نظمت مؤسسة فنون وثقافة لولاية الجزائر، يوم الإثنين، لقاءً مع المجاهدة يمينة شرّاد، والباحث ومدير الثقافة السابق رابح زغدان، تطرقا فيه إلى مغزى عيد النصر والشحنة التاريخية، الثقافية والهوياتية التي يحملها هذا اليوم.. وفيما عرضت شرّاد تجربتها كمثقفة وكامرأة خلال حرب التحرير، عرّج زغدان على دور الجزائر الدبلوماسي الذي رافق العمل العسكري، وكانت النتيجة انتصار الثورة الجزائرية المباركة.
المجاهدة يمينة شرّاد من مواليد مدينة سطيف، حاصلة على شهادة ممرضة من المدرسة الفرنسية سنة 1953، عملت سنتين بمستشفى سطيف قبل أن تلتحق بصفوف جيش التحرير الوطني سنة 1956، وكان نشاطها بالولاية الثانية (الشمال القسنطيني)، أين كانت تداوي المجاهدين والمواطنين إلى غاية الاستقلال.
وقد أشارت “الشعب” إلى قرب عيد المرأة 8 مارس من عيد النصر 19 مارس، وهو ما يدفع إلى التساؤل عن نظرة المجتمع للمرأة المجاهدة، وعن مدى تقبل العائلة لفكرة أن تلتحق ابنتها، آنذاك، بصفوف المجاهدين في الجبال، وعن هذا السؤال أجابت السيدة شرّاد: “لا أذكر أن ذلك قد لاقى معارضة تذكر.. لقد ولدت ونشأتُ في عائلة وطنية مسيّسة، وكان والدي وأختي الكبرى قد درسا باللغة العربية.. ماي 1945 أيقظني، فقد رأيت فضائع الاستعمار الوحشية، وحينما بدأت العمل مع الثوار في البداية لم أقل شيئا لعائلتي، إلى أن أتى يوم وتعرضت إلى إطلاق النار، وهنا لم أستطع الإبقاء على نشاطي سرّا، وأختي الكبرى (أخت غير شقيقة وتكبر والدتي بثلاث سنوات وهي التي قامت بتربيتنا)، لم تعارض نشاطي، ولكنني فضلتُ الصعود إلى الجبل وأخبرتُ إخوتي بذلك ولم يعارضوا، وكان الأصعب إطلاع أمّي المريضة على الأمر ولكن موقفها لم يختلف عن باقي العائلة”. وتضيف السيدة شرّاد لـ«الشعب”: “ما بقي راسخا في ذهني هو الشجاعة التي تحلت بها أمّي وأختي، هذه الأخيرة رافقتني إلى السيارة التي أقلّتني إلى صفوف المجاهدين بالجبل”.
من جهته قال الباحث في الحركة الوطنية ومدير الثقافة والإعلامي السابق، رابح زغدان، لـ«الشعب”، إن هذه المناسبة محطة مهمة في تاريخ الثورة، وجاءت تتويجا لكفاح شعب رافض للمعاناة والاستعباد، والقتل والتدمير، الذي فرضه عليه الاستدمار الفرنسي.
وذكّر زغدان برمزية شهر مارس لدى الجزائريين، فهو شهر الشهداء الذي سقطت فيه أسماء عديدة في ميدان الشرف والجهاد، كما تطرق إلى كون عيد النصر قد بيّن للرأي العام الدولي أن الثورة الجزائرية ثورة مباركة، دحضت الطرح الفرنسي الذي ما فتئ يردد للعالم أن الجزائر فرنسية.. “هذا النصر مكّن الجزائر من احتلال عدة مناصب في منابر مهمّة”، يقول محدثنا، مشيرا إلى الحضور الدبلوماسي الكبير للثورة الجزائرية في مختلف المفاوضات مع المستعمر، وكذا حضورها في المحفل الدولي أين طرحت في عديد المرات أمام أعضاء الأمم المتحدة. “لقد تأتّي ذلك بفضل أبنائنا، وهم شباب في ذلك الوقت، الذين أحسنوا اختيار توقيت وطريقة المفاوضات.. إن قوة الثورة هي التي فرضت على ديغول الرضوخ لسياسة المهادنة وكان بذلك 19 مارس ثم 5 جويلية عيد الاستقلال”.
ولا يرى زغدان بأن عيد النصر لا يلقى الاهتمام الكافي على غرار أعياد أخرى مثل الاستقلال واندلاع الثورة التحريرية، بل ذهب أبعد من ذلك حينما قال لنا: “يجب علينا أن نتذكر كل محطات الثورة، وأن نحتفل بها، كل أيام وشهور ثورتنا هي أعياد للشعب الجزائري”.