يبحث إشكالية صعوبة تحليل النصوص المتصوّفة

«تجليات القراءة الصوفية» محور ملتــقى وطنـي بالمديـــة

المدية: م.أمين عباس

تحت الرعاية  السامية لرئيس الجمهورية، واحتفالا بستينية الثورة، تنظم كلية اللغات والآداب بجامعة الدكتور يحيى فارس بالمدية، يوم غد الأربعاء وعلى مدى يومين، الملتقى الوطني الأول بعنوان «تجليات القراءة الصوفية».. ويتطرّق الملتقى إلى ما تحتله الممارسة العرفانية من مجال واسع في الثقافة الإنسانية عموما والثقافة العربية والاسلامية على وجه الخصوص، وهو ما يتجلى في المكتبتين العربية والعالمية.

تؤكد إشكالية هذا الملتقى على أن الكشف عن هذه الممارسة العرفانية، وتسليط الضوء على محوريتها في مدونة التأليف الإنساني، يشكل الحاجة الأكثر إلحاحا والأشد اهتماما بين الباحثين في الوقت الحالي، بعدما انتهت التيارات العلمية التي كانت إلى وقت قريب تشكل خيارا مقدسا لدى أغلب الأوساط المعرفية إلى نتائج مخيبة للآمال، بعد الضريبة الباهظة التي قدرت بدماء الملايين من الشعوب التي انتهت إلى نقطة اللا مرور إلا عبر بوابة الدم.
ولعلّ آخر فصول الانغلاق ما عرفه العالم في وقت قريب تحت ما يسمى بالحربين العالميتين الأولى والثانية، إضافة إلى الحروب التي تبعتها ولا تزال متواصلة لحد الآن في أوروبا الشرقية والشام والعراق وفلسطين والقرن الأفريقي، وكثير من نقاط الصدام في القارة السمراء.
وقد انكشف هذا الوضع، وهذه النتائج المأساوية، عن ظهور أصوات تتعالى يوما بعد يوم، وتشدّد بصورة تزداد انتشارا بشكل تصاعدي مثير على ضرورة إعادة صياغة قناعات الإنسان الفكرية بالعمل على صياغة الخطاب التربوي والتوجيهي في التعليم وفي المساجد وفي مختلف القطاعات، إضافة إلى القطاع الرسمي، بالشكل الذي يكون أكثر وظيفية، وأكثر فاعلية في صياغة وصناعة مشاريع المحبة والسلام، وإثر ذلك كان الحديث عن التصوف والممارسة الصوفية أحد أوليات هذه الأصوات، إذا لم يكن كل الأولية.
 وفي السياق العربي انكشف هذا التحوّل على مشهد أكثر إثارة، خصوصا بعد أن وضع أدونيس عنوان «المواقف» لدورية تعنى بالإبداع، تيمّنا بكتاب «المواقف والمخاطبات» للنفري الذي قدمه أدونيس على أنه مثال قديم على تجربة جديدة، يمكن أن تفيد العناية بها إعطاء هاجس الحداثة دفعا قويا يخلصها من التيه الذي أحدثه فيها الاحتكاك العربي المبدع بالزخم الثقافي في المجتمع الأوروبي.
وقبله بعقود كانت أفضال الأمير عبد القادر الجزائري تصنع الحدث، وتؤكد سلامة الخيار وقداسته، بعدما شاع وذاع صيته في الآفاق إثر إنقاذ آلاف المسيحيين من مذبحة وشيكة في الشام.
وعلى ضفاف الأناضول كان بديع الزمان النورسي يؤكد على نورانية الخيار في كليات النور التي ظلّت ولا تزال تنير الفكر الإنساني في تركيا والنقاط القريبة منها، غير أن المتابع العربي الذي وجد نفسه أمام ثروة إبداعية عربية سبقت مثيلاتها في الغرب بقرون، أضحى مرهقا أمام أمور لم تخطر على باله، بسبب طبيعة التنميط النصي لدى المتصوفة.. فالممارسة النصّية الصوفية هي ممارسة لها منطقها الخاص، وهذا المنطق شكل في بنيته العامة محاولة معرفة خاصة تشكل قراءتها عملا يكاد يكون صعبا، بسبب العجز الصريح للغة في الكشف عن الدلالات، مما يحيل أي عملية تحليلية ما، لأي ممارسة نصية صوفية، دائما على زوايا للمقاربة تسعى إلى الاقتراب من الحقيقة دون الإمساك بجوهرها.
هذا وفيما سيتابع المدعوون لهذا الملتقى في اليوم الأول لمحاضرة افتتاحية بعنوان (الفناء والفداء) عند الصوفية من طرف الأستاذ محمد بن حجر من جامعة المدية، سيكون هذا اللقاء الأكاديمي فرصة لبحث هذه الإشكالية من خلال التطرق والاستماع إلى نحو 24 مداخلة لأساتذة من داخل وخارج هذه الولاية وعلى رأسهم الدكتور محمد بن بريكة من جامعة الجزائر 02، على أن يختتم بقراءة جملة من التوصيات ذات الصلة بهذا الموضوع.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19629

العدد 19629

الجمعة 22 نوفمبر 2024
العدد 19628

العدد 19628

الأربعاء 20 نوفمبر 2024
العدد 19627

العدد 19627

الثلاثاء 19 نوفمبر 2024
العدد 19626

العدد 19626

الثلاثاء 19 نوفمبر 2024