على المؤسسات الاقتصادية المساهمة في تمويل الفعل الثقافي
على هامش افتتاح المهرجان الوطني لأغنية الشعبي، التقينا وزير الثقافة عزالدين ميهوبي، الذي تحدث إلينا عن مختلف القضايا الثقافية، على رأسها إعادة تنظيم المهرجانات حسب الجدوى والمردودية، والسهر على توزيع أحسن للمهام، إضافة إلى إعادة بعث مهرجانات اختفت رغم نجاحها وتميزها.. كما كشف الوزير عن توزيع ما تمّ تسجيله من التراث الغنائي الجزائري، وعن جديده الأدبي قال: «انتظروني سبتمبر المقبل».
عن سؤالنا بخصوص إيجاد تدابير جديدة من أجل جمع التراث اللامادي وحمايته من الزوال، قال ميهوبي إن وزارة الثقافة قامت بعمل كبير عن طريق مؤسساتها، أولا على صعيد التدوين والتوثيق وحفظ التراث الغنائي الجزائري، وتمّ ذلك من خلال الديوان الوطني لحقوق التأليف والحقوق المجاورة الذي قام بتسجيل أكبر عدد من الأعمال الموسيقية لكبار الموسيقيين مثل أحمد سرّي والفرقاني والغفور وغيرهم من الأسماء والمراجع في الأغنية الأصيلة، فضلا عن العمل المتواصل الذي قامت به نفس المؤسسة في حفظ ذاكرة كبار الأسماء الفنية الجزائرية، «وفي خطوة مستقبلية سنوزع هذه الأعمال المسجلة على المكتبات الصوتية للمكتبات الرئيسية والعامة، وعلى الجامعات ودور الثقافة، وهناك أيضا نسخ للإذاعات المحلية، لأننا لا نريد تخزين هذه المادة بل نريد لها أن تستثمر، نتكلم كثيرا عن الثقافة الاستثمارية وليس الاستهلاكية، هذه الأخيرة هي مكرّسة، ولكن الثقافة الاستثمارية تركز على الإنتاج». كما أشار الوزير إلى المركز الوطني لبحوث ما قبل التاريخ والأنتروبولوجيا، الذي يقوم بعمل كبير في حفظ التراث اللامادي، إضافة إلى دور عديد الجامعات من خلال المعاهد التي تعنى بالثقافة الشعبية.. «الآن كيف نجعل كل هذه الأجهزة تعمل ضمن رؤية واحدة وهي حفظ التراث الوطني؟ هذه العملية متواصلة».
وعن المهرجانات الثقافية المختلفة، يقول ميهوبي: «المهرجان الذي يفرض نفسه ونجاحه سيستمر، والمهرجان الذي يعرف تذبذبا وعجزا فندعوه لأن يحسّن أداءه، ولا نؤذي أي مهرجان ولكننا قد نجعل بعض المهرجانات كل سنتين، حتى يكون التحضير لها جيدا».. معتبرا أن بعض المهرجانات تأخذ أغلفة مالية كبيرة ولكن مردودها محدود، ومهرجانات أخرى تبدأ محلية وفي اختتامها يعلن على أنها ستصير دولية، «هذا منطق مقلوب وغير مقبول، هناك لجنة ستشتغل على وضع نظام خاص بالمهرجانات وتحدد لكل منها معاييره، وهناك أيضا نقاش كبير مع المشرفين على المهرجانات لتحديد المدة التي يعدّ ويقدم فيها كل مهرجان.. قد نجد أربعة أو خمسة مهرجانات بنفس العنوان، وكل منها له ميزانية ومحافظ، هذا فيه تفتيت للمضمون ونفضل أن تجمع هذه المهرجانات في مهرجان واحد كبير وقوي، على أن ينظم كلّ مرة في منطقة مختلفة مثلا.. يجب أن نبحث عن الجدوى من المهرجان والإضافة الفنية، وبمجرد انتهاء كل تظاهرة يجب أن نقوم بتقييمها، على صعيد حضور الجمهور، القيمة المضافة وغير ذلك».
تعددت المهرجانات والمحافظ واحد
وقال الوزير، إن بعض المهرجانات نلاحظ فيها حضور نفس الوجوه كل سنة، وكأنها عبارة عن «إعادة بث» وهذا «غير مقبول ويجب أن يكون هناك تجديد. هناك أيضا محافظون يشرفون على أكثر من مهرجان، وكأنهم محافظون دائمون»، الثقافة ينتجها المجتمع ومن يقوم بإدارة هذه التظاهرات يجب أن يكونوا مهنيين واحترافيين، والإدارة دورها الرقابة والمتابعة والتقييم».
وبالنسبة للتمويل، يقول: «لا يجب أن ننتظر فقط ما تقدمه الدولة، فالمؤسسات الاقتصادية أصبحت قادرة على أن تشكل داعما مهما في هذا المجال، هناك مؤسسات رغم صغرها تقوم بالدعم، يجب أن ننتقل إلى مرحلة أخرى من تحسين أداء مهرجاناتنا». ويضيف: «عدد المهرجانات سيتقلص دون أن يتم إلغاؤها، ولكن بالمقابل سنردّ الاعتبار لبعض المهرجانات التي توقفت، مثل المهرجان المتوسطي للسينما بعنابة، ولا ندري لماذا نوقف مهرجانا من هنا وننشئ ثلاثة مهرجانات من هناك».
الوزير لم يطغ على الشاعر
أما عن النسخة الاستثنائية لمهرجان وهران بقسنطينة، التي أعلن عنها في عهد الوزيرة السابقة لعبيدي، قال الوزير إن الأمر لن يكون بمعنى المهرجان أو الطابع التنافسي، ولن يعدو الأمر عن كونه تقديم عروض لأفلام ترفع تقديرا للجهود التي قام بها السينمائيون في الشام، وهو مطلب عدد من السينمائيين الجزائريين وكذا من ضيوفنا، وهو التزام سابق وأنا إنسان يحترم الالتزامات السابقة فقط سيكون ضبط الرؤية.
وعن سؤالنا عمّا إذا كانت مهام الوزير قد طغت على اهتمامات عزالدين ميهوبي الشاعر والكاتب، يجيب: «لا أعتقد بأن هذه أول مسؤولية أتقلدها، وكنت في كل مرة أواصل الكتابة والإبداع ولا أتوقف، وهناك جديد وسيظهر إن شاء الله في سبتمبر».