسعينات، أما الفترة التي يراها هو أكثر ثراء بالنسبة إليه هي فترة السبعينات عندما فتحت المدارس والثانويات والجامعات.
