تقول الفنانة لبنى شويعل إنّ المتعارف عليه في مجتمعنا سلبيته غير المقنعة من عمل المرأة، ولكن عندما نتلمس الواقع الحي والمعاصر نجد بأنّ المرأة حالها حال الرجل في النجاح والفشل، وحيثما وجدت تعمل في بيئة صحية ومثالية ستكون معرضة للتقييم، تنجح أو تفشل على حد سواء.
وتتوقّف الفنانة لبنى عند مصطلح «امرأة»، وترى فيه هذا المعنى العميق الذي ينضح بالسلام والفن والسحر والمعجزات، فبغض النظر عن مستواها الثقافي تبقى المرأة الشرنقة التي تنبثق منها حضارات وثقافات شعوب وأمم، ولها عن ذلك جزيل الشكر والعرفان. أما فيما يتعلق بواقع المرأة المثقفة، فهنا يمكن القول إنها شقت طريقها في ميدان الثقافات والعلوم، وانتزعت مكانتها فارتقت لتكون الوزيرة والسياسية والأستاذة والفنانة.
من جهة أخرى، تقول لبنى إنّه من الواضح أنّ شح وندرة الأعمال الفنية ليس راجعا لنقص في الإبداع أو الحس الفني للفنانة الجزائرية، وإنما للعراقيل التي تعترض طريقها نحو النور، كضعف الحركة الثقافية وطنيا وولائيا، فمعظم التظاهرات تتمثل في الأسابيع الثقافية المنظمة على مستوى دور الثقافة، أضف إلى كذلك العوائق المالية، القانونية والهيكلية.
إنّ من أبرز معيقات الثقافة في ولايتنا قالمة، تقول لبنى شويعل، هو عدم توفر البنية التحتية المناسبة لاحتضان التفاعلات الثقافية المختلفة، كالمعارض والندوات، وصعوبة الحصول على المنشآت الموجودة، كالمسرح الروماني الذي يسلّم بتصريح مباشر من الوزارة، كما أنّ استغلال المسرح البلدي مكلف باعتباره صرحا تجاريا، دون أن نذكر البيروقراطية والوضع القانوني والاجتماعي للفنان.
«كل ما ذُكِر جدير بأن يُنضِب أي نبع فني أو ثقافي، إلاّ أن ما يجعل فناناتنا ينشطن في الظلال أو ما يجعلهن يعلن خمود شعلة فنهن هو المجتمع بجدارة»، تقول لبنى مضيفة: «فالفنانة قبل كل شيء هي امرأة، والمرأة هي الضلع الأعوج الدائم التبعية للرجل فلا فرق بين مثقفة وأمية مادامت نهايتها خدمة زوج وإنجاب أطفال».
وتعتبر لبنى بأنّ خوف المرأة من سخرية المجتمع من ثقافتها وفنها جعلها تتخلّى عن أحلامها، لتتّقي شرّ سلاطة لسان مجتمع ذكوري احترف الجهل والقمع، أو أن تعتمد الازدواجية فتتخفى تحت اسم مستعار حتى تمارس حقها في الوجود والتفكير منتهجةً خطى آسيا جبار وميساء باي وأخريات. إنّ المرأة نبض الحضارات والمجتمعات، وإن أردت قياس تقدم أمة فانظر إلى ثقافة نسائها.
وعن نشاطاتها الفنية تتحدّث لبنى عن مشاركات في عدة مجالات، كالرسم والشعر والمسرح والتصوير الفوتوغرافي: «أول مشاركاتي من خلال دار الشباب حي الإخوة رحابي بڤالمة في معارض للرسم. بعد التحاقي بالجامعة كطالبة للأدب الفرنسي اكتشفت شغفي بالمسرح، فكانت مشاركاتي في عدة مسرحيات كممثلة تحت إشراف الأستاذة الملهمة أمال معافة، وككاتبة لمونولوغ تحت عنوان المرأة والمجتمع، والتي شاركت في مهرجان المسرح الجامعي بقسنطينة».
وتضيف لبنى قائلة: «لكن أهم نشاطاتي كانت في مجال التصوير الفوتوغرافي، فشغفي بهذا الفن يعود إلى طفولتي، حيث اهتممت به وسعيت إلى تنمية قدراتي في هذا المجال، وصُقِلت موهبتي عند التحاقي بنادي «Lumière» للتصوير الفوتوغرافي، تحت إشراف الفنان الأستاذ رشيد مرزوقي، قدّمت عدة معارض على مستوى جامعة 8 ماي 45، كذلك معرض في المغرب بالتنسيق مع « bureau universitaire de la francophonie «. كل نشاطاتي كانت نابعة عن حبي لفن التصوير الفوتوغرافي، وهو الأمر الذي حاولت إيصاله لطلبتي (طلاب ماستر إعلام واتصال بجامعة قالمة) كأستاذة مقياس التصوير الفوتوغرافي، وذلك بإقامة ورشات تصوير ميدانية خارج الحرم.
وعن طموحها تقول الفنانة والأستاذة لبنى شويعل: «كأمرأة يتلخص طموحي ببساطة في السعي والمثابرة في إحلال نظرية المساواة بين الجنسين في مجتمعي، فأنا من الدعاة لهذه النظرية والمتعصبين لتحقيقها. فالمرأة في مجتمعنا، رغم القانون، لا تزال تعيش فقدان الإيمان بالذات والثقة في النجاح والتفوق دون الخضوع للإحساس بالدونية التي رضعتها حتى الثمالة منذ الصغر». مضيفة بأن حلمها هو أن تساهم في نشر ثقافتنا المتنوعة، وأن توصل إلى أبعد الحدود صورة المرأة الجزائرية القوية، التي تمخض من رحمها أبطال الوطن وشهداؤه. «إن رفع التحدي لإيصال صورة المرأة الواثقة والمتسامحة مع ذاتها هو التزام ألتزم به حتى أحقق هدفي، وهو إبراز عظمة الأم والأخت والفنانة الجزائرية ذات الصوت المسموع والفكر المتحرر»، تخلص لبنى شويعل.