وثائق نادرة، وعتـاد حربـي يــؤرخ للثـورة الجزائريـة
كان واجهة الزوار هذه الايام التي تصادف الاحتفالات بعيد النصر لما يتضمنه من وثائق، صور تؤرخ لحقب من تاريخ الجزائر القديم والحديث.” الشعب” توقفت عنده وترصد تفاصيل عن متحف المجاهد بقالمة . والمؤثر في كل هذا القصائد الشعرية التي كتبها الرئيس الراحل بومدين تظهر انه ليس فقط رجل عسكري وسياسي، بل شاعر مبدع.
يحتوي متحف المجاهد بقالمة على الكثير من المقتنيات التي تنعش ذاكرة الاجيال، حيث يعود بزواره إلى تاريخ الجزائر العريق، فمن تطأ قدماه أول قاعة من قاعاته، يجد الكثير من المقتنيات ذات الأهمية التاريخية، تخلِّد ذكرى الأجداد والشهداء على حد سواء.
العديد من أسماء الشهداء البارزين رصّعت في مقدمة المتحف، ويمكن للزائر أن يستطلع بعضاً مما خلفوه من بزات وأحذية عسكرية، وأجزاء لوسائل استعملت خلال النضال التحرري.
وربما تميز متحف المجاهد بقالمة عن غيره من المتاحف، كونه يحمل بعضا من أغراض الرئيس الراحل هواري بومدين، الشخصية الرمز الذي عرف بأنه رجل الحرب والميدان، ولم يتوان في دعم أي قضية عربية أو تحررية عالمية عادلة. عُرف عنه بأنه شخصية فذة، ستظل راسخة في أذهان الجزائريين حتى بالنسبة لمن لم يعاصروه من جيل شباب اليوم، فهو حاضر في وجدان الجزائريين، حيث استطاع أن يبرز على الساحة الوطنية كزعيم فاعل ومؤثر. هذا ما أكده من وجدناهم في المتحف يتابعون باهتمام الحقب التي تؤرخ لها في جزائر البطولات والأمجاد.
متحف المجاهد بقالمة خلد ذكراه من خلال أغراض تسلمها المتحف من زوجته، حسب ما صرح به مدير المتحف شعباني ياسين لـ«الشعب”. ومن أبرز تلك المعروضات قصاصات صغيرة بها أبيات شعرية كتبت بيده، وجدت في بدلته عندما سلمت لمتحف المجاهد بقالمة، جاء فيها بعض العبارات:
لتحيا الجزائر وشعب الجزائر..
فضرب وثائر على العاصية..
فشعب الجزائر شعب أبي..
وما كان يوما سوى عربي..
وكل من يقرأ تلك الأبيات لا يستغرب ما جاء فيها، لأن الجميع عرفه بوطنيته العالية، فهو الرجل الذي قال فيه وزير الخارجية الامريكي هنري كسنجر: أشياء تبرز مواقفه، وهو صاحب المقولة الشهيرة والتي كانت شعارا للاسترتيجية الخارجية للجزائر “نحن مع فلسطين ظالمة أو مظلومة”، كما يشهد له التاريخ بأنه كان له السبق والشجاعة والجرأة النادرة، أن وقف على منبر الأمم المتحدة لأول مرة وخاطب مختلف الدول بلغة عربية فصيحة، قلما يتحدث بها جهابذة وفطاحل اللغة، في زمن ارتد وانتكس الكثيرون من القادة العرب، حيث كان بومدين مقتنعا بضرورة استعادة العربية لسيادتها في الجزائر.
جناح خاص بصور الشاب بوخروبة
ويتضمن متحف المجاهد بقالمة جناح خاص يسلط الضوء على مسار الرئيس الراحل هواري بومدين، وذلك من خلال صور فوتوغرافية له وهو في ريعان شبابه من بينها: صور عشية التحاقه بالقاهرة سنة 1953، وأخرى برفقة القائد عبد الحفيظ بوالصوف، وشيروف الشخصية التي صاحبته من قسنطينة الى عاصمة المعز الفاطمي القاهرة. كما تنوعت الصور مع زعماء ورؤساء دول عربية وأجنبية.
واحتوى الجناح أيضا صورا توضح مكانة الرجل الذي اعتبر من طينة الشخصيات التي قل نظيرها في هذا العالم، أين لمحنا بطاقة معلقة بالحائط مع مجموعة من الصور إلى جانب بعض رفقاء السلاح.
وطلبنا قراءة ما تتضمنه، حيث قال مدير المتحف بأنها بطاقة صدرت في 1 فيفري 1959، توضح صورة الرئيس الراحل هواري بومدين مكتوبة باللغتين الفرنسية والعربية “رئيس القيادة العسكرية القطاع الغربي الجزائري صاغ ثاني”.
ولم تتوقف “الشعب” عند تلك المعروضات، بل أرادت تسليط الضوء أيضا على كل ما اقتناه المتحف من أغراض للراحل الهواري بومدين، حيث تضم التشكيلة 10 قطع من الألبسة منها بدلات رمادية مخططة من ثلاثة قطع، لباس للنوم، قميص عسكري وبدلة عسكرية لبسها القائد هواري بومدين عشية الإعلان عن التصحيح الثوري 19 جوان 1965، بالإضافة إلى برنوس أسود وطاقية، معطف بني، وكذلك صدرية للصيد هدية من زوجته، وسترة بنية اللون كان يلبسها قائد الأركان هواري بومدين أثناء تنقلاته إلى خارج الوطن، إلى جانب نظارات شمسية وأخرى طبية، ميدالية فضية أهديت للرئيس الراحل من طرف البنك المركزي، كما تضمنت أغراضه بالمتحف مصحف شريف، وعلبة سيجارة من جلد التمساح وعلبة للدواء.
«متحف ينقصه الكثير من الاهتمام ليستقطب الزوار”
وفي الجناح أيضا 5 أربطة عنق خاصة بالرئيس الراحل، بجانبها صور له وهو يرتديها، وجواز سفر صدر بتاريخ 18 جويلية 1969 غير مستعمل، حيث يعتبر أول جواز سفر للجزائريين كما يملك المتحف شهادة ميلاد أصلية له.
«الشعب” وخلال تجوالها بالمتحف، أرادت معرفة آراء بعض الزوار، حيث أجمعوا على أن “متحف المجاهد” ما زال ينقصه الكثير من الاهتمام، ليستقطب الزوار من مختلف الفئات، والكثير ممن لا يزالون يجهلون مكان تواجده، لغياب لافتة تدل على ذلك، وطالبوا من السلطات الولائية التعريف أكثر بما يملكه المتحف من ثروة تاريخية تمجد بطولة شعب بأكمله.