منحوتات تجسّد المرأة، الانتظار وعودة الأرض

قسنطينة: أحمد دبيلي

هموم الفنّان الفلسطيني واحدة رغم تعدّد المشارب 

يعرض حاليا بقصر الثقافة محمد العيد آل خليفة، الفنان التّشكيلي الفلسطيني زكي سلام، وهذا في إطار فعاليات الأسبوع الثقافي الفلسطيني، ضمن تظاهرة قسنطينة عاصمة للثقافة العربية 2015، هذه المشاركة التي استقطبت الكثير من الزوار، المتعطّش للتعرف على إبداعات الآخر من خلال أعمال فنية مميزة، خاصة وأنّ الأمر يتعلق بمنحوتات تعكس الحياة اليومية للمرأة الفلسطينية التي تنظر مساء عودة الرجل، الذي خرج صباحا ومن الممكن ألاّ يعود في ظل الاحتلال الصهيوني للأراضي الفلسطينية المحتلة.
 
في انتظار عودة الرّجل..؟  

يقول الفنان زكي سلام، من خلال هذا الحوار القصير الذي خصّ به “الشعب”، إنّ أعمال هذا المعرض الذي عنونه بـ “المحور” ويتضمن 33 منحوتة من الرخام والجص “هو عبارة عن إفرازات الصراع العربي الإسرائيلي، من خلال الحياة اليومية للفرد الفلسطيني والإنسان عامة، حيث عالجت الموضوع كما قال من الجانب الوجداني الصرف، فالفكرة الرئيسية التي عملت عليها  تدور حو سيدات ينتظرن عودة أزواجهن.
«منذ طفولتي وأنا أعيش في المخيم كنت أتطلّع إلى هؤلاء النسوة وهن يجلسن ينتظرن شيء ما؟ ولاحظت أن هذا الانتظار كان بسبب غياب الرجل، فالرجل غالبا ما يكون أسيرا أو شهيدا، وفي أحسن الظروف يكون قد توجّه للاسترزاق في أرض الله الواسعة، فهؤلاء النسوة يواجهن أثناء هذا الغياب للرجل ظروفا صعبة في ظل الاحتلال الصهيوني، من تشرّد وطرد وتعسّف وسجن، فالمرأة الفلسطينية تعيش مشكلة مركبة، فهي تقوم أحيانا بدور الرجل والمرأة في نفس الوقت، وهذا في انتظار هذا الرجل الذي قد لا يعود، وهن من جهة أخرى ينتظرن أيضا عودة هذا الوطن، الذي عاش ويعيش تحت الاحتلال، والذي دون شك سيعود يوما ما”.
الفنّان من يعبّر عن مشاعره الصّادقة
وعن الهاجس اليومي للفلسطينيين وانعكاساته على الأعمال الفنية المختلفة لمختلف المبدعين الفلسطينيين، يقول الفنان التشكيلي زكي سلام: “أنا مثلا كفلسطيني، ليس خيارا أن أناضل بالفن، لأن الفنان الحقيقي هو من يعبّر بمشاعره الصادقة تجاه الحياة، وأي كانت هذه الحياة وعلى اعتبار أنّني في مركز الحدث، وهذا الأخير يؤثر عليّ بشكل مباشر، فأجد نفسي كفنان ملتزم بقضيتي الفلسطينية، لأنّني دائما في قلب الحدث ولست متفرّجا عليه، ولهذا تجدني أصنع أعمالا تخصّ القضية الفلسطينية وعلاقتها بالصراع الإسرائيلي”.   
وإذا كانت الحركة الفنية الفلسطينية تتقيد بمدرسة فنية معينة، يضيف المتحدث: “إنّ الفنانين الفلسطينيين ليسوا قابعين في مكان معين، فجزء منهم في فلسطين والبقية المتبقية في أماكن أخرى من هذا العالم، فنجد بأن الفنان الفلسطيني شرب من منابع فنية عديدة، ورغم هذا الزخم والتنوع والاختلاف تبقى القضية الفلسطينية هي القضية الأم التي تجمعهم حول هذا القاسم المشترك، فبمجرد أن يريد الفنان الفلسطيني التعبير عن نفسه حتى يجد نفسه داخل هذه الحلقة، التي تطرح مشكل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي وإفرازاته المختلفة الوجوه والمشارب”.
التّبادل الثّقافي..أرقى درجات التّواصل
وحول الاحتكاك الفني بين الفنانين التشكيليين الجزائريين والفلسطينيين، ومدى الاطلاع على ثقافة الآخر، خاصة وأن مثل هذه التظاهرات تكشف اللون الآخر للطرف الثاني قال زكي سلام:
«..للأسف، كل من الفنان الفلسطيني والجزائري يعرفون عن الآخر أكثر من معرفتهم ببعض، وهذه المشكلة تحتاج إلى رؤية جديدة للتواصل بين المثقفين، وأيضا المؤسسات، حيث يجب البحث عن طرق أخرى لربط المثقفين من بين كل سواحل الدول العربية، فهم شعب واحد عبر التاريخ وأحيانا دولة واحدة، فهناك تاريخ مشترك ويبقى التبادل بين الثقافتين من أرقى مراتب التواصل الذي يحتاج إلى تفعيل مؤسساتي”.  
وخلص النحات الفلسطيني إلى كون الأسبوع الثقافي الفلسطيني، في قسنطينة عاصمة الثقافة العربية 2015، هي محطة أولى في هذا التفاعل الثقافي بين الشعبين، حيث عبّر عن مدى إعجابه واندهاشه للعدد المميز من الزوار، حيث جلبت منحوتاته أنظارهم، ومنذ اليوم الأول من عرضها وهو يفسر ـ كما قال ـ اهتمام الجزائريين بالقضية الفلسطينية، باعتبارهم أيضا في قلب الحدث، وهو الصراع العربي الإسرائيلي وقضية استقلال أرض فلسطين، التي عانت ويلات الاحتلال ولما يقارب من ثمانية عقود.   

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19522

العدد 19522

السبت 20 جويلية 2024
العدد 19521

العدد 19521

الخميس 18 جويلية 2024
العدد 19520

العدد 19520

الأربعاء 17 جويلية 2024
العدد 19519

العدد 19519

الثلاثاء 16 جويلية 2024